تعمل بعض شركات التكنولوجيا على الاستفادة من الإدمان الرقمي للبشر من خلال إنشاء شبكات اجتماعية افتراضية تجمع الموتى بالأحياء، علما وأن دراسة تعود إلى سنة 2014 توقعت أن يتخطى عدد حسابات المتوفين في فيسبوك عدد حسابات الأحياء عام 2065. ويبدو من خلال ما تم إطلاقه من برمجيات وقبور افتراضية أن هذه التكنولوجيا الجديدة في طريقها إلى المزيد من التطور مستقبلا.
لندن - لم يكن أحد يعتقد أنّ ما صرحت به شركة أميركية أواخر العام 2015 حين أفادت أنها تعكف على تطوير تكنولوجيا جديدة قادرة على إعادة الموتى إلى الحياة بعد 30 عاما باستخدام الذكاء الاصطناعي سيتطور بهذه السرعة وتظهر برمجيات جديدة قادرة على ربط جسور التواصل بين الأحياء وموتاهم.
وكانت شركة هوماي الأميركية كشفت في 2015 عن عزمها على البدء في تنفيذ تقنية جديدة تعيد الموتى إلى الحياة مرة أخرى باستخدام الذكاء الاصطناعي.
ولم تكشف الشركة حينها عن الكثير من التفاصيل حول هذه التكنولوجيا التي سيبدأ تنفيذها بعد 30 عاما، ولكن من المخطط أن تستخدم تكنولوجيا النانو والأجسام الصناعية، حيث سيتم تجميد دماغ الشخص الميت قبل أن يتم وضع رقاقة إلكترونية في عقله مما سيتيح الفرصة للتواصل والحديث معه.
وأكد جوش بوكانيجرا مؤسس الشركة أنه جادّ في فكرته وأنه لا يأبه لمنتقديه، فشركته قادرة على تطوير تكنولوجيات لديها القدرة على إعادة الموتى للحياة وستبدأ في تطوير التقنيات المناسبة في غضون الـ30 سنة المقبلة.
وأشار بوكانيجرا إلى أن شركته تسعى لاستخدام الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا النانو لتخزين البيانات الخاصة بالشخص المتوفى والتي تتضمن طريقة التحدث والأنماط السلوكية، وعمليات التفكير ومعلومات حول كيفية عمل وظائف جسم الإنسان وبعد تحليل البيانات تتم برمجتها داخل أجهزة الاستشعار والرقائق المثبتة في دماغ الإنسان المتوفى.
ومنذ ذلك الحين أظهرت بعض شركات التكنولوجيا حرصا على خلق سبل افتراضية للتواصل بين الموتى والأحياء، وكان آخرها اعتزام كلية هندسة الكمبيوتر في جامعة غبزة التقنية بولاية قوجة إيلي غربي تركيا تشكيل شبكة تواصل اجتماعي باسم المقبرة الافتراضية.
وبحسب الكلية التركية فإن الهدف من إنشاء هذه الشبكة الاجتماعية الافتراضية هو تمكين الأشخاص من إحياء ذكريات أقربائهم الموتى وزيارة أضرحتهم دون الحاجة إلى الذهاب فعليا إلى المقبرة.
وقال محمد غوكتورك الأكاديمي في قسم هندسة الكمبيوتر بجامعة غبزة إنّه واجه صعوبات في بداية الأمر ولم يتمكن من إيجاد الفريق المناسب للقيام بهذا المشروع.
وتابع “نعلم أن عدد الموتى على مر التاريخ يتجاوز بكثير عدد الأحياء على سطح الأرض، وقامت مديريات المقابر في تركيا خلال السنوات الأخيرة بتقديم العديد من الخدمات الإلكترونية”.
وأشار إلى أن مديريات المقابر توفر إمكانية الاستفسار عن مكان ضريح الأشخاص في الولايات المختلفة، مضيفا أن النظام الذي يعدّه مع فريق العمل سيكون موازيا لخدمات مديريات المقابر.
وأوضح أن النظام الجديد سيتيح للزوار ترك إكليل من الزهور على قبور من افتقدوهم وقراءة الدعاء على أرواحهم وكتابة أسطر عن حياتهم وتسجيل رأيهم بالمتوفى.
وتابع غوكتورك “عندما يفتح أقرباء الميت صفحة قريبهم المتوفى سيجدون فيها كافة الرسومات والتعليقات من زوار الصفحة، فالهدف الرئيسي من خطوتنا هذه هو إحياء ذكرى المتوفى واستمرار بقائه في وسائل التواصل الاجتماعي”.
وأفاد أن النظام يتيح الفرصة لتقبّل التعازي وزيارة قبور الأقرباء دون الحاجة للذهاب إلى المقبرة.
وذكر غوكتورك أن من إحدى ميزات النظام الذي سيتم تفعيله في شهر يونيو القادم هي التعرف على المدفون في القبر الذي يجاور قبر القريب والتواصل مع ذويه.
وأوضح أن اثنين من طلابه يعملان حاليا على إتمام المشروع مشيرا إلى أن النظام سيطبق في بادئ الأمر بولاية قوجة إيلي قبل تعميمه على سائر مقابر البلاد.
ولفت في هذا الصدد إلى أن زيارة الموقع ستكون مجانا للجميع، مضيفا “لا ندري كيف ستكون ردود الأفعال تجاه هذا المشروع لأننا نعلم بأن زيارة المقابر أمر حساس بالنسبة إلى العالم الإسلامي”.
واستطرد “من المحتمل أن يقول البعض بأن هذا النظام يبعد الناس عن زيارة المقابر لكن بالمقابل فإن هذا المشروع سيكون وسيلة لتعرف أهالي الموتى على بعضهم البعض”.
وأعرب غوكتورك عن اعتقاده بأن النظام الجديد سيحظى باهتمام شريحة واسعة وذلك بسبب قيام أقرباء الموتى بنشر صور موتاهم على وسائل التواصل الاجتماعي وحرصهم على عدم إلغاء حسابات المتوفين في صفحات الإنترنت.
كما لفت إلى أن النظام الجديد سيساهم في دفع الناس إلى زيارة المقابر والقيام بتنظيف قبر قريبهم والاعتناء به أكثر.
من جهتها حاولت شركة سلوفينية جعل الإدمان الرقمي يتبع الموتى إلى قبورهم حيث تريد أن تؤمن استمرار اتصال المتوفى بالشبكة العنكبوتية من داخل قبره.
وتتمثل فكرة هذه الشركة في تطوير قبر مزوّد بشاشة تفاعلية بمساحة 48 بوصة تعرض محتوى من الصور ومقاطع الفيديو ومواد رقمية أخرى بمجرد مجيء أيّ شخص لزيارة القبر.
ووفق ما نشرته بعض المواقع الإعلامية فإن رئيس الشركة السوفييتية ساسو رادوفانوفيك أوضح قائلا “يتيح هذا القبر وضع أي شيء بجانب اسم ولقب الشخص المتوفى، إذ يمكنك أن تكتب رواية كاملة إذا رغبت في ذلك”. وأضاف “يحتوي القبر على أجهزة استشعار، فعندما لا يتواجد أيّ شخص بجواره تُظهر الشاشة اسم الشخص المتوفّى، وتاريخ ميلاده ووفاته فحسب، وهو ما يوفر الطاقة ويحافظ على الشاشة نفسها ويسهم في طول العمر الافتراضي للقبر”.
مع العلم أن هذا التطبيق الذي زود به القبر يتيح للزائرين الاستماع للموسيقى ومشاهدة مقاطع الفيديو التي تُعرض على هذا القبر من خلال توصيل سماعات الرأس بهواتفهم الذكية.
وقيل إن النموذج الأوّلي لهذا القبر الرقمي وضع بالفعل في مقبرة بوبريزغي بمدينة ماريبور في سلوفينيا.
كما يعمل باحثون من جامعة رايرسون الكندية، بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا على تصميم تطبيق يمكنه إدخال البشر مرحلة جديدة في علاقتهم بالموتى حتى أن الباحثين أكدوا إمكانية التواصل مع الموتى من خلاله.
وبحسب ما نقلته هافينجتون بوست عربي عن صحيفة إل-بريوديكو الإسبانية فإن التطبيق الجديد يمكّن المستخدم من التواصل مع الموتى سواء من معارفه أو من أشخاص لم يعرفهم إلا من خلال الكتب وذلك باستخدام تقنيات الذكاء الصناعي.
ويعمل التطبيق من خلال تجميع بيانات رقمية عن حياة المتوفى وعن الأفكار التي اعتنقها في حياته، ومن خلال رفع درجة دقة وخصوصية تلك البيانات يُمكن لأنظمة الذكاء الصناعي محاكاة طريقة تواصله وتفاعله مع الآخرين تماما كما كان يفعل في حياته، فضلا عن قدرته على التصرف وفقا لطباعه. ويمكن عرض هذه التصرفات من خلال استخدام روبوت قادر على محاكاة السلوك البشري ومحاورة أيّ شخص والرد على أسئلته تماما، كما لو أنك تتحدث إلى قريبك أو صديقك المتوفى، كما سيتمكن الروبوت من الحديث عن الأحداث التي تزامنت مع الوفاة.
وكانت شركة كورية جنوبية أطلقت تطبيقا يدعى “ويذ مي” يسمح للمستخدمين بالتقاط صور السيلفي مع المجسمات الرقمية لأحبائهم بعد وفاتهم، وبفضل الذكاء الاصطناعي يمكن أيضا التحدث معهم أو جعلهم يتفاعلون مع بعض الأوامر أو المعلومات التي تم تحميلها على التطبيق وذلك وفقا لوكالة سبونتيك الروسية.
وقال المتحدث باسم شركة إيلروس “هذا البرنامج صمّم لأولئك الذين فقدوا أحد أصدقائهم أو أحد أفراد أسرتهم، ويواجهون صعوبة في المضي قدما، ويتم تصميم المجسم بناء على شخص حقيقي وهو قادر على التفاعل مع المستخدمين إلى حد ما، معتقدا أن هذه التكنولوجيا الجديدة يمكن أن تكون وسيلة مبتكرة لمساعدة الناس في التغلب على أزمة فقدان أحبائهم”.
وتأمل الشركة الكورية الجنوبية أن تزود الهواتف الذكية بتكنولوجيا التصوير ثلاثية الأبعاد لتبسيط العملية، ومن ثم تشرع في إنشاء مجسم رقمي ثلاثي الأبعاد بناء على تلك الصور قبل إعادة تشكيل وتعديل المجسم لجعله متحركا.
وكشفت شركة ناشئة تحمل اسم “لاكا” في أكتوبر الماضي النقاب عن ذكاء اصطناعي جديد متطور يساعد مستخدميه في التحدث مع أصدقائهم الموتى والتفاعل مع شخصياتهم.
ووفقا لموقع ديلى ميل البريطاني قالت يوجينيا كويدا المؤسس الرئيس للشركة إن الذكاء الاصطناعي الجديد الذي تم تطويره يمثل ما سيكون منتشرا بقوة في المستقبل، فالتقنية الجديدة تعتمد على سجل الرسائل بين الطرفين وإدخال كافة المعلومات والمواصفات والميول الخاصة بالصديق المتوفى، ومن خلال هذا الكم من البيانات ينتج الذكاء الاصطناعي شخصية تحاكي الشخص المتوفى وتتحدث وتتفاعل مع الأصدقاء.
ووصفت الشركة تطبيق “لاكا” الموجود بمتجر آب ستور بأنه وسيلة تساعد مستخدميه على التفاعل مع شخصيات تحاكي أصدقاءهم الذين ماتوا والتراسل معهم وتبادل صور ومقاطع الفيديو المضحكة ووضع الخطط معا واختيار أماكن لتناول الطعام ولعب مباريات على الإنترنت.
وقالت كويدا إنها عملت على تطوير الذكاء الاصطناعي الجديد بعد ثلاثة أشهر فقط من وفاة أقرب صديق لها، لأنها لم تتقبل فكرة انقطاع التواصل بينهما.