ايام قرطاج المسرحية تحول لمهرجان هزيل في "حومة"
الثورة التونسية جائت لنا بالمشعوذ و صديقه و الجاهل و زميله
ليس لي اصدقاء في التلفزات فوقع اقصائي من المسلسلات
لا اترجى خيرا في مستقبل البلاد التونسية
حوار عزيز بن جميع
اللقاء مع الممثل و المخرج المسرحي محمد كوكة دائما ما يكون له رونق و طعم خاص فالرجل مثقف و في نفس الوقت جريئ و اذا اجتمعت الجراة بالثقافة يكون الحديث الصحفي دسم.
رحلة مع المسرح و مع الابداع لاكثر من نصف قرن و اعمال خالدة مثل الخطاب ع الباب و العاصفة و حكايات العروي في التلفزة و كاليغولا و قرطاج و ابن رشد و ريشارد الثالث في المسرح و مشاركات متعددة في مختلف الاعمال الفنية العميقة. مرة اخرى يختار محمد كوكة الظهور صحفيا معي بعد علاقة صداقة مهنية و انسانية امتدت على قرابة سبعة سنوات فكانت هذه خلاصة ما دار في جلسة مطولة معه.
* سيد محمد ماهو تقييمك بعد سنوات متعددة من اندلاع الثورة التونسية هل كانت مخيبة للامال ام موفقة؟
- يا خيبة الثورات . فجل الثورات عبر التاريخ اخفقت عموما فالثورة الفرنسية التي يعتبرونها النموذج حادت عن المسار التي بعثت من اجله و تولدت عنها انظمة ديكتاتورية و هبطت لمسالك فاشية و انجبت قيم ضد الانسانية و Condorcet و غيره حكم عليه بالقتل ظلما لانهم جائوا ضد فكر المجموعة و كذلك الثورة البولشيفية كان لها نفس المصير و هذا ما حصل اليوم الى الثورة التونسية التي هي حقا خطوة للوراء بسبب انحراف واضح لبعض القيادات السياسية لما يسمى بالثورة فكنا ننتظر الديمقراطية و حرية الراي بحيث وضعية البلاد تتحسن و تتطور الى مزيد من التحضر و الحق لكن هيهات. في تجارب الثورات عموما كانت النتائج وخيمة جدا . بالتالي الثورة التونسية لا تمثل استثناءا و انجر عنها تراجع و انحدار في المسار الاجتماعي و الثقافي و السياسي نتيجة ان المشعوذ و صديقه و الجاهل و زميله استولوا على الحكم و كانت الطبقة السياسية فيها ذات مستوى رديئ جدا . تصوروا ليس هناك اي سياسي له مشروع و البلاد في ضلال مبين و لا انا اترجى الخير في مستقبل البلاد و لا اترجى الخير من هؤلاء ما دامت الامور على هذا الحال من تفشي الجهل و غياب الوعي و التفكير انا خائف من مستقبل البلاد الحالي و الاني. فالمفكرون غائبون و هناك انعدام للمعرفة و غياب الافاق في ظل نظام ظلامي و رجعي من الناحية الفكرية و الاجتماعية.
* من السياسة الى المسرح ماذا عن عملك المسرحي الجديد سفر هل هو مختلف عما قدمته في السابق؟
- في العمل المسرحي في كل مشروع و تجربة طبيعي ان تتسائل عن قيمة اعمالك و عن الاشكال و اللغة و رسم الصورة في الحركة المسرحية و تضع نفسك في كل عمل في موضع مسائلة . في عملي المسرحي الجديد سفر حاولت تقديم صور جديدة دون نقل سطحي للواقع و بالبحث عن اشارات و اسلوب مسرحي بحت فالابتعاد عن الواقع يجعل المسرح معبر اكثر و هذا ما اكتشتفته فالمرجع الاساسي هو علاقة الممثل بالركح و الابداع و الخلق هو في ذكاء الممثل و ليس في التقليد الساذج للواقع و المباشرتية . و السر يكمن في ان الممثل يجد اسلوب حي و ذكي يعبر به يصل به للعمق.
سفر مسرحيتي الجديدة هي دراماتورجيا و اعادة صياغة امان النصيري
هي لقاء بين تايمور لانك و ابن خلدون و هي في صلب القضايا المعاصرة من تقهقر و تراجع و عنف و تطرف الذي يجعل العلاقات البشرية تعرف تناحرات خطيرة لا جدوى لها و هي من الاشياء التي تحملنا للهاوية . فالتاريخ كعلم استنبطه ابن خلدون ليس سرد للاحداث بل هو صراع بين الطبقات الاجتماعية المختلفة و اظن ان كارل ماركس حين توقع ان الخير سيكون نهاية الانسان خاطئ لان الواقع اثبت ان النهايات كلها شرور . و بالمناسبة اتوجه للفنان الصديق العزيز الفاضل الجزيري بالتحية الحارة لدعمه و احتضانه لهذا المولود المسرحي كذلك مركز الفنون بجربة.
الجديد و هذا ليس بغريب عنه.
* ماهو سر اقصائك من المسلسلات التلفزية؟
- سر اقصائي هو ان ليس لي اصدقاء و سند و افتقد الى صداقات في عالم التلفزة تجعلني تواجدي مستمرا في الشاشة الكبيرة على خلاف ذلك اجد فضاءا ملائما في المسرح فضاء فيه متعة و متنفس و فيه مجال اكثر للتعبير و الحرية فالمسرح هو فن يبحث عن المخفي و يعريه و يكشفه و يهذب التفكير و هو اداة معرفة فيها اكثر حميمية بين المشاهد و المتفرج. انا موجود حاليا على الركح باعمال جديدة و غائب تلفزيا.
* السينما انت مقصي كذلك و غير موجود؟
- تعاملت مع حمودة بن حليمة و مع مخرجين ايطاليين معروفين و تعاملت مع روبارتو روسليني و قدمت دور كبير معه و كانت لي مشاركة في فيلم دار الناس مع محمد دمق و فيلم مشكي و عاود لكن هناك اقصاء من السينيما في الاعمال الجديدة.
* ايهما اقرب الى قلبك يحي في العاصفة ام الامين في الخطاب ع الباب و لماذا؟
- الاثنان قريبان لقلبي لان الادوار وصلت للجمهور و كانت صادقة و تركيبة الشخصيتين النفسية كلها تعقيد كذلك دور المشحاح في حكايات العروي و خرج عن الصورة النمطية للرجل الثري البورجوازي الى شخصية بخيل تناولتها مع المرحوم المخرج الحببب الجمني باكثر عمق و الاعادات في التلفزة قربتني من الناس لليوم.
و هي فرصة لاؤكد ان اللعب في التمثيل مهم دون تقليد.
* كاليغولا في جزئها الاول مختلفة عن كاليغولا في جزئها الثاني مع الفاضل الجزيري؟
- كاليغولا يفقد المفتاح الذي في خزانته ليفقدوه ثروته. و دوري دور سي الباهي . و ستعرض ايام 27 و 28 و 29 جانفي بقاعة الفن الرابع.
* هل هناك قلة دعم مادي لمحمد كوكة في مجال المسرح؟
- بعد خمسين سنة من المجال المسرحي وزارة الثقافة تتعامل معي كهاوي ووزارة الثقافة تتعامل معي كاخر مخرج متطفل على الميدان، و كانه لا قيمية لي فما العمل في هذه الحالة التعيسة ؟
رغم اني قدمت مسرحية دراما بحضور ستة الاف متفرج في مهرجان قرطاج و الحمامات و قلبيبية . كما قدمت قرطاج و بعد و ابن خلدون التي سجلتها التلفزة و مازالت لم تبث و يوليوس قيصر و ريشارد الثالث.
* هل مازالت تفكر في وان ما شو؟
- في الوقت الحاضر لا افكر في وان مان شو..
* ماهو تقييمك لاخر دورة من ايام قرطاج المسرحية؟
- في السابق كنا ننتظر ايام قرطاج المسرحية كموعد لقاء ثقافي و فرجوي نترقبه لمشاهدة اعمال لم يسبق تقديمها شكلا و مضمونا من تونس و خارجها و كانت هناك لقاءات فكرية كبرى ثرية جدا و لا تنسى مع مخرجين اجانب من كل العالم من مصر و سوريا و اوروبا نذكر جون كلود كاريار و بيار دوبوش و غيرهم الذين كانوا يمثلون نقاط حوار ولقاء دسم جدا مع الكبار . و الان صارت التظاهرة مهرجان جهوي ضيق وكانه مهرجان" في الحومة" و ليس هناك ما يجذب او يجعلك تفكر في مراجعة مرجعياتك و مسائلة نفسك و ربما بعض المهرجانات الصغرى افضل من ايام قرطاج المسرحية. لقد فوتنا فرصة نادرة اضاعها المهرجان على نفسه و لي اسف كبير لما الت اليه ايام قرطاج المسرحية.
* ماذا تقول في خاتمة اللقاء
- نلتقي في مسرحية سفر وقتها سيفتتح نقاش فكري حول المسرحية.