وزير الخارجية الألماني يزور تل أبيب ورام الله للقاء مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين في محاولة للتوصل إلى تهدئة.
غزة - تتكثّف المساعي الدبلوماسية علنا وبعيدا عن الأضواء في محاولة لوقف التصعيد العسكري بين إسرائيل وحركة حماس، بعد ليلة جديدة من القصف الإسرائيلي الجوي والمدفعي العنيف وانطلاق دفعات جديدة من الصواريخ من القطاع المحاصر في اتجاه الأراضي الإسرائيلية.
وبعد دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء إلى خفض فوري للتصعيد، وفشل فرنسا في إيصال مشروع قرار ينص على وقف لإطلاق النار إلى التصويت في مجلس الأمن بسبب عرقلة أميركية، بدأ الخميس وزير الخارجية الألماني هايكو ماس زيارة لتل أبيب ورام الله للقاء مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين في محاولة للتوصل إلى تهدئة. ولن يلتقي ممثلين عن حركة حماس المدرجة على لائحة المنظمات الإرهابية في الاتحاد الأوروبي.
وعبّر ماس في مؤتمر صحافي عقده في تل أبيب مع نظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي، عن تضامنه مع إسرائيل، قائلا "نعتبر أن ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة يندرج في إطار حق الدفاع عن النفس"، ودعا إلى وقف لإطلاق النار.
وأعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن تأييدها إجراء "اتصالات غير مباشرة" مع حركة حماس، وقالت خلال منتدى نظمته مجموعة "في.دي.آر" الإعلامية "لا يمكن القيام بالأمر دائما بشكل مباشر، لكن بالتأكيد يجب إشراك حماس بطريقة أو بأخرى لأنه من دون حماس لا وقف لإطلاق النار".
وأضافت أن "وجود اتصالات غير مباشرة مع حماس ضروري"، مشيرة إلى أن "مصر تتحدث مع حماس والدول العربية الأخرى تفعل الأمر نفسه"، مشددة على أن مصر "عامل مهم جدا في أي مسألة تتعلق بوقف إطلاق النار والسلام".
وتعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعا طارئا الخميس على مستوى وزراء الخارجية يتناول النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ويشارك فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
كما تقوم مصر باتصالات مكثفة مع أطراف مختلفة لإعادة العمل بالهدنة التي كانت قائمة بين إسرائيل وحركة حماس، والتي لعبت القاهرة دورا أساسيا في إرسائها وتجديدها مرة بعد مرة.
وقال مسؤول في حركة حماس لم يود الكشف عن اسمه "توقعاتنا أن يتم الإعلان عن التهدئة خلال ساعات أو يوم غد، وهذا يتوقف على وقف الاحتلال عدوانه على غزة والقدس".
وأضاف "هناك جهود واتصالات مكثفة تجري مع الاحتلال من جهة، ومع حماس وفصائل المقاومة من جهة أخرى، تبذلها مصر وقطر وأطراف أخرى"، مشيرا إلى أن "الفرنسيين والأميركيين يشاركون في هذه الجهود".
لكنه شدّد على أن "لا شيء نهائيا حتى هذه اللحظة. المقاومة مستعدة لكل الاحتمالات. إذا تواصل العدوان سيتواصل توجيه الصواريخ في اتجاه الاحتلال وجنوده".
وبدأ التصعيد الأخير بعد إطلاق حماس صواريخ في اتجاه الدولة العبرية في العاشر من مايو، تضامنا مع الفلسطينيين الذين كانوا يخوضون منذ أيام مواجهات مع الإسرائيليين في القدس الشرقية وباحات المسجد الأقصى، ما تسبّب في إصابة أكثر من 900 منهم بجروح. وجاءت تلك المواجهات على خلفية تهديد بطرد عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح لصالح مستوطنين يهود.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي الأربعاء إن بلاده تستغل العمليات العسكرية من أجل "إضعاف قدرات" حماس.
وتقصف إسرائيل منذ عشرة أيام قطاع غزة من دون هوادة، مستخدمة المدفعية والطائرات. وأوقعت الضربات 230 قتيلا بينهم 65 طفلا، و1710 جرحى في القطاع، بالإضافة إلى دمار هائل، إذ أسقطت أبنية بكاملها وألحقت أضرارا جسيمة بأخرى وبالبنى التحتية.
وقُتل 12 شخصا بسبب الصواريخ التي أطلقتها حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى من قطاع غزة، وأصيب المئات بجروح. وقال الجيش الإسرائيلي إن عدد الصواريخ التي اعترضت معظمها منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية الدفاعية، بلغ أكثر من أربعة آلاف.
وقال مصدر عسكري إسرائيلي لصحافيين "نبحث عن الوقت المناسب لوقف إطلاق النار"، مضيفا "نحن نقيّم ما إذا كانت إنجازاتنا كافية (...) وما إذا كان هدفنا (المتمثّل) في إضعاف القدرة القتاليّة لحركة حماس في غزة قد تحقّق".
وقال نتنياهو "ما نحاول القيام به بالتحديد هو إضعاف قدراتهم، ووسائلهم الإرهابية وعزيمتهم"، مشيرا إلى أنه "مصمّم على المضي بالعملية".
واستهدفت المقاتلات الإسرائيلية ليل الأربعاء - الخميس منازل ستة قياديين في حماس في القطاع، وفق الجيش الإسرائيلي.
وفي دير البلح قتل أفراد عائلة فلسطينية بكاملها، وفي مدينة غزة قتل إياد صالحة، وهو رجل مقعد (33 عاما)، مع زوجته الحامل وطفلتهما البالغة ثلاث سنوات، وفق السلطات المحلية.
وقال عمر صالحة (31 عاما)، شقيق إياد، "كانوا يستعدون لتناول الغداء"، متسائلا "ماذا فعل أخي؟ إنه مقعد على كرسيه المتحرك، كان يعتقد أنه آمن في بيته".
في الصباح الباكر الخميس دوت صفارات الإنذار مجددا في القرى الجنوبية الإسرائيلية القريبة من قطاع غزة، وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي إطلاق دفعة جديدة من الصواريخ.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان "السكان في غزة وفي إسرائيل في حاجة ماسة إلى تهدئة"، مضيفة أنها أبلغت إسرائيل وحركة حماس بأن فرقها ستبدأ اعتبارا من الخميس "بالتنقل للتعامل مع الحاجات الملحة. ويتحمّل الطرفان مسؤولية واضحة في تسهيل هذه المهمة".
وأعلنت الأمم المتحدة الخميس أن مجلس حقوق الإنسان سيجتمع الأسبوع المقبل في جلسة استثنائية بشأن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
وسينظم الاجتماع المقرر في 27 مايو بطلب من باكستان كمنسق لمنظمة التعاون الإسلامي، والسلطات الفلسطينية التي جمعت تواقيع كافية من الدول الـ47 الأعضاء في المجلس، كما أوضحت الأمم المتحدة في بيان.
وتتواصل منذ عشرة أيام التحركات الاحتجاجية في الضفة الغربية المحتلة تضامنا مع غزة. وتحوّلت تظاهرات خلال الأيّام الماضية إلى مواجهات بين الفلسطينيين والقوى الأمنية الإسرائيلية قتل فيها 25 فلسطينيّا، في أكبر حصيلة في الضفة الغربية منذ سنوات.
كذلك يُسجّل توتر حادّ في القرى والمدن الإسرائيليّة المختلطة اليهودية العربية. وتشهد مدن وعواصم عدة في العالم تظاهرات تضامنا مع الفلسطينيين.