تونس - يؤدي رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس زيارة رسمية إلى تونس يومي 2 و3 يونيو فيما يقول مراقبون إنها ستكون خطوة لوساطة فرنسية من أجل حل الأزمة السياسية المستمرة في البلاد منذ أشهر والتي تلقي بظلالها على الأوضاع الاقتصادية.
وقال مكتب كاستيكس في بيان إن الزيارة بمناسبة انعقاد الدورة الثالثة للمجلس الأعلى للتعاون الفرنسي التونسي الذي يجمع رئيسي حكومتي البلدين ووزراء كل عامين لمناقشة قضايا التعاون سيركز خصوصا على التنمية الاقتصادية والأمن والتعليم والتدريب والثقافة والفرنكفونية.
وتأتي زيارة جان كاستيكس في أعقاب الزيارة التي قام بها الرئيس التونسي قيس سعيد إلى باريس في منتصف شهر مايو، وفيما تواجه تونس أزمة اقتصادية حادة.
وتراهن تونس على هذه الزيارة اقتصاديا حيث تمر البلاد بوضع صعب جدا مع وجود مؤشرات سلبية عن المفاوضات بين تونس وصندوق النقد.
ومن المنتظر، وفق بيان مكتب رئيس الوزراء الفرنسي، توقيع العديد من اتفاقيات الشراكة الاقتصادية والتعاون في المجالات الأكاديمية والتعليمية والتدريب المهني.
ودخلت تونس بداية 18 مايو الجاري في مفاوضات مع صندوق النقد للحصول على خط ائتماني بنحو 4 مليارات دولار، مقابل القيام بحزمة من الإصلاحات، التي لم تلتزم بها كل الحكومات السابقة التي تعاملت مع المؤسسة المالية الدولية.
وتواجه تونس أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات جائحة كورونا، وهي مطالبة بسداد ديون قيمتها 4.5 مليار يورو خلال العام 2021. كما أنها بحاجة إلى 19 مليار دينار (حوالي 5.7 مليار يورو) للإيفاء ببنود ميزانيتها للعام 2021، في ظل أزمة اجتماعية واقتصادية مع تراجع كل المؤشرات. فقد سجل الاقتصاد التونسي خلال 2020 تراجعا تاريخيا للناتج الداخلي الخام ناهز 8.9 في المئة.
ويحذّر خبراء من عدم قدرة الدولة على التعامل مع الديون الخارجية من المانحين الدوليين وضعف المنظومة المصرفية بالبلاد، علاوة عن صعوبة تغطية النفقات الداخلية للمؤسسات والمواطنين.
ولا يستبعد خبراء خطر الإفلاس في البلاد التي تشهد عجزا اقتصاديا متواصلا، مؤكدين أن الاقتصاد يدفع منذ سنوات كلفة باهظة جراء الأزمة السياسية، مع حاجة الدولة إلى اقتراض ما لا يقل عن 6 مليارات دولار من السوق الدولية لتسيير النفقات العامة.
ويثير تعاقب الحكومات في تونس، إلى جانب القطيعة المستمرة بين الرئاسات الثلاثة (رئيس الدولة ورئيس الحكومة والبرلمان)، مخاوف المستثمرين من المخاطرة بضخ أموال طائلة في بلد يعيش تجاذبات سياسية ومطلبية نقابية كبيرة.
وأمام تعمق الأزمة السلطات الثلاث في تونس تزايد الحديث عن إمكانية توسط فرنسا التي تملك علاقات متينة مع كافة الأطراف في الساحة السياسية في تونس، لتقريب وجهات النظر وإيجاد حلول قد تُخرج البلاد من مأزقها.
ويرى خبراء أن زيارة كاستيكس لها دلالات عميقة من منطلق أن فرنسا، التي تعد الشريك التقليدي لتونس، من أكثر الدول الغربية الداعمة لجهود تونس ومحاولتها تجاوز الأزمة الاقتصادية.
وفرنسا هي السوق السياحية الأولى والشريك التجاري الأول لتونس، حيث تستثمر في تونس نحو 1400 شركة فرنسية توفر فرص عمل لنحو 138 ألف شخص، وفق الخبراء الذين أكدوا أن تونس تطمح لجذب المزيد من الشركات.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعد في يونيو الماضي بتمويل قدره 350 ملايين يورو يمتد على ثلاث سنوات اعتبارا من 2020، ويخصص للقيام بإصلاحات اقتصادية في مجال حوكمة المؤسسات العمومية والضمان الاجتماعي والنقل.