حزب نداء تونس يدعو وزراءه إلى الانسحاب من حكومة "النهضة المنقلبة" لمخالفتها اتفاق قرطاج وخيانتها للأطراف السياسية.
تونس - أكد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، الخميس، رفضه المطلق للتعديل الوزاري الذي أعلنه يوسف الشاهد على حكومته، مشيرا إلى أنه حصل على أسماء لوزراء في الحكومة غير التي تم الإعلان عنها.
وقال السبسي في خطاب موجه إلى الشعب التونسي إن "دوره هو تسهيل دور دواليب الدولة وليس تعطيلها"، مؤكدا أن ليس لديه أي خلاف أو خصومة مع رئيس الحكومة، لكنه أكد على ضرورة احترام صلاحيات رئيس الدولة.
وانتقد الرئيس التونسي "تسرع رئيس الحكومة في الإعلان عن التعديل الوزاري" قبل تعرفه على الأسماء الجديدة المشاركة في الحكومة. وقال إنه في حال "وافق مجلس النواب على التعديل الحكومي فإنه سيوافق على ذلك".
وأكد السبسي أنه لا يوجد أي توريث أو تخطيط للتوريث في تونس، وذلك في إشارة إلى الانتقادات الموجهة لنجله حافظ الباجي قائد السبسي الذي يقود المكتب التنفيذي لنداء تونس.
وأشار إلى أن "رئيس الدولة لا يدخل في مساومات أو أمور إجرائية"، منوها إلى وجود تقاليد وشعب يجب احترام إرادته.
ودعا حزب نداء تونس أعضاء الحكومة التي يقودها يوسف الشاهد والمنتمين إلى الحزب للانسحاب فورا من حكومة "النهضة المنقلبة على الشرعية"، في خطوة تعكس حجم الأزمة السياسية الناجمة عن التعديل الوزاري الأخير.
وينتظر في تونس خطاب للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي سيركز على التعديل الوزاري الأخير الذي رفضته الرئاسة التونسية وتسبب في تعميق الأزمة السياسية في البلاد.
وقال الحزب في بيان إنه يدعو "ممثلي الكتلة النيابية في مجلس النواب على الاعتراض على النظر والتداول في اقتراح رئيس الحكومة المتعلق بطلب جلسة للتصويت على منح الثقة نظرا للاخلالات الدستورية والإجرائية التي شابته".
واعتبر الحزب الذي اجتمع مكتبه السياسي وكتلته البرلمانية صباح الخميس أن عدم الالتزام بقرار الانسحاب من الحكومة يعد "خروجا نهائيا من الحزب واستقالة من كل هياكله".
وأكد نداء تونس أن التعديل الوزاري الأخير يعتبر "خروجا نهائيا عن اتفاق قرطاج وخيانة للأطراف السياسية والاجتماعية التي أعطتها ثقتها وهو ما يفقدها نهائيا لكل شرعية قانونية أو سياسية أو أخلاقية".
وكان رئيس كتلة حزب نداء تونس في البرلمان سفيان طوبال أعلن الأربعاء أن الحزب لن يمنح الحكومة الجديدة الثقة، كما دعا وزراء النداء إلى الاستقالة.
وقال طوبال إن نواب النداء لن يمنحوا أصواتهم للحكومة لاعتراضهم على الإجراءات التي اتبعها رئيس الحكومة عند طرحه للتعديل الوزاري.
وأضاف أن "التعديل الحكومي بعيد عن مشاغل التونسيين والأزمة الاقتصادية. من الناحية السياسية لم يقع التشاور معنا كما وقع خرق الإجراءات الدستورية".
وكرس التعديل الوزاري الأخير على حكومة يوسف الشاهد القطيعة مع السبسي، في خطوة يرجح أن تعمق الأزمة السياسية في البلاد وتؤشر بوضوح إلى طموحات الشاهد الرئاسية مع اقتراب استحقاق انتخابات 2019.
وسجل الشاهد، رئيس الوزراء السابع منذ الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي 2011، رقما قياسيا لجهة مدة بقائه في الحكم منذ تعيينه في آب 2016، بعد ثورة 2011.
ولم يكن الشاهد شخصية معروفة قبل أن يسميه الباجي قبل سنتين خلفا للحبيب الصيد. وكان عضوا في حزب "نداء تونس" الذي يقدم نفسه على أنه علماني وكان يرئسه السبسي. لكن الحزب جمد عضويته في سبتمبر بعد اتهامه بالخروج عن الخط الحزبي.
وأعلنت حكومة الشاهد حربا على الفساد كمحور أساسي في عملها، ما أكسب رئيسها بعض الشعبية والمصداقية وخصوصا بعد توقيف القضاء التونسي رجال أعمال يشتبه بضلوعهم في ملفات فساد.
ويلقى الشاهد دعما برلمانيا مهما يتمثل بكتلتي حزب النهضة الإسلامي (68 نائبا) وكتلة الائتلاف الوطني الوسطية التي تأسست مؤخرا (40 نائبا) من مجموع 217 نائبا. وبالتالي، قد لا يجد صعوبة في الحصول على مصادقة البرلمان على تشكيلته الحكومية الجديدة.
وشمل التعديل الوزاري الواسع الذي أجراه الشاهد الاثنين 13 وزيرا، ولم يتم تغيير وزيري الخارجية والدفاع اللذين يشترط الدستور أن يتم التشاور في تسميتهما مع رئيس الجمهورية.
ومنح الدستور التونسي الذي وضع العام 2014 صلاحيات كبيرة لرئيس الحكومة، الأمر الذي لم يكن يمكن تصوره أيام بن علي الذي حكم بسلطة مطلقة.
وبدأت مؤشرات الخلاف تظهر بين الرئاسة والشاهد منذ التصريح الذي أدلى به الأخير في نهاية مايو واعتبر أن نجل الرئيس حافظ قائد السبسي "دمّر حزب نداء تونس"، بينما يبدو واضحا أن الرئيس يسعى إلى ترشيح ابنه إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة.
على الأثر، دعا الرئيس التونسي، رئيس الحكومة يوسف الشاهد إما إلى التنحي وإما إلى التوجه إلى البرلمان وعرض حكومته لنيل الثقة في سابقة سياسية.
وتصاعدت وتيرة الأزمة إثر إعلان السبسي "نهاية التوافق" الذي جمعه مع رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي منذ الانتخابات التشريعية والرئاسية في 2014، ما دفع النهضة إلى التقرب أكثر من الشاهد.
وتعتبر تونس البلد العربي الوحيد الذي نجا من التداعيات السلبية لما يسمى "الربيع العربي". فقد تمكنت من إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية أشادت بها جهات دولية، ووضعت دستورا جديدا وأقامت هيئات دستورية مستقلة. وتشدد الجهات المانحة التي تساعد تونس في مشاريع إصلاحية وتنموية على أهمية الاستقرار السياسي في البلاد لاستمرار الدعم.