تصريحات متوترة لقيادات النهضة مستهدفة السبسي والجبهة الشعبية، والنيابة العامة تفتح بحثا تحقيقيا في الاتهامات.
تونس - تعهد القضاء التونسي بملف “الجهاز السري” لحركة النهضة المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، وذلك في تطوّر لافت ستكون له تداعيات سياسية على مُجمل المشهد في البلاد الذي دخل في منعطف التجاذبات الحادة التي تسبق الاستحقاقات الانتخابية.
وأثار هذا التطور حفيظة حركة النهضة الإسلامية التي ارتفعت حدّة تصريحات مسؤوليها متضمنة اتهامات مباشرة للائتلاف الحزبي اليساري (الجبهة الشعبية)، وأخرى مُبطنة للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الذي اجتمع، الثلاثاء، مع بسمة الخلفاوي، أرملة السياسي الراحل شكري بلعيد، والمحامي علي كلثوم.
وقال علي كلثوم إنه تم خلال هذا الاجتماع التطرق إلى مستجدات قضية اغتيال بلعيد، وخاصة “العراقيل التي رافقت مسارها والمعطيات الجديدة التي ستُدرج بالملف”.
وأكد في تصريحات أدلى بها في أعقاب الاجتماع المذكور، أن لديه معلومات جديدة تخص هذا الملف الذي أصبح مُرتبطا بملف “الجهاز السري” لحركة النهضة الإسلامية والذي كان مجلس الأمن القومي التونسي قد تعهد بمتابعته على ضوء المعطيات الجديدة التي بدأت تتكشف تدريجيا.
ودفعت تلك التطورات حمّة الهمامي، الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية، إلى التأكيد في تصريحات بُثت، الأربعاء، على أن النهضة متورطة بشكل كبير في ملف “الجهاز السري”، لافتا إلى أن هذا الملف، ومسألة الاغتيالات، وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر” يجب أن تفتح عاجلا أم آجلا”.
ومن جهتها، لم تتردد فاطمة المسدي، البرلمانية عن كتلة حركة نداء تونس، في القول “أكاد أجزم بأن التنظيم السري لحركة النهضة هو من يقف وراء عدة جرائم كبرى من بينها الإرهاب وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر واختراق أجهزة الدولة بما يمس من الأمن القومي للبلاد”.
وعلى وقع هذه التطورات، تحرك القضاء التونسي للتحقيق في ملف “الجهاز″، لا سيما وأن هيئة الدفاع عن القياديين الراحلين شكري بلعيد، ومحمد البراهمي، سبق لها أن تقدمت بدعوى قضائية إلى النيابة العسكرية للبتّ في هذا الموضوع.
وقبل ذلك، أكدت مصادر سياسية أن هيئة الدفاع اجتمعت قبل أربعة أيام مع الأميرال كمال العكروت، المستشار الأول للأمن القومي، حيث قدمت له وثائق جديدة تتعلّق بملف “الجهاز السري” لحركة النهضة الذي يُشتبه في أن له صلة بعمليات الاغتيال.
وأمام هذا التحرك الذي جعل ملف “الجهاز السري” لحركة النهضة يستأثر باهتمام مختلف الأطراف السياسية، أعلن سفيان السليطي، الناطق الرسمي باسم القطب (المُجمع) القضائي لمكافحة الإرهاب، أن النيابة العامة فتحت “بحثا جديا” في المعطيات التي كشفت عنها هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي.
وأكد السليطي في تصريحات صحافية بثتها، الثلاثاء، إذاعة “شمس.أف.أم” المحلية، أن النيابة العامة “لن تتستر على أي طرف في الموضوع مهما كان اسمه.. نحن نتحرك في الأطر القانونية ونحترم القانون”.
لكن تأكيدات السليطي لم تُقنع هيئة الدفاع، حيث قال أحد أعضائها، المحامي رضا الرداوي، إن ما قامت به النيابة العامة في ملف “الجهاز السري” لحركة النهضة يعتبر تحت “سقف الانتظارات”.
واعتبر أن النيابة العامة “تلاعبت بالرأي العام، ولم تفتح بحثا في الغرض خلافا لما قيل، (…) وهي تُحاول استعمال فصول قانونية مُعينة للتهرب من فتح بحث جدي”.
وأكد في المقابل أن “هناك ملفا قضائيا فيه تفاصيل كثيرة عن تورط بعض قيادات حركة النهضة في إدارة وتسيير جهاز للتنصّت والتجسس″. فيما قالت المحامية إيمان قزارة إن هيئة الدفاع “تستهدف من تورط في التنظيم السري لحركة النهضة وفي الاغتيالات السياسية، وتحديدا 26 قياديا”.
وتحوّل ملف “الجهاز السري” إلى هاجس بات يؤرق حركة النهضة الإسلامية التي وجدت نفسها أمام مأزق حقيقي دفعها إلى استنفار أوراقها السياسية التي تبدأ بورقة “المظلومية”، ولا تتوقف عند التهديد والوعيد وذلك في مسعى لاحتواء ارتدادات هذا الملف الذي أربك حساباتها.
الجمعي قاسمي
صحافي تونسي