في تطور لافت وغير مسبوق في السياسة الفرنسية، شهدت الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي) حجب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء ميشال بارنييه، مما يعمق أزمة سياسية لم تشهدها البلاد منذ أكثر من ستة عقود. هذا القرار التاريخي، الذي أقر بموافقة 331 نائبًا، يعكس انعدام التوافق داخل الأغلبية البرلمانية ويضع فرنسا أمام تحديات جديدة.
مقالات ذات صلة:
الأزمة السياسية في فرنسا: نواب المعارضة يسقطون الحكومة وسط اضطرابات سياسية واقتصادية
فرنسا على مفترق طرق: سقوط الحكومة وسط أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة
الجدل في فرنسا: مباراة إسرائيل في ظل الانتقادات السياسية
توجهات بارنييه وتداعيات القرار
أكدت الصحفية شيماء غرسلاوي في مداخلة هاتفية ببرنامج "ميدي شو"، أن قرار حجب الثقة عن حكومة بارنييه كان متوقعًا نظرًا للتوترات السياسية وعدم وجود انسجام في الأغلبية البرلمانية. وأشارت إلى أن توجه بارنييه نحو سياسات تقشفية ورفع الضرائب كان من أبرز أسباب هذا القرار، في ظل أزمة الدين العام الذي تجاوز 3228 مليار يورو.
وأضافت غرسلاوي أن السياسات التقشفية المقترنة بالدعم العسكري لأوكرانيا فاقمت الضغوط على حكومة بارنييه، مما جعلها تواجه معارضة شديدة من اليسار المتشدد واليمين المتطرف بقيادة مارين لوبن، اللذين اتحدا لأول مرة لإسقاط الحكومة.
تحديات مستقبلية ومرشح محتمل
مع دخول فرنسا في مرحلة سياسية مضطربة، رجحت غرسلاوي أن يكون المرشح المقبل لرئاسة الحكومة شخصية تكنوقراطية من خارج الكتل البرلمانية، مشيرة إلى أن أي حكومة جديدة ستواجه نفس العقبات، بما في ذلك سقف الدين المرتفع ومعضلة التقشف.
سابقة تاريخية وأزمة سياسية متجددة
تعد هذه الخطوة الأولى من نوعها منذ أكثر من 62 عامًا، حيث نجح البرلمان في إقرار مذكرة حجب الثقة، وهو ما يضع الرئيس إيمانويل ماكرون أمام تحدٍ كبير لاختيار رئيس وزراء جديد قادر على تحقيق التوافق في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية المتصاعدة.
فرنسا اليوم تقف على مفترق طرق، وسط انقسامات سياسية داخلية وأزمات خارجية متفاقمة. يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الحكومة المقبلة من تجاوز هذا الوضع المضطرب أم ستعمق الأزمة السياسية في البلاد؟