اختر لغتك

فرنسا على مفترق طرق: سقوط الحكومة وسط أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة

فرنسا على مفترق طرق: سقوط الحكومة وسط أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة

فرنسا على مفترق طرق: سقوط الحكومة وسط أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة

في تطور غير مسبوق منذ عام 1962، هزّ البرلمان الفرنسي مساء الأربعاء 5 ديسمبر 2024، بعد أن حجب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء ميشال بارنييه، مما شكل زلزالًا سياسيًا في البلاد. بعد أكثر من ثلاث ساعات من النقاش الحاد، صوت 331 نائبًا لصالح مذكرة حجب الثقة، متجاوزين النصاب المطلوب البالغ 289 صوتًا، في إشارة واضحة إلى عمق الانقسامات السياسية التي تعصف بفرنسا في هذه اللحظة الحرجة.

مقالات ذات صلة:

الجدل في فرنسا: مباراة إسرائيل في ظل الانتقادات السياسية

الجزائر تنفي اتخاذ أي تدابير تقييدية تجارية ضد فرنسا

احتجاجات داخل الاتحاد الفرنسي لكرة القدم تطالب بإلغاء مباراة فرنسا وإسرائيل

أزمة سياسية متصاعدة: من الانتخابات إلى حل البرلمان

تعود جذور هذه الأزمة إلى قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بحل الجمعية الوطنية بعد فقدان أغلبيته البرلمانية في الانتخابات الأخيرة، ما أسفر عن برلمان ممزق بين ثلاث كتل رئيسية: تحالف اليسار، معسكر ماكرون، وأقصى اليمين، دون أي طرف يمتلك الأغلبية المطلقة. مما جعل من الصعب على الحكومة تشكيل تحالف قادر على تمرير السياسات الحيوية.

حكومة ميشال بارنييه، التي تم تشكيلها في سبتمبر 2024، لم تتمكن من إقناع البرلمان بتمرير مشاريعها، خاصة تلك المتعلقة بالميزانية، ما جعلها في مواجهة حتمية مع المعارضة التي تفجرت بسرعة. وفي ظل هذا الوضع السياسي المعقد، سقطت الحكومة بعد أقل من ثلاثة أشهر على تشكيلها.

تحالفات المعارضة تقود السقوط

ساهمت الانقسامات داخل البرلمان في إسقاط الحكومة. حيث صوت نواب من اليسار وأقصى اليمين لصالح مذكرة حجب الثقة، بما في ذلك حزب "فرنسا الأبية" اليساري الراديكالي الذي وصف سقوط الحكومة بـ"الانتصار التاريخي" وطالب الرئيس ماكرون بالاستقالة وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

في الجهة المقابلة، تبنّت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان موقفًا أكثر تواضعًا، حيث أكدت استعدادها للتعاون مع الحكومة المقبلة لإعداد ميزانية جديدة تُرضي جميع الأطراف، لكنها رفضت المطالبة باستقالة ماكرون.

التحديات الاقتصادية التي تُفاقم الأزمة

في وقت تزامن فيه الاضطراب السياسي مع تحديات اقتصادية خطيرة، حذر رئيس الوزراء ميشال بارنييه قبل التصويت من أن فرنسا مهددة بـ"عاصفة مالية" إذا لم يتم تمرير ميزانية عام 2025. وبيّن أن فرنسا تدفع نحو 60 مليار يورو سنويًا كخدمة للدين، وهو مبلغ يفوق ميزانيات قطاعات أساسية مثل الدفاع والتعليم العالي. كما شهدت تكاليف الاقتراض على السندات السيادية الفرنسية ارتفاعًا إلى أعلى مستوياتها منذ 12 عامًا.

قطاع السياحة، الذي يعد أحد أعمدة الاقتصاد الفرنسي، تأثر بشدة من الأزمة السياسية، حيث تراجعت الحجوزات بنسبة تتراوح بين 15% و20% في المدن الكبرى، ما أثر على الفنادق والمطاعم ووسائل النقل. في الوقت ذاته، تزايدت تكاليف التشغيل للشركات بسبب الإضرابات المستمرة.

تداعيات الأسواق المالية

تواصل الأسواق المالية مراقبة الوضع في فرنسا بحذر، حيث سجلت أسواق الأسهم الأوروبية استقرارًا في بداية تداولاتها، رغم القلق الكبير من تأثير هذه الأزمة على الاقتصاد الفرنسي. وتوقع البعض تدهورًا أكبر في السوق الفرنسية إذا استمرت الأزمة.

التضخم واستمرار الضغوط الاقتصادية

على الرغم من استقرار التضخم في نوفمبر 2024 عند 1.7%، إلا أن الأوضاع المالية الفرنسية لا تزال هشّة. وكان هناك تباطؤ ملحوظ في إنفاق المستهلكين، مع انخفاض في إنفاق السلع المصنعة والطاقة بنسبة 0.4%، وهو أول انخفاض منذ يونيو. كما تراجعت ثقة المستهلكين إلى أدنى مستوياتها منذ يونيو، ما يعكس الأثر الكبير للاضطرابات السياسية على الاقتصاد.

السيناريوهات المستقبلية: التحدي الأكبر لماكرون

بعد سقوط الحكومة، يواجه الرئيس إيمانويل ماكرون تحديًا كبيرًا في اختيار رئيس وزراء جديد قادر على تشكيل حكومة تحظى بثقة البرلمان. كما سيحتاج ماكرون إلى تقديم رؤية واضحة للخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية، في وقت تتزايد فيه الضغوط على فرنسا لاستعادة الاستقرار.

بينما يرى البعض أن هذه الأزمة تمثل تهديدًا خطيرًا للاستقرار السياسي والاقتصادي في فرنسا، يرى آخرون أنها قد تمثل فرصة لإعادة تشكيل المشهد السياسي بطرق جديدة، ربما تكون أكثر توافقًا مع واقع البرلمان الممزق.

آخر الأخبار

عودة العلم الفرنسي إلى دمشق: إعادة ترتيب العلاقات بعد سقوط الأسد

عودة العلم الفرنسي إلى دمشق: إعادة ترتيب العلاقات بعد سقوط الأسد

من المسافة صفر.. فيلم فلسطيني في سباق الأوسكار يعيد غزة إلى واجهة العالم

من المسافة صفر.. فيلم فلسطيني في سباق الأوسكار يعيد غزة إلى واجهة العالم

فيلم "ليلتك زينة": تجربة سينمائية جديدة تدمج التثقيف العلاجي بالفن

الفنانة حنان هادي تخوض تجربة سينمائية فريدة تدمج الفن بالتثقيف الصحي من خلال فيلم "ليلتك زينة"

فينيسيوس جونيور يُتوج بجائزة أفضل لاعب في العالم لعام 2024 في حفل "ذا بيست"

فينيسيوس جونيور يُتوج بجائزة أفضل لاعب في العالم لعام 2024 في حفل "ذا بيست"

ملتقى تحسيسي حول صعوبات التعلم: دور الأسرة والمدرسة في دعم الأطفال

ملتقى تحسيسي حول صعوبات التعلم: دور الأسرة والمدرسة في دعم الأطفال

Please publish modules in offcanvas position.