تعتبر التربية والتعليم من أهم القطاعات التي تشكل أساس تنمية أي شعب ومجتمع؛ وفي هذا الصدد، أكد رئيس الجمهورية السيد قيس سعيّد خلال اجتماع له مع وزيرة العربية الجديدة سلوى العباسي على أهمية هذا القطاع وأنه يُعتبر من قطاعات السيادة في تونس، كما إنه يعد القطاع الذي يشكل رافدا أساسيا لبناء مستقبل مشرق للأجيال القادمة، فالتعليم العمومي الذي يتوفر فيه للجميع على قدم المساواة هو الأساس لتحقيق العدالة الاجتماعية وتمكين الفرد من تطوير قدراته ومهاراته.
إن التعليم الحقيقي لا يقتصر فقط على تلقي المعلومات والمعارف، بل يتطلب تربية شاملة تستند إلى العلم وتحفّز الطلاب على التفكير النقدي وتنمية قدراتهم في جميع المجالات، فالتربية تعني تطوير العقل والشخصية وتشجيع الإبداع والابتكار، وهي عملية مستمرة تهدف إلى صناعة جيل متفكر وقادر على مواجهة التحديات المعرفية والاجتماعية والاقتصادية.
وتأتي أهمية قطاع التعليم والتربية في تونس من خلال إدراج المجلس الأعلى للتربية والتعليم في الدستور، وهو يعكس الاعتراف الوطني بأهمية هذا القطاع ودوره الحاسم في بناء المجتمع وتحقيق التنمية المستدامة، وقد تمت إقامة استشارة وطنية للوصول إلى إصلاحات فعّالة في هذا المجال، حيث يجب أن تكون هذه الإصلاحات مستندة إلى إرادة الشعب وتعبيراً عن تطلعاته واختياراته.
ومن المهم أيضا التنبيه إلى الأخطاء التي حدثت في الإصلاحات التعليمية في الماضي، حيث تم التركيز على حلول سطحية وظرفية دون مراعاة المصلحة العامة للمعلمين والطلاب، فلا يمكن تدارك هذه الأخطاء إلا بعد فترة طويلة من الزمن، ولذلك فإن الآن هو الوقت المناسب لاتخاذ إجراءات جذرية تحافظ على حقوق المعلمين وتؤمن حقوق الناشئة.
في هذا السياق، يجب أن يتم التركيز على إيجاد حلول عاجلة لمعلمين النواب وفقالمقاييس موضوعية تحقق العدالة والتكافؤ في المجتمع التعليمي، كما يجب أن يكون للمعلمين النواب حقوق مضمونة وظروف عمل ملائمة تمكنهم من أداء رسالتهم التعليمية بكفاءة واحترافية، اذ إن حماية حقوقهم وتوفير بيئة تعليمية مناسبة للطلاب يعكس الالتزام الحقيقي للدولة بقطاع التعليم واعتباره ركيزة أساسية لتحقيق التقدم والازدهار.
إن التاريخ التعليمي في تونس يعكس الأهمية التي تُولى للمسألة التربوية، حيث تم وضع قانون التعليم في عام 1958، بجهود المجلس القومي التأسيسي آنذاك، وهذا يشير إلى أن التربية والتعليم لا تقل أهمية عن المسائل الدستورية، بل هي أساسية لبناء الأمة وتحقيق التقدم الشامل.
إن رسالة التربية والتعليم تتطلب تعاونا شاملا بين جميع الأطراف المعنية، بدءا من الحكومة والمسؤولين التعليميين وصولاً إلى المعلمين وأولياء الأمور والطلاب، اذ يجب أن يكون الهدف المشترك هو توفير بيئة تعليمية تحفز الطلاب على التعلم وتنمية مهاراتهم وقدراتهم الفردية.
لذا، فإنه يتعين علينا أن نواصل العمل بجدية وتفانٍ لتحقيق تحسينات حقيقية في قطاع التربية والتعليم، كما يجب أن نتجاوز المصالح الضيقة والحسابات السياسية القصيرة المدى، وأن نركز على الاستثمار في المعلمين وتوفير الموارد اللازمة لتحقيق تعليم عالي الجودة ومتميز.
لذا لابد من جعل التربية والتعليم ركيزة أساسية لمستقبل تونس، حيث يصبح الطلاب أصحاب عقول ناضجة ومتفكرة، وحاملي رسالة العلم والتقدم، فهو رسالة تونس للمستقبل، ترسخ القيم العلمية والأخلاقية في نسيج المجتمع، وتفتح آفاقا واسعة للتنمية والابتكار.
ايمان مزريقي