يعتبر الممثل فوزي كشرود واحدا من أهم الكوميديين التونسيين من حيث البصمة والتفرد والإقناع والاجتهاد، فالرجل يعشق المسرح والتمثيل عموما بصفة جنونية، ورغم تميزه وتجربته التي فاقت الأربعة عقود بالتمام والكمال، فإنه يعتبر من المبدعين الذين لم ينالوا حقهم كاملا، لأسباب أولها أن هذا الرجل لا يتمسح على العتبات ويرفض توظيف علاقاته وقليل الظهور في وسائل الإعلام رغم أنه صديق لأغلبية الإعلاميين وأن العديد ظلموه على امتداد مسيرته الكبرى الحافلة بالنجاحات.
"توانسة" التقته وحاولت إحراجه من خلال أسئلة حارقة في حوار حصري، نقرأ تفاصيله في هذه المساحة
* أين فوزي كشرود في الأعمال الدرامية التلفزيونية؟
- كل المنتجين والمخرجين يعرفونني ويعرفون ماذا يمكن أن أقدّم، ومع ذلك ظل الكثير منهم يتجاهلني رغم كل ما قدمت على امتداد أكثر من أربعين عاما، ولا أدري لماذا يتجاهلون القدامى أمثالي وأمثال رفيقي دربي منجي العوني ونور الدين بن عياد اللذان قدّما الكثير للتلفزة التونسية من خلال مشاركات متميزة في عديد المسلسلات والمنوعات، كما قدّما الكثير للمسرح، فقديما كانت لنا تلفزة واحدة، وكنا نتواجد كل رمضان، إضافة إلى التواجد الروتيني بأكبر المنوعات التلفزية، وأخص بالذكر تلك المنوعات التي كان يقدمها عملاق التنشيط المرحوم نجيب الخطاب، أما الآن، ورغم تفاقم عدد القنوات التلفزية، فإن العديد ظلوا يتجاهلوننا، وإن تذكرونا، فسيهضمون حقوقنا المادية.
* هل يمكن التعويل على القدامى في هذه المرحلة بالذات؟
- نحن لم تتجاوزنا الأحداث، وظللنا نتجدّد حسب ما تتطلبه كل مرحلة... أعتقد أن هناك رغبة في الإقصاء، لا أكثر ولا أقل، وحتى إن لم نتجدّد، فالمشاهد يريدنا ويحبنا، والدليل أنه يشاهد إلى حد الآن الأعمال القديمة ولا يأبه بالأعمال الجديدة.
* قلت "إن تذكروكم، فسيهضمون حقوقكم المادية... فهل هناك من هضم حقك المادي؟
- هم كثيرون، وأخص بالذكر منهم المنتج محمد الحناشي الذي لم يمكنّي من حقي المتمثل في 2500 دينار عن مشاركتي في سلسلة "فاميليا لول" التي لم تبثها التلفزة الوطنية، والمنتجة ثريا البجاوي التي لم تمكنّي من حقي المتمثل في 4500 دينار عن مشاركتي في سلسلة "يقوّي سعدك" التي بثتها قناة "حنبعل" في أكثر من مناسبة، وهذا رغم وجود عقدين مبرمين بيني وبينهما، ولا أخفي عليك أنني رفعت ضدهما قضيتين عدليتين كما تقدمت بشكايات ضد غيرهم، ولي ثقة في القضاء كي ينصفني... والغريب أن أمثال هذين المنتجين يغيرون مقرات شركاتهم وأرقام هواتفهم وهو ما يؤكد سوء النوايا وعدم الرغبة في الخلاص.
* هل يعني هذا أنّ بلادنا بلا منتجين حقيقيين؟
- لنا منتجون حقيقيون ويستحقون كل الاحترام على غرار: نجيب عياد وطارق بن عمار وعبد العزيز بن ملوكة وغيرهم ممن يضمنون خلاص الجميع حتى قبل بيع العمل الذي يقع إنتاجه، أما البقية فهم منتجون "بو دورو" أساؤوا للساحة وللمبدعين، وما على الدولة إلا أن تتدخّل لضمان حقوق الجميع كأن تشترط على كل منتج تأمين مبلغ مالي هام بالخزينة العامة للبلاد التونسية، وفي صورة عدم القدرة على الخلاص يتم الاستنجاد بذلك المبلغ، إذ من العيب أن يشارك الممثل في عمل بعد سنوات من الغياب ثم يتم هضم حقه.
* كيف تقيم الساحة الدرامية بتونس؟
- الدراما التونسية تراجعت ولا بد من إنقاذها، فقد شمل التراجع كل من التلفزة والسينما والإذاعة، بينما حافظ المسرح على مستواه الذي يتراوح بين الجيد والمتوسط والرديء... وقد ساهمت في هذا التردي عديد المسائل، على غرار تحويل قاعات سينا إلى محلات لبيع البلابي أوالملابس المستعملة (فريب) وتحول البعض الآخر إلى مقاهي وإلى مخازن للجعة، وغيرها من العوامل المخجلة للغاية.
* وهل تقترح حلولا؟
- لا بد من الإيمان بالكوميديا التي ارتكزت عليها السينما المصرية الحديثة على سبيل المثال والتي حققت نجاحا كبيرا في الوطن العربي، وفي تونس لم يتم إلا إنتاج فيلم كوميدي وحيد ويتيم وأعني "فردة ولقات أختها" الذي ما يزال التونسيون يرغبون في مشاهدته، وهذا دليل على أن هذه النوعية مطلوبة، والغريب أننا جربنا الكوميديا في التلفزة وفي الإذاعة وفي المسرح وتجاهلناها في السينما، ثم لا بد أن تكون لدينا صناعة ثقافية، كعديد الدول العربية والغربية.
* لكن ألا يمكن للصناعة أن تفسد الفن؟
- يمكن طبعا إذا تمّ التفكير في الربح فقط، ولكن بالإمكان أن تضيف الصناعة للفن إذا تم التفكير في الربح وفي الجمالية في الآن ذاته.
* ختاما... ماذا تقول؟
- شكرا على هذه الاستضافة، وأقول لأحباء فوزي كشرود، سأصافحكم بحول الله خلال مهرجانات الصائفة المقبلة من خلال عمل مسرحي جديد.
نشر بجريدة المساء