عديدة هي الأسماء الجديدة النّافحة بجذب الصّورة بلقاء حميميٌّ مع الأبعاد تتقارب من حين لآخر .اسم لمع بمردوديّة ٱدائه التّصويري ، التّعبيريّ أيضا في ردود أقواله حول المناحي الجماليّة التّقنيّة للصّورة.
حاوره: منذر العيني
مقالات ذات صلة:
المخرج التونسي سامي الشافعي يفوز بجائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان ماربيلا السينمائي
وفاة المخرج الشاب محمد أمين الزيادي بسكتة قلبية مفاجئة
المخرج عبد الحميد بوشناق يُعلن عن مسلسل "المرمة" في رمضان 2024
نهنّئُه أولاّ بانتدابه للتّدريس بالتّعليم العالي بالمعهد العالي للفنون الجميلة بسليانة، هو ابن القلعة الكبرى نشأ في دروب المعرفة حتّى انبرى يعتني بالصّورة الفوتغرافيّة منتميا لعديد النّوادي في مدينتي أو مع ثلتّه يتنامى معها في العمل التّصويري عبر عديد الفعاليات التي تقام من مهرجان إلى ٱخر.
* دكتور معاذ ، أجمل التّهاني بانتدابك التّدريس في مجال كنت ناضلت ومازلت تناضل من إتقان صورة احترافية بكل المقاييس الفنيّة الجماليّة.
- شكرا لكم. هي مسيرة متواصلة من البذل والعطاء، أنشدها عبر زمنيّات من التعلّم ومن الدّربة على الاقتراب من هكذا عين شعريّة تتجاوز المعمول به لترسيَ في بؤر تتناوب في التّأويل.مازلنا في حظيرة الصّورة نَدرسها ونُدرّسها في كلّ محاولةٍ، لنرتقي ونقتفي أثرا، حادثةً، مسرحًا، حركات من حيواتٍ عديدة متنوّعة تتأطّر عبر وسائل ووسائط محدّدة أو قابلة للتّحديد.
* دكتور معاذ وأنت الملتقط للزّوايا والمناحي، كيف كانت ملامساتك الأولى لهذه الٱلة ، لهذه الجمجمة الإلكترونية الميكانيكيّة التي تمتلك عينها وعين حاملها؟
- مثلما أشرت في كلامك، التّصوير شرط وجودي منذ البداية، وأنا اكتشفته، أو قل عشته حين عبرت العاديّ والنّمطيّ إلى ما هو هجين وأبعد ،في الضّوء كما هو في الظّلمة. بدأت بشراء ٱلتي ، ماكينتي، وأنا في سنّ الثانية عشرة ، من تظاهرة إلى أخرى، أسجّل الأطراح في الأفراح والأتراح، كنت معتنيا بالهامش، بما وراء السّتارة، حيث الأشكال لها تصريفات ثاوية بين الملامح والسحنات. الكاميرا عين على المتدارك من المواشير والأضواء. أذكر تلك المواضيع التي تهتمّ في ثناياها: جني الزيتون، المعالم والأبواب، الحوانيت وشخوصها في لعب الورق...من تأليف إلى تأليف تأخذك الصّورة إلى أشياء تعبيرية صارخة صامتة في ٱن، يعبر بها المخرج داخله ودواخلها، تعاضد يستمر مع الهواية ومع الطّموح.
* رحلة الألف ميل تبدأ بروافد عن السّينما ، ماهي روافدك ، أو ماهي أهم الأعمال السّينمائيّة الّتي تأثّرت بها عالميّا عربيّا وتونسيّا ؟
- لا عين بدون صور ملأت العين، لا شيء يضاهي فرحة الطّفل يتنامى مع حركة شارلي شابلن في صوره المتحرّكة الصّامته المتكلّمة من ناحية، ومن ناحية أخرى ثمّنت سينما الأمريكان بموسيقات الجاز وموسيقات البلوز المرافقة شرائط الواستارن بعللها عن الجغرافيات الصّحراوية في تأسيس مجتمع مازال يبحث عن مداراته المتجدّدة، لعلّ ما كانت تؤثّثه أفلام الأروبيين حول ما تتضمّنه سباقات التّأليف للتّمثيل كانت تتواتر السّينما مع سيناريهات الدّاخل والخارج بالتّوازي مع حركات " فاندام، بروسلي، جاكي شان، توم كروز..." أفلام أدّت دروسا في حكمة الكاميرا ،تأخذ بالصّورة في تجديدها وتجدّدها الفنّي.
أمّا السّينما العربيّة أفلام ملحمّيّة طفقت السّينما المصريّة في تربيتها للذّائقة العربيّةِ عموما ، أفلام وأفلام ومشاهير ومشاهير سجّلتها عين الكاميرا من مخرجين كان زعيمهم يوسف شاهين في تورية عالقة بالسّينما العالميّة يركّز على النّظرات وألق الأجساد ولا يغفل عن زوايا الهامش في تأويلات المطارحات أوان الفرجة أو بعدها.الكامرا المصريّة لها خصوصيّة اللّعب المعلن بين النّصّ ومختلف حركات أحداثه قد يكون ذلك من تأثيرات الواقعيّة الّتي أغدقت المنحى التّسجيلي ربّما ما يماثل بشكل ما، السّينما التّونسيّة تدرّجت من المجاور إلى التأمّلي، فالمدينة عالمٌ مشعٌّ في السّينما التّونسيّة لعبت دور المكان من تأويلٍ إلى آخر وآحتضنت سيرةً بأكملها حيث شَخصتْ الشّخوصُ بنحتها الحضاري وبكلامها الموارب يرزح تحت نير الاستعارات المتقلّبة وتحت دَيْن الكامراوات المتعدّدة من مخرجٍ إلى آخر يتجاسرون بالهمز والغمز مع فرقتهم تحت السّحائب والأضواء يديرون شأن اللّقطات ينما تونس تتجسّدُ من حينٍ إلى آخر تتماثل للرّؤية وللرّؤى بين الماضي والحاضر والمستقبل.
السّينما التّونسيّة عالمٌ من صورةٍ ومن لغةٍ مازالتا تتكاثف من الجمع إلى المفرد ومن المفرد إلى الجمع يتعاضدان في مسيرةِ تأريخٍ للنَّكْهة المخصوصة تروي دخانها المتصاعد من هنا وهناك منذ " فجر، إلى ريح السد، صفائح من ذهب، عصفور سطح، يا سلطان المدينة.... " وأمّا تتناوله ذائقتي ما تفتأ تتواتر في ٱدائها التقبّلي أنحو إلى الشرائط الوثائقيّة في عفويتها المختزلة الممتلئة وفي حياكة صورها بتصديرات في الذهن وبممثّلة هو الواقع المحتمل أو الواقع الفوق واقعي.
* عن أفلامك في سيرتك الفنيّة؟
-ڨرَّلُّو :
في مساحةِ الزّمن تلكَ كان الخيارُ بالنّسبةِ لي أن تؤسّسَ الصّورةُ التزامها بنشر حقائق للدّفاع عن حرّيةٍ ما. فكانت الكاميرا تجول ببطليها وهما يرويان جرأتهما من مكانٍ إلى آخر أيضًا. الوثائقيٌّ روائيٌّ أيضًا يفرقُ بينهما صناعةُ السّيناريو عبر الأسئلة الذّكيّة. كل الحركات محسوبةٌ في الوثائقيّ. قرلّو تجربةٌ لكسر نمطيّاتٍ في الحركة عند المازاة مع الصّوتيات الّتي أضحت من بصمتي في جلّ الاعمال عند اختياري للضّبابيّة الإيقاعيّة وقد وتّرت الحركة وأعلت من تمثّلها للسُوسْبانس. الفيلم الوثائقيّ تشقّهُ علاماتٌ سيميائيّة تنهضُ بدفع المتلقي المتفرّج للمشاركة معي في كشف أو إبراز جرأةٍ أو في إرادةِ التّجاوز وكسر الطّابوات.
جِنّي نَنّي
بطلان آخران يمثلان أمام الكاميرا يؤدّيان دورهما المرتوب وفق ما رسمتهُ من خطّةٍ فنيّةٍ يتوازى معها دقُّ موسيقات متنوّعةٍ تحتفلُ بمثل هكذا مجون طفوليّ حتّى تظهر لنا الصّورةَ أكثر وفاءً لعالم مليءٌ بالمفاجآةٍ .كان العمل على سياقات من فنّ الفوتوفرافيا والتّصوير مع تاثرات صوتيّة وعملٍ على التّعامل مع الإضاءات والظّلال هنا وهناك من زوايا مختلفة حيثُ تنحدرُ منها الصّورة حسبَ وظيفتها في آداء المعنى، تجريبٌ دائمٌ للمضيّ نحو عوالم وثائقيّة مدروسة تعتني بالغافل من المواضيع والقضايا المدفونةِ، أعمالا من خلالها نريدُ الحفر فيها بما ينمّي عقيدتنا أنّ فيلمًا مثل جنّي ننّي قد راقبَ فينا التّغايرَ للتّعبير عن الشّاذ المندفعِ بالسّرعة نحو تعويضٍ متكلّمٍ يجول في الذّاكرةِ ليروي لنا سيرة أمكنةٍ وأزمنة قريبةٍ منّا من بيئتنا التّونسيّة الثريّة.
* قلت إن الأعمال الفنيّة الّتي خضتها إضافة إلى العملين " ڨرلو، جنّي ننّي" أعمال وثاقيّة راهنت فيها على الحركة ، على النّازلة، على المعادلة بين السّؤال المحرّم وبين الواقع الّذي يجيب ،هكذا في تلقّف الكاميرا تصول وتجول؟
- شكرا على هذا العرض، بالفعل هي أفلام قصيرة وثائقية درجتُ فيها على مصافحةٍ من نوع ٱخر تتلازم مع قضايا قد لا تتٱلف مع تصريفات تذهب إليها التّأويلات التقدريّة
المستقيمة المسبقة ،عناوينها
"VHS porno, Oiseau qui mort: SDF,Flash bac,روبة ساسيّة"
أفلام أخرى تتشرّدُ فيه الكاميرا، عادتي في أن أقتفي هذه القضايا الحارقة، حاولت أن أقتربَ من إضاءةٍ طبيعيّةٍ تؤطّرها الأمكنة المتعدّدة وسط ساحة المدينة، مدينة سوسة، معنى ذلكَ أن الحركة تتبعُ الزّمن في تواصلها مع هذه المواضيع.
تاريخيّاتٌ تتأسّسُ عبرَ الخطاب والشّخصيّاتٌ تواترُ لحظتها، نظرها التوجّهي إلى مسألة الوجودُ حينَ تبادرُ بقولها " شنوّهْ ديما جنّة؟ الواحد يستاحش النّار" هو السّؤال الفلسفي للعامّة تنجحُ في الرّدود والإجابات. دائمًا تنجحُ الكاميرا في رصدها للتمثّل المعرفي الاستنطاقي وهذه وظيفة الإخراج من بابِ الدّرايةِ الوثائقيّة .
هل هنالك من فلسفةٍ للمقايضةِ مع الكاميرا وهو تتلمّسُ الجنس، تديرُ رحاه على غيرِ وتيرةٍ. لعلّه الوثائقيُّ يديرُ الرّقابَ إلى مواضيع الحاسّة السّادسةِ وهي لا تخضَعُ للحسابات. استعملتُ فيها مؤشّراتُ البدايةِ عند التّورية، سرقة موصوفة للّون الأخضر ببساطه الكاذب يلعبُ للعين أو يلاعبها صوره المجانيّة لفرحٍ منتظرٍ خاوٍ. اشعاعاتُ الكاميرا تنبئْ دائما.
* دكتور معاذ ،تجاربك مع معارض الصور الفوتغرافيّة، هل تعامل ثانوي مع عين الكامرا؟
- العكس تماما ، الأداء الفوتغرافي هو المعمل الأوّل، الورشة الأولى للتّصوير وللتّأويل. قمت بتصوير المبهم، الغارق والغامق ،المنبوذ والمتروك ،السّاقط والمتواري....المتعالي عن الإفصاح، المعفّر والمغبرّ، المكان والزّمان ، الهويّة والتّاريخ، الجغرافيا وسؤال الإضاءة...كل هذه المفاهيم هي الّتي تؤسّس اختلافا ما ، تشنّجا في الانفعال، وتردّدا في التّأويل وهذا حسب رأي ما يحييه هذا الكادر القادر على تحيين الحياة أو توليدها من جسديّات ماتت أو تكاد. عرضت ومازلت أعرض على الحيطان في فضاءات الثقافة الخاصّة والعامّة ، وحسب هذه الملتقطات أن تبذل سؤالها وتترك الإجابة مفتوحة.
متابعة منعم التومي