تصدّرت تونس الدول العربية في تصنيف المؤشر العام للالتزام بتقليص الفوارق الاجتماعية بين الطبقات لسنة 2018، كما احتلت مرتبة متقدمة دوليا، نسبيا، على رغم تآكل الطبقة الوسطى في السنوات الأخيرة.
واحتلت تونس المرتبة 40 من ضمن 157 دولة، متقدمة بذلك 4 مراتب عن تصنيف سنة 2017، وفق ما جاء في تقرير أصدرته منظمة "أوكسفام" الدولية في أكتوبر الحالي.
وبالاعتماد على احتساب مكونات المؤشر العام، فقد احتلت تونس المرتبة 59 في ما يتعلق بنفقات الصحة والتربية والضمان الاجتماعي، بينما احتلت المرتبة 17 في مجال السياسة الجبائية.
وبحسب مؤشّر سوق الشغل والأجر الأدنى، احتلّت تونس المرتبة 50. ويقوم المؤشّر، حسبما ورد في التقرير، بقياس المجهودات التي تتّخدها الدول للحدّ من الفوارق الاجتماعية على صعيد 3 مجالات تدخّل، وهي النفقات الاجتماعية التي تقوم بتمويل الخدمات العمومية، على غرار الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي.
كما جاءت تونس في مقدمة الترتيب مغاربيا، في هذا المؤشر الذي يقيس الجهود التي تبذلها الدول من أجل محاربة عدم المساواة، وتقليص الفوارق بين الأغنياء والفقراء.
وضمن الدول العربية، ضم التصنيف 4 دول مغاربية، هي تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا.
وحصلت تونس على معدل 0.333 في المؤشر المتعلق بالإنفاق على الصحة والتربية والحماية الاجتماعية، كما حصلت أيضا على 0.587 في ما يتعلق بحقوق العمال والحد الأدنى للأجور، متقدمة بذلك على الجزائر التي احتلت المرتبة الثانية مغاربيا بعد حصولها على معدل 0.216 بخصوص الإنفاق على الصحة والتربية والحماية الاجتماعية، و0.362 في الشق المتعلق بحقوق الشغل والحد الأدنى للأجور.
أما المغرب الذي حصل على الترتيب الثالث مغاربيا، فقد حصل على علامة 0.179 في مؤشر الصحة والحماية الاجتماعية، وعلى 0.603 بخصوص حقوق العمال والحد الأدنى للأجور.
وتخصص تونس جزءا مهما من الموازنة على الإنفاق الاجتماعي الموجه للتعليم والصحة ودعم مواد الاستهلاك وتحسين الرواتب، رغم الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد وضغط صندوق النقد الدولي الداعي إلى مراجعة منظومة الدعم.
وسنة 2018، خصصت تونس ضمن قانون المالية نحو 14751 مليون دينار (5268 مليون دولار) للإنفاق على الأجور، مقابل 14300 مليون دينار (5107 ملايين دولار) عام 2017، و13164 مليون دينار عام 2016، أي ما يقارب نحو 4701 مليون دولار.
كما قدرت نفقات الدعم بنحو 3520 مليون دينار (1257 مليون دولار)، مقابل 3500 مليون دينار (1250 مليون دولار) في عام 2017، وتتوزع نفقات الدعم ما بين دعم المواد الأساسية والمحروقات والنقل.
وحث صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير، حكومة تونس على ضرورة عدم تطبيق الرفع التدريجي للدعم إلا بعد استكمال وضع شبكات الأمان المناسبة، بما يمكّن من توجيه الإعانات الغذائية الأساسية ومخصصات الدعم نحو مستحقيها.
ورغم الزيادة في الإنفاق الاجتماعي المخصص في موازنة الدولة، يشهد النسيج الاجتماعي الذي تسوده الطبقة الوسطى في تونس (80% من التونسيين ينتمون للطبقة الوسطى) تغيّرا سريعا في السنوات الأخيرة، بسبب تدحرج جزء من هذه الطبقة المتكونة من الأجراء إلى خانة الفقراء، نتيجة ارتفاع كلفة المعيشة وعدم مواكبة العائدات الأسرية لموجات الغلاء المتواترة.
ومقابل انزلاق جزء من الطبقة الوسطى إلى خانة الفقراء، ظهرت في السنوات الأخيرة طبقة من الميسورين الجدد وأصحاب الثروات المكتسبة من التهريب وطرق الكسب غير الشرعي.
و"أوكسفام" هي منظمة دولية تضمّ 19 منظمة، مقرها أوكسفورد في بريطانيا، يشمل مجال عملها أكثر من 90 دولة في العام من أجل محاربة الفقر.