اختر لغتك

هل رتبت النهضة محاكمة بورقيبة للانتقام من خصم هزمها حيا وميتا

هل رتبت النهضة محاكمة بورقيبة للانتقام من خصم هزمها حيا وميتا

هل رتبت النهضة محاكمة بورقيبة للانتقام من خصم هزمها حيا وميتا

المحاكمة تعيد الجدل بشأن مسار العدالة الانتقالية في تونس، وتوقيتها ساهم في إعادة إنتاج الأزمة المعقدة التي تعيشها تونس منذ وصول النهضة إلى الحكم.
 
 
لندن - أثارت محاكمة الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة بتهمة “اغتيال” صالح بن يوسف أحد قادة الحزب الذي قاد معركة التحرير، في العام 1961، جدلا متصاعدا لاعتبارات تتصل بتوقيت المحاكمة وأهدافها قبل أشهر قليلة من الانتخابات، فيما توجهت أصابع الاتهام إلى حركة النهضة الإسلامية بالوقوف وراء تحريك هذه المحاكمة ضد بورقيبة الخصم الذي هزمها حيا وميتا، وما فتئت الكثير من قياداتها تهاجمه.
 
وانطلق هذا الجدل مباشرة بعد إعلان الدائرة الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، مساء الخميس، عن تأجيل النظر في قضية اغتيال صالح بن يوسف، التي يُنظر إليها على أنها أحد أخطر الملفات التي قسمت التونسيين قبل نحو 58 عاما، وكادت تتسبب في حرب أهلية في البلاد.
 
ولا يبدو أن هذا الجدل سيهدأ قريبا بسبب التطورات في خارطة الأولويات التي تحكم المشهد العام في تونس، لاسيما في هذه المرحلة التي تستعد فيها البلاد لاستحقاقات انتخابية يُعتقد أن نتائجها ستغير موازين القوى في البلاد.
 
وكانت تلك الدائرة القضائية قد باشرت الخميس، النظر في هذه القضية الشائكة، حيث استمعت إلى شهادة لطفي بن يوسف، نجل الراحل صالح بن يوسف الذي تحدث فيها عن عملية اغتيال والده التي تمت يوم 13 أغسطس من العام 1961، داخل أحد الفنادق بمدينة فرنكفورت الألمانية.
 
وأعادت المحاكمة الجدل بشأن مسار العدالة الانتقالية في تونس، كما أن توقيتها ساهم في إعادة إنتاج الأزمة المعقدة التي تعيش البلاد على وقعها منذ وصول حركة النهضة الإسلامية إلى الحكم في خريف العام 2011.
 
واعتبر سليم العزابي، الأمين العام لحزب “تحيا تونس” المحسوب على رئيس الحكومة يوسف الشاهد، أن العدالة الانتقالية في تونس “انحرفت عن هدفها، وتحولت إلى عدالة انتقامية تستعمل النبش في القبور لتحقيق أغراض سياسية دنيئة هدفها الوحيد تشويه مسيرة نضال الزعيم الحبيب بورقيبة”.
 
وحذر العزابي التونسيين من “خطورة استغلال هذه القضية لإفشال المصالحة الوطنية الشاملة والعدالة الانتقالية، التي تتطلب استكمال مسارها على أسس سليمة، والتي نعتبرها الوسيلة الوحيدة لبناء مستقبل يمكّن أبناء الشعب من التعايش في كنف الوحدة الوطنية”.
 
ولم يتردد محسن مرزوق، رئيس حركة مشروع تونس التي تشارك في الائتلاف الحاكم حاليا، في القول إن “محاكمة قتلة بن يوسف المقصود بها محاكمة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة لدوافع سياسية تخريبية تهدف إلى زرع الفتن وتغذية الأحقاد”.
 
وأكد أن الدولة التونسية أعادت الاعتبار لبن يوسف وذلك خلال فترة حكم الرئيس الأسبق زين العابدين  بن علي، متهما هيئة الحقيقة والكرامة برئاسة سهام بن سدرين المنتهية عهدتها بـ”القيام بأنشطة تخريبية”.
 
وأعلن ناجي جلول، الأمين العام لحركة نداء تونس، جناح السبسي الابن، عن اعتزامه “رفع قضية ضد من يحاولون تشويه سمعة بورقيبة ورفاقه”، وذلك في الوقت الذي اعتبر فيه فوزي اللومي، القيادي بحزب البديل برئاسة مهدي جمعة، أن تونس “تتعرض لعملية تخريب سياسي ممنهج آخر فصولها الزج بالقضاء في هذه المهزلة”.
 
ووصف مبروك كورشيد، وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية السابق، هذه المحاكمة بأنها “سم في الدسم”، الغاية منها “ليست إنصاف صالح بن يوسف ومحبيه وعائلته، بل تسجيل النقاط السياسية”.
 
وفيما أشار كورشيد إلى أن المسألة “ليست كيف نعرف القاتل، بل كيف نتجاوز جراح الماضي؟” ذهبت عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر التي تضعها مراكز سبر الآراء في موقع متقدم للفوز في الانتخابات القادمة، إلى أبعد من ذلك، حيث قالت إنها لن تعترف بـ”المهزلة والمحاكمة غير الشرعية للزعيم بورقيبة”.
 
وشددت عبير موسي على أن من أثار هذه القضية ”لن ينال من قيمة بورقيبة… ومهما شوهتم… ستبقى تونس بورقيبية رغم أنف الإخوان”، وذلك في الوقت الذي لزمت فيه حركة النهضة الإسلامية الصمت، حيث لم يصدر عنها أي موقف إزاء هذه القضية التي أعادت شبح الانقسام إلى المشهد التونسي.
 
غير أن هذا الصمت لم يمنع المراقبين من القول إن بصمات حركة النهضة واضحة في هذه القضية، وإنها ليست بعيدة عن هذه المحاكمة، باعتبار أن الانقسام يخدم مشروعها، لاسيما في هذه الفترة التي تتسم بعودة قوية للفكر البورقيبي إلى المشهد السياسي، مقابل انهيار تدريجي للفكر الإخواني.
 
وتذهب بعض الآراء إلى حد القول إن الدلائل تشير إلى أن ما عجزت عن تحقيقه حركة النهضة الإسلامية في مواجهتها للفكر البورقيبي، كانت تتكفل به هيئة الحقيقة والكرامة في سياق منظومة العدالة الانتقالية، التي لم يتوقف الجدل حولها منذ تأسيسها في العام 2013.
 
وأثارت المحاكمة جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي بين المدافعين عنها وبين المعارضين لها، والذين اعتبروا أنها عملية مفبركة تهدف إلى حرف الأنظار عن الأزمات التي تعيشها البلاد، وأن الخطر الأساسي أنها ستقود لإثارة الفتنة وتقسيم المجتمع بشكل حاد.
 
وتولى صالح بن يوسف منصب الأمانة العامة للحزب الحر الدستوري الجديد، كما تولى حقيبة وزارة العدل بين 1950 و1952.
 
وفي عام 1955، عارض فكرة الاستقلال الداخلي لتونس التي كان يتبناها بورقيبة، مما أدى إلى حدوث صدام بينهما، وأدى الخلاف إلى حدوث شرخ في الحزب الدستوري، ودخول أنصار الفريقين في صراع مفتوح.
 
وخسر بن يوسف صراع الزعامة على الحزب وداخل حركة التحرير حيث وقع فصله من الحزب، ليختار ابتداء من يناير 1956 اللجوء إلى المنفى.
 
 
الجمعي قاسمي
صحافي تونسي
 
 

آخر الأخبار

10 سنين عرس: المسرحية التي تجمع بين الفن والإنسانية

10 سنين عرس: المسرحية التي تجمع بين الفن والإنسانية

خارطة طريق رياضية: دروس في العدالة من كمال إيدير

خارطة طريق رياضية: دروس في العدالة من كمال إيدير

العنف الأسري: خيمة توعوية في قلب العاصمة للتصدي لآفة مجتمعية متفاقمة

العنف الأسري: خيمة توعوية في قلب العاصمة للتصدي لآفة مجتمعية متفاقمة

إطلاق مشروع "العمال المهرة" لتأهيل الكفاءات التونسية للعمل في ألمانيا

إطلاق مشروع "العمال المهرة" لتأهيل الكفاءات التونسية للعمل في ألمانيا

سوسة القنطاوي تشهد ارتفاعاً في عدد السياح والليالي المقضاة في 2024

سوسة القنطاوي تشهد ارتفاعاً في عدد السياح والليالي المقضاة في 2024

Please publish modules in offcanvas position.