دبلوماسيون إيرانيون يستقطبون المثقفين والكتاب من بوابة الأنشطة الثقافية، والسلطات تسمح بصعود الجماعات الممولة من الخارج على حساب التيارات الأصيلة.
الجزائر - استغل منتسبو المذهب الشيعي في الجزائر فرصة احتفالية عاشوراء لتسجيل ظهورهم أمام الرأي، خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي، ليتأكد بذلك تنامي خلايا المذهب الشيعي المدعومة من إيران.
واتهم نشطاء وسياسيون جزائريون إيران بالعمل على نشر التشيع في شمال أفريقيا لخدمة أجندتها الهادفة إلى التمدد في الدول العربية وإغراقها بالخلافات الدينية.
وكان الاحتفال بمناسبة عاشوراء فضاء لظهور غير معهود للطقوس الشيعية، التي بدأ منتسبو المذهب يطبقونها في الجزائر. وتناقلت مصادر إعلامية وصفحات على شبكات التواصل الاجتماعي أخبارا عن احتفاليات على نطاق ضيق لكن شبه علني، من أجل تعويد الرأي العام عليها قبل أن تصبح أمرا واقعا ومسلما به.
وتشكل الجزائر استثناء في العالم العربي السني، حيث تحتفي رسميا بمناسبة عاشوراء وتعتبرها عيدا من الأعياد الدينية، وتمنح فيه يوم راحة مدفوع الأجر للموظفين. وأمام الظهور العلني لطقوس الشيعة بمناسبة يوم عاشوراء في عديد المناطق دعا علماء دين ونشطاء سياسيون الحكومة إلى إلغاء يوم عاشوراء من أجندة الأعياد الدينية.
ونقلت مصادر متطابقة لـ”العرب” أن “الاحتفال الشيعي بيوم عاشوراء في الجزائر بدأ يأخذ طابع الظهور التدريجي إلى غاية تعويد الرأي العام عليه وتحويله إلى أمر واقع لا يمكن تجاوزه، حيث نظمت خلايا شيعية الاحتفالية لمنتسبيها في أماكن مغلقة، وتعكف على توظيف شبكات التواصل الاجتماعي لتمرير رسائلها المذهبية”.
وأضافت “هناك من الناشطين الجزائريين من سافر إلى قم والنجف للاحتفال بالمناسبة والتكوين والاحتكاك بالقادة والمنظرين للمذهب الشيعي، وذلك تحت غطاء زيارات سياحية انطلاقا من دول مجاورة، وبرعاية من سفارات وحتى جمعيات سرية تتكفل بتنظيم العمل وتتلقى تمويلا للعملية”.
وأبرز الفئات التي تفاعلت مع حركة الاستقطاب الإيرانية هي الطبقة المثقفة، مثل أساتذة بعض الجامعات والكتاب والشعراء الذين تتم استضافتهم بشكل منظم في زيارات لإيران والعراق في أنشطة ظاهرها ثقافي وباطنها مذهبي، وهو ما يعني أن الذين يقفون وراء حركة التشيّع في الجزائر يريدون بناء نواة جزائرية تكون قادرة على الأخذ بزمام المبادرة والتخطيط والتنفيذ.
وكشفت مصادر مطلعة عن أن دبلوماسيين إيرانيين وعراقيين يسهرون على الترويج للمذهب عبر جملة من الأنشطة الثقافية، وأنهم يجلبون مثقفين وفنانين لدعم امتداد المذهب في الأوساط الجزائرية.
وترعى جمعيات وتنظيمات أهلية وثقافية هذا التبادل وبعضها تمت تسوية وضعه القانوني والآخر يعمل دون اعتراف رسمي وأمام أعين السلطات.
وحذرت دوائر سياسية مقربة من السلطة من أن مظاهر التشيّع في الجزائر وصلت إلى حد التحرك من أجل إعلان طائفة شيعية تابعة للولي الفقيه في طهران، وأن هذا يمثل خطرا كبيرا على الأمن القومي الجزائري، وخاصة أن عدد المتشيعين تجاوز خمسة آلاف شخص أغلبيتهم تردّدوا على إيران والعراق ولبنان في زيارات تنظمها دوائر خفية وتحت صمت رسمي جزائري.
وظلّت السلطات الجزائرية تقلل من حقيقة حملات التشيع في الجزائر، خصوصا مع عدم ظهورها إلى العلن على شكل مجموعات تتخذ من الشارع والملتقيات طريقة للإعلان عن نفسها.
وتكررت التصريحات التي تبرئ إيران من الوقوف وراء حركة التشيّع في البلد، وقد أسهم بعض القائمين على المساجد والدعوة بالجزائر في تغليط الرأي العام، عندما حاولوا نفي وجود التشيّع كظاهرة في الجزائر وأنّ كل ما في الأمر هو تشيع بعض الأفراد، الشيء الذي أسهم في تمدد ظاهرة التشيع، خاصة أمام الفراغ القانوني والدعوي والإعلامي.
ويقول متابعون إن السلطات الجزائرية تسعى إلى الاستفادة من التنافس بين المذاهب، ولذلك فتحت الباب مشرعا أمام أنشطة المجموعات الدينية المنظمة والممولة من الخارج مثل السلفيين والإخوان والشيعة، ما جعلهم يستقوون على المذاهب الأصلية في البلاد مثل الصوفية والأباضية.