الرئيس الفرنسي يتهم نظيره التركي بـ"عدم احترام كلامه" المتعلّق بإنهاء التدخل الخارجي في الأزمة الليبية.
باريس – أعاد إرسال أنقرة مرتزقة سوريين إلى طرابلس للقتال في صفوف ميليشيات حكومة الوفاق الوطني الليبية إلى الواجهة مجددا السجال بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره التركي رجب طيب أردوغان.
وفي خروج جديد له الأربعاء اتّهم الرئيس الفرنسي نظيره التركي بـ”عدم احترام كلامه” المتعلّق بإنهاء التدخل الخارجي في الأزمة الليبية ولاسيما عدم إرسال سفن تركية تقلّ مرتزقة إلى ليبيا.
وقال ماكرون بعد استقباله رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس “رأينا في الأيام الأخيرة سفنا تركية تقلّ مرتزقة سوريين تصل إلى الأراضي الليبية”، معتبرا أن ذلك “يتعارض صراحة مع ما التزم الرئيس أردوغان بالقيام به أثناء مؤتمر برلين، إنه عدم احترام لكلامه”.
وأضاف ماكرون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء اليوناني “أود أن أعبر عن بواعث القلق في ما يتعلق بسلوك تركيا في الوقت الحالي”.
ولم تقتصر انتقادات باريس لأنقرة على توجيه اتهامات بشأن إرسال مرتزقة سوريين إلى ليبيا ما يغذي الصراع هناك، بل تطرقت أيضا إلى الاتفاقية العسكرية والبحرية التي أبرمتها حكومة الوفاق التي يرأسها فايز السراج وأردوغان.
وقال ماكرون إن “فرنسا تدعم اليونان وقبرص في سيادتهما على حدودهما البحرية وندين من جديد الاتفاق بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية”.
وجاءت اتهامات ماكرون لأردوغان بعد أن أفادت مصادر إعلامية أن تركيا بدأت إنزال جنودها ومرتزقة فجر الأربعاء لدعم ميليشيات الوفاق في الوقوف في وجه قوات الجيش الوطني الليبي التي تسعى إلى اقتحام طرابلس وتحريرها.
ونقلت قناة العربية وفق مراسلها أن بارجتين حربيتين تحملان اسمي “غازي عنتاب” و”قيديز” قامتا بالرسو في ميناء طرابلس وأن ميليشيا الردع والنواصي تكفلت بتأمين عملية الإنزال.
وأشارت المصادر الإعلامية إلى أنّ سفينة شحن رافقت البارجتين قامت بإنزال شاحنات عسكرية ومعدات قبل نقلها إلى قاعدة معيتيقة الجوية في طرابلس وسط إجراءات أمنية مشددة من قبل قوات حكومة السراج.
وكان الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر قد كثف مؤخرا من هجماته على هذه القاعدة إثر تلقيه معلومات تفيد بعمليات إنزال هناك لمرتزقة سوريين.
وتأتي تحركات أنقرة في تعارض صارخ مع مخرجات مؤتمر برلين الذي تعهد فيه الرئيس التركي بالتوقف عن دعم الميليشيات بالسلاح والمرتزقة وعدم التدخل في الشأن الداخلي الليبي.
وكانت مصادر إعلامية سورية قد أكدت أن تركيا تواصل عمليات تسفير المئات من المقاتلين السوريين لدعم الميليشيات في طرابلس وذلك بوصول دفعات جديدة من المرتزقة.
وتشير تقارير إلى أن أعمار المرتزقة الذين يقع تسفيرهم بعد إغرائهم بالجنسية التركية وألفي دولار شهريا، تتراوح بين 17 و30 سنة في عمليات مشابهة تماما لتجارة الحرب التي اعتمدتها أنقرة في سوريا في السنوات الأخيرة.
وذكرت هذه التقارير أيضا أن الطائرات تتوجه على شكل رحلات داخلية وهمية ولا يتم إدراجها في قائمة الرحلات، كما لا يتم العبور من الحدود الرسمية، كي لا يتم إثبات هويات المسافرين في حال أرادت المحكمة الدولية فتح تحقيق بالأمر.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الأسبوع الماضي بزيادة عدد المرتزقة السوريين الذين نقلوا إلى طرابلس، حيث بلغ عددهم 3660 مقاتلا في ارتفاع جديد يعكس إصرار تركيا على المضي في تدخلها العسكري في الشأن الليبي، والذي أثار انتقادات واسعة.
ولا تعد الانتقادات الفرنسية لسلوكيات أنقرة بمنأى عن الإنذارات الأممية، حيث قالت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا في بيان لها الأحد إنّها “تأسف أشد الأسف للانتهاكات الصارخة المستمرة لحظر التسليح في ليبيا” المفروض بالقرار 1970 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 2011، مضيفة أن ذلك يستمر “حتى بعد الالتزامات التي تعهدت بها البلدان المعنية” في برلين في 19 يناير في إشارة إلى تركيا التي تصر على دعم الميليشيات والفوضى في ليبيا.