تسلط دراسة حديثة الضوء على ارتباط الطلاق في مرحلة الطفولة بزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية في مرحلة متقدمة من العمر، وهو موضوع قد يبدو للوهلة الأولى غير مرتبط بشكل واضح. فقد أظهرت دراسة تناولت بيانات أكثر من 13,200 شخص فوق سن 65 عامًا أن الأفراد الذين شهدوا طلاق والديهم في مرحلة الطفولة كانوا أكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 61% مقارنة بمن لم يعانوا من هذه التجربة. وعلى الرغم من أن هذه الدراسة لا تُثبت علاقة سببية مباشرة بين الطلاق والإصابة بالسكتة الدماغية، إلا أن النتائج تفتح بابًا لفهم العلاقة المعقدة بين العوامل النفسية والاجتماعية والصحية.
مقالات ذات صلة:
نهاية قصة حب طويلة: براد بيت وأنجلينا جولي يوقعان اتفاق الطلاق بعد 8 سنوات من النزاعات
الطلاق يتصاعد في تونس: 14 ألف حالة سنويًا وسط تغيّرات سكانية خطيرة!
ظاهرة مقلقة: تراجع نسب الزواج وارتفاع الطلاق في تونس
الإجهاد النفسي والتأثيرات البيولوجية
يرجح الباحثون أن الإجهاد النفسي الناتج عن تجربة الطلاق في سن مبكرة قد يساهم بشكل غير مباشر في زيادة القابلية للإصابة بالسكتة الدماغية في وقت لاحق من الحياة. هذا الإجهاد قد يؤدي إلى تغييرات بيولوجية على مستوى الجسم، مثل زيادة مستويات هرمونات التوتر (الكورتيزول) التي تُعتبر مرتبطة بارتفاع ضغط الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية. علاوة على ذلك، فإن التوتر النفسي المستمر قد يؤثر سلبًا على صحة الأوعية الدموية ويزيد من فرص تراكم الدهون الضارة في الأوعية الدموية، مما يفاقم احتمالات حدوث الجلطات.
الترابط بين العزلة الاجتماعية والصحة النفسية
علاوة على التأثيرات النفسية الناتجة عن الطلاق، تكشف الدراسات عن تأثيرات خطيرة أخرى تنتج عن العزلة الاجتماعية والوحدة، وهما عاملان يعاني منهما كثير من كبار السن. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يعاني 25% من كبار السن من العزلة الاجتماعية، وهو ما يعكس أحد أكبر التحديات التي تواجه هذه الفئة العمرية. إضافة إلى ذلك، تشير الإحصائيات إلى أن 5-15% من الشباب يشعرون بالوحدة، وهو ما يعكس أيضًا اتساع الظاهرة عبر الأجيال.
الدراسات الحديثة تربط بين هذه العزلة الاجتماعية وزيادة احتمالية الإصابة بالخرف بنسبة 26% لدى كبار السن، وهي إشارة قوية إلى أن التأثيرات النفسية الناتجة عن الوحدة قد تكون أكثر خطورة مما يُعتقد. الوحدة لا تُعد مجرد شعور مؤقت من العزلة، بل هي حالة مزمنة قد تساهم في إضعاف الصحة النفسية والجسدية على حد سواء. كما تشير الأبحاث إلى أن الشعور بالوحدة يعزز من احتمالية الإصابة بالاكتئاب، وهو ما يُعد بدوره عاملًا إضافيًا يزيد من المخاطر الصحية.
العوامل النفسية في مرحلة الطفولة وتأثيرها على الحياة المتقدمة
النظرة الشاملة لهذه الظواهر تشير إلى أن العوامل النفسية في الطفولة قد تمتد تأثيراتها إلى مرحلة الشيخوخة. فبالإضافة إلى الطلاق والعزلة الاجتماعية، يمكن أن تؤثر تجارب الطفولة المؤلمة مثل فقدان أحد الوالدين أو نشوء الأطفال في بيئات غير مستقرة على الصحة النفسية والجسدية في مراحل لاحقة من الحياة. وعلى الرغم من أن كل فرد يتفاعل مع هذه التجارب بشكل مختلف، إلا أن الدراسات تشير إلى أن الأشخاص الذين نشأوا في بيئات غير مستقرة يعانون من معدلات أعلى من الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكتة الدماغية والخرف.
خلاصة
تشير هذه النتائج إلى أهمية تكامل العوامل الاجتماعية والنفسية في معالجة قضايا الصحة العامة، خصوصًا بالنسبة للفئات العمرية المتقدمة. تذكرنا هذه الدراسة بأهمية الاهتمام بالصحة النفسية للأطفال والشباب وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي لهم من أجل تجنب الأثر السلبي على صحتهم في المستقبل. كما أن فهم الروابط بين العوامل النفسية والمشاكل الصحية يعد خطوة أساسية نحو تحسين الرعاية الصحية وتعزيز رفاهية الأفراد في مراحل حياتهم المتقدمة.