ناشطون تونسيون ينظمون وقفة احتجاجية في شارع الحبيب بورقيبة للاحتجاج ضد قرار وزارة الداخلية غلق المقاهي والمطاعم في نهار رمضان بدعوى مخالفته للدستور والحريات الفردية.
نظم ناشطون تونسيون من المجتمع المدني، الأحد الماضي، وقفة احتجاجية في شارع الحبيب بورقيبة، وسط مدينة تونس العاصمة وقرب وزارة الداخلية للاحتجاج ضد قرار وزارة الداخلية غلق المقاهي والمطاعم في نهار رمضان بدعوى مخالفته للدستور والحريات الفردية. وظهر بعضهم بصدد شرب الماء والتدخين بشكل علني في تحد للسلطات.
وانتقد ائتلاف جمعيات حقوقية في تونس الاثنين بشدة قرار وزارة الداخلية. وتقود المنظمة حملة ضد ما اعتبرته تعديا على دستور تونس الجديد، الذي صدر بعد الثورة في 2014 والذي ينص على حرية المعتقد في ممارسة الشعائر الدينية من عدمها.
وقال حاتم الإمام رئيس المنظمة “لا يوجد قانون ينظم عقوبات ضد مفطرين، بل هو اجتهاد من وزير الداخلية الذي استند إلى منشور وزاري مخالف للدستور، كان قد صدر عام 1981 في عهد الوزير الراحل محمد المزالي، تحت حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، للتصدي إلى ما أسماه ‘الجهر بالإفطار في نهار رمضان’، وألغي لفترة قبل أن يعاد العمل به في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي”.
وتابع الإمام “المنشور يمثل تعديا على الحريات الفردية ويتعارض مع الحياة الطبيعية للأفراد، نحن بصدد تقديم عريضة إلى المحكمة الإدارية للطعن في قرار الداخلية”. ويذكر أن المنشور، ومن الناحية القانونية، لا يرتقي إلى مرتبة القانون بل هو إجراء إداري ويمكن إلغاؤه بإجراء مماثل، حسب رأي رجال القانون والمتخصصين. وفي محاولة وصفت بأنها جاءت لإضفاء الصفة المدنية، قال وزير الداخلية التونسي الحالي لطفي براهم، بداية شهر رمضان الحالي، إن الهدف من المنشور هو حماية شعائر الأغلبية المسلمة في البلاد، مثلما تمت حماية شعائر الأقلية اليهودية في الاحتفالات السنوية بجزيرة جربة في وقت سابق.
وتعتبر منظمات حقوقية مثل “جمعية مساندة الأقليات” و”جمعية المفكرين الأحرار” وحتى الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وهي هيئة حكومية، أن المنشور الوزاري ينتهك حقوقا أساسية للمواطنين.
وقال الإمام “نعتبر المنشور مخالفا لمدنية الدولة، ووزير الداخلية بصدد ممارسة دور الشرطة الدينية ويريد فرض طقس ديني محدد على التونسيين بطريقة تعسفية ومتخلفة”.
ويذكر أنه وبعد 14 يناير 2011 تعرضت مقاه لأعمال عنف في نهار رمضان من قبل جماعات سلفية بدعوى مخالفتها لشعائر الصيام.
جدل يتكرر كل عام في تونس بشأن الحق في الإفطار العلني والامتناع عن ممارسة شعائر الصيام، وتحتد حوله الآراء في هذا البلد دون غيره من الجغرافيا التي يعيش فوقها مسلمون يؤدون طقوسهم الرمضانيةـ أو لم يؤدوهاـ دون ضجة إعلامية.
وفي سياق هذا النقاش، نظمت جمعية “المفكرون الأحرار” حملة “موش بالسيف” (ليس بالإجبار) وقفة احتجاجية الأحد الماضي 27 ماي للتأكيد على أن الصوم لا يكون عن طريق الإجبار، وفق قول عضو الجمعية المكلفة بالإعلام ديما الطرابلسي، التي اعتبرت أن قرار وزارة الداخلية يشبه قرار وزارة الشؤون الدينية، مشيرة إلى أن الدولة راعية للدين حسب الدستور لكن تونس فيها العديد من الديانات وتحترم الاختلاف.
إغلاق المقاهي ومنع المواطنين من ارتيادها دون مراعاة لحالتهم الصحية أو معتقداتهم الدينية أو وجود هذه المقاهي والمطاعم بأماكن سياحية خاصة، يعد أمرا مخالفا للحريات الفردية والاجتماعية المنصوص عليها في الدستور، فالإجراءات الإدارية المنظمة لمواعيد فتح وغلق المقاهي، إضافة إلى منشور وزارة الداخلية، كلها قرارات منافية لجوهر دستور الجمهورية الثانية، ولعل غياب نصوص قانونية واضحة هو ما يصعب مسألة تفعيل ما نص عليه الدستور.
وفي المقابل يدعو الصائمون إلى احترام الخصوصية المجتمعية، وعدم التطاول على تقاليد راسخة وضاربة في قدمها منذ قرون، كما أن طقوس الصيام راسخة في ثقافة المجتمع، ولا يمكن إلغاؤها منذ فجر دولة الاستقلال. وحتى الزعيم بورقيبة لم يعمل على منع الصيام كما يشاع بل حاول شرح الأمر وفق مقتضيات المرحلة حين شرح في خطاب مسجل أن هناك عادات وتقاليد ارتبطت برمضان، مثلت السبب الرئيسي في أزمات الدولة الفتية آنذاك، مضيفا وشارحا أعراضا بقوله “تتكون عادات جديدة وتتبدل المواعيد وينحزم كل نظام وتشحب سحنات وتصفرّ وجوه، ولا يعود أيّ كان يستطيع أن يقوم بعمل منتظم مثمر”.