اختر لغتك

«داعش» يضم المراهقين إلى «ذئابه المنفردة» في أوروبا

«داعش» يضم المراهقين إلى «ذئابه المنفردة» في أوروبا

أستاذ علم اجتماع سياسي: حرص المجتمع الأوروبي على مصلحته يشجع نمو الإرهاب بين النشء

كلما ازداد تنظيم داعش الإرهابي إفلاسًا استخدم وسائل أكثر خطرًا وإثارة للذعر للعودة إلى صدارة المشهد العالمي، فمع تراجعه القوي في العراق استغل التنظيم انشغال النظام السوري في محاربة الفصائل الإسلامية المسلحة في حلب للسيطرة على مدينة تدمر الأثرية، ومع خسارته معقله الأخير في ليبيا وتحرير مدينة سرت نفذ التنظيم تفجيرًا مدويًا في الكنيسة البطرسية بقلب العاصمة المصرية القاهرة. أما عن أوروبا التي بدأت تتخذ أقصى الإجراءات الاحترازية ضد الإرهاب، فقد لجأ التنظيم إلى تجنيد المراهقين في عمليات انتحارية لغزوها.

اللجوء إلى المراهقين ربما يعكس نقصًا في المؤمنين بأفكار داعش من الشباب البالغين، الذين أطقلت التنظيمات الإهابية عليهم مصطلح «الذئاب المنفردة»، اعتمدت عليهم بشدة في تنفيذ عمليات فردية واسعة الصدى دون الحاجة إلى إمكانيات كبرى لتنفيذها.

وجاءت آخر أنباء «الإرهابين المراهقين» في صحيفة «لاتست نيوز» البلجيكية، التي نقلت عن مصادر شرطية توقيف عشرة من المراهقين، اليوم، بعد تخطيطهم لشن عمليات إرهابية خلال فعاليات معارض رأس السنة. وقال إريك فان در سيبت، ممثل النيابة العامة البلجيكية، أن المراهقين تم تجنيدهم منقبل تنظيمات إرهابية، بهدف الإعداد لعمليات إرهابية وتنفيذها.

وأضافت الصحيفة أن داعش يسعى حاليًا إلى تجنيد مراهقين مسلمين للقيام بعمليات إرهابية، وأن المراهقين الموقوفين كانوا يتلقون توجيهات حول ارتكاب جرائم قتل وصناعة قنبلة عبر الإنترنت.

الخبر أضاف المزيد إلى سجل من محاولات إرهابية متتالية لمراهقين دون سن الثامنة عشرة في ألمانيا المتاخمة لبلجيكا، ففي الثامن من ديسمبر ألقت قوات الأمن الألمانية القبض على اثنين من المراهقين، في أعمار الخامسة عشرة والسابعة عشرة، بتهمة التخطيط لهجمة إرهابية متأثرين بتنظيم داعش. وتم القبض على أحد المراهقين في منطقة أشافينبرج، والآخر في منطقة مانهايم، القريبتين من مدينة فرانكفورت.

ووفقًا لتصريحات أمنية لصحف ألمانية، فقد خطط الفتيان لشراء أسلحة نارية، بهدف شن هجوم إرهابي على مؤسسة رسمية لم تتعرف عليها جهات التحقيق بعد، وتمكنا من شراء بندقيتين من طراز كلاشينكوف AK-47. ووجدت الشرطة لديهما أعلامًا لداعش ومواد دعائية خاصة بالتنظيم، وصندوقين من الألعاب النارية غير المصرح باستخدامها قانونيًا، لكن مكتب المدعي العام لمنطقة كارلسروه أشار إلى أن المتهمين قد يعانيان «مرضًا عقليًا».

وفي التاسع من ديسمبر أيضًا ألقت الشرطة القبض على مراهق ألماني – عراقي في الثانية عشرة من عمره، وحاول زرع قنبلة مسمارية في أحد معارض بيع المنتجات الخاصة باحتفالات الكريسماس في سوق مدينة لودفيجسهافن جنوب فرانكفورت، بعد أن حملها في حقيبة ظهره وتركها في السوق، مما دفع أحد المكارة إلى الاشتباه بها وإبلاغ الشرطة التي أبطلت مفعول القنبلة.

ووجدت جهات التحقيق أن الشاب حاول تنفيذ نفس الجريمة في 26 نوفمبر الماضي، ولكن القنبلة لم تنفجر حينها، كما صرحوا بأنه مؤدلج بقوة نحو التطرف الديني بواسطة عنصر غير معروف من تنظيم داعش، وقد حاول السفر إلى سوريا خلال الصيف الماضي للقتال ضمن صفوف التنظيم. وتم إيداع الصبي في مركز لاحتجاز القصَّر.

ولم تسلم ألمانيا بشكل خاص من العمليات الإرهابية للمراهقين منذ شهور، ففي يوليو الماضي فقط نفذ لاجئ أفغاني مراهق عملية طعن باسنخدام سكين وفأس، أدت إلى جرح خمسة ركاب بقطار فورتسبورج قبل أن تقتله الشرطة. كما تمكن مراهق ألماني من أصول إيرانية من قتل تسعة أشخاص في مركز تجاري بمدينة ميونيخ، قبل أن ينفذ عملية انتحارية.

استخدام داعش للأطفال والمراهقين ليس بجديد، حيث عمد إلى تدريب جيل ممن أطلق عليهم اسم «أشبال الخلافة» في معسكرات خاصة، وكلف عددًا منهم بعمليات الإعدام، لا سيما أبناء مقاتليه. ثم تطور الأمر إلى توجيههم نحو العمليات الانتحارية، مثلما اتضح في مقطع فيديو نشره موقع «العربية.نت» والذي أظهر عملية للتنظيم في يناير الماضي، أعدّ فيها أحد الجهاديين ولده ذو الـ 11 عامًا لقيادة سيارة مفخخة وتفجيرها في شمال سوريا.

وفي بعض الأحيان استخدم داعش الأطفال رغمًا عنهم في عمليات انتحارية، حيث اتُّهم بتفخيخ الأطفال والنساء في مدينة سرت الليبية لتفجير قوات الجيش الوطني الليبي عند إنقاذهم، وذكرت صحيفة «العالم» الإيرانية أنه فخخ رضيعًا في يونيو الماضي بعد دفن نصفه الأسفل تحت الأرض، لقتل جنود الحشد الشعبي العراقي أثناء إنقاذه من الأنقاض، فيما تمكن الجنود من تفكيك المواد المتفجرة المربوطة حول جسد الرضيع وإنقاذ حياته.

وكانت آخر الحوادث الدموية للاستخدام القسري للأطفال أمس الجمعة، حيث تتهم المواقع الإعلامية المؤيدة للنظام السوري تنظيم داعش باستغلال طفلة في الثامنة من العمر وإعطائها عبوة متفجرة لا تعرف محتواها، ثم توجيهها إلى موقع تمركز لقوات الجيش السوري في قسم شرطة الميدان بالعاصمة دمشق، وتفجير العبوة عن بعد مما أدى إلى مقتل الطفلة وإصابة أحد العناصر الأمنية.

الدكتور أحمد مجدي حجازي، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة القاهرة، رأى أن المجتمعات الأوروبية تضع مصلحتها في المقام الأول، فمثلًا تستقبل ألمانيا أعداد كبيرة من المهاجرين من فئات متدنية المستوى الاجتماعي بحيث يمكنها الاضطلاع بالأعمال التي يترفع عنها الألمان، المعروفة بـ «Dirty Work»، ولا تعمل على إدماجهم في المجتمع بل تعزلها في «جيتو» خاص بهم، ليسكنوا ويتعلموا ويتسوقوا من أماكن خاصة بهم.

وتابع: «هذه السياسات تجعل المهاجرين يشعرون بأن كرامتهم مهانة، ويتنافرون مع المواطنين الأصليين، وبالتالي يسهل استقطابهم من الجماعات المتطرفة التي تستغل شعورهم بالقهر والإحباط، من خلال استمالتهم بالمال أو التفسير الخاطئ للدين».

وأضاف حجازي أن كل فئة من الماجرين، أو السكان من أصول غير أوروبية، لها استراتيجيات خاصة للاستمالة، ويتركز استقطاب المراهقين على تربيتهم على العنف والتطرف ورفض الحوار حول أفكارهم. مشيرًا إلى أن التنظيمات بدأت بتجنيد الشباب الأكبر سنًا لأنهم أكثر قابلية لاستيعابهم، بسبب ما يعانونه منذ سنوات من التهميش أو نشأتهم قبل الهجرة في مجتمعات غير ديمقراطية.

أما عن إعادة تأهيل المراهقين، أوضح استاذ علم الاجتماع السياسي: «أولًا يجب تصنيف الضبوطين في قضايا إرهاب وتطرف، والتعامل مع كل فئة بما يناسبها حسب درجة اقتناعها بالأفكار المتطرفة. وبشكل عام فإن المراهقين أكثر اعتمادًا على العاطفة في تلك الأفكار، ويتحكم يف اقتناعهم بها درجة طاعتهم للفقيه أو الإمام الذي ينشئهم عليها».

آخر الأخبار

أيام تحسيسية مشتركة لدعم انتقال المجامع التنموية النسائية إلى شركات أهلية

أيام تحسيسية مشتركة لدعم انتقال المجامع التنموية النسائية إلى شركات أهلية

حين يلتقي النقيضان: أطول امرأة في العالم وأقصرهن يتقاسمان لحظة لا تُنسى!

حين يلتقي النقيضان: أطول امرأة في العالم وأقصرهن يتقاسمان لحظة لا تُنسى!

السينما التونسية تتألق في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 2024

السينما التونسية تتألق في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 2024

المنتدى السادس والعشرين لحقائق: السياحة في  المتوسط محور جدل أهل المهنة في الحمامات 

المنتدى السادس والعشرين لحقائق: السياحة في  المتوسط محور جدل أهل المهنة في الحمامات 

نابولي: الأطفال بين السلاح والعنف.. أزمة تهدد جيلًا كاملًا

نابولي: الأطفال بين السلاح والعنف.. أزمة تهدد جيلًا كاملًا

Please publish modules in offcanvas position.