مع اقتراب فصل الصيف، تستعد تونس لاستقبال موسم سياحي قوي ومشجع، حيث تعود السياح بأعداد كبيرة لاستكشاف ما تقدمه البلاد من جمال طبيعي وتراث تاريخي رائع. يعتبر هذا الموسم السياحي القوي فرصة لتعزيز رصيد النقد الأجنبي الذي يعاني تراجعًا حادًا، والذي يشكل عاملًا حاسمًا للحفاظ على استقرار الاقتصاد في ظل الأزمة المالية العامة التي تواجهها الدولة.
تعد صناعة السياحة من القطاعات الحيوية في تونس، حيث تسهم بنسبة تصل إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي. ومع ذلك، شهدت أعداد الزوار تراجعًا كبيرًا خلال جائحة كورونا، مما زاد الضغط على الاقتصاد الذي كان يعاني بالفعل من أزمات متعددة.
وفي هذا السياق، صرح لطفي ماني، مسؤول في وزارة السياحة، بأن السلطات تتوقع زيارة حوالي 8.5 مليون سائح إلى تونس هذا العام، وهو ما يعادل نسبة 90% من عدد الزوار في عام 2019 قبل انتشار الوباء. يُعتبر هذا التحسن الكبير قفزة نوعية بالمقارنة مع العام الماضي الذي بلغ فيه عدد الزوار 6.4 مليون سائح فقط. وأشار ماني إلى أن المؤشرات الحالية تشير إلى موسم سياحي جيد، مع زيادة في حجوزات الفنادق والمنتجعات.
وقد بلغت إيرادات السياحة حوالي 1.7 مليار دينار (550 مليون دولار) منذ بداية العام، مسجلة زيادة بنسبة 57% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وعلى الرغم من أن موسم السياحة القوي من المتوقع أن يلعب دورًا مهمًا في تخفيف الأزمة المالية، إلا أنه لن يكون كافيًا لسد الفجوة الهائلة التي تعاني منها المالية العامة التونسية وتهدد بالإفلاس، ما يتسبب في نقص بعض السلع الغذائية والأدوية.
ومن الجدير بالذكر أنه قد تم تراجع الاحتياطيات من العملات الأجنبية في تونس، حيث انخفضت من ما يكفي لتغطية 123 يومًا من الواردات في العام الماضي إلى 91 يومًا فقط. وقد تصنفت الديون السيادية التونسية على أنها عالية المخاطر من قبل وكالة التصنيف الائتماني فيتش، مما يعكس مخاوف السوق من احتمال تخلف تونس عن سداد القروض الأجنبية.
وفي محاولة لمعالجة الأزمة المالية، يبذل المانحون جهودًا لإقناع الرئيس قيس سعيد بقبول شروط صندوق النقد الدولي المتعلقة بخطة إنقاذ. ومع ذلك، لا يزال غير واضح ما إذا كان هناك اتفاق قريب يمكن التوصل إليه.
على الرغم من التراث التاريخي الكبير الذي تحتضنه تونس من الحضارات القديمة والثقافات البربرية والتاريخ الإسلامي، تتركز السياحة في الغالب على المنتجعات الساحلية الجميلة ورحلات السفن السياحية المتجولة.
وبالنسبة للعديد من الأعمال التجارية التي تخدم السياح في سيدي بوسعيد، فإن عودة السياح تعتبر أخبارًا طيبة، حتى في ظل التوقعات الاقتصادية المظلمة التي يواجهها البلد. تعد هذه الزيادة المتوقعة في أعداد السياح فرصة هامة لإحياء الاقتصاد التونسي وتعزيز النشاط السياحي، مما يعزز التنمية المستدامة وتحسين الوضع المالي للبلاد.