في خطوة جريئة وغير مسبوقة، أعلنت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن أسماء الجابري عن انطلاق ثورة تشريعية تعيد رسم ملامح الطلاق والنفقة والتوفيق الأسري، في محاولة لإنقاذ الأسر التونسية من شبح التفكك. خطوة قد تقلب الموازين في ظل ارتفاع نسب الطلاق والآثار المدمرة للخلافات العائلية.
مقالات ذات صلة:
حين يظل الطلاق مجرد ورقة: مواجهة المطلقة لتدخلات الرجل النرجسي
إصلاحات جديدة في نظام النفقة والطلاق: نحو دعم أوسع وتمويل أكثر استدامة
📌 الطلاق لا يلغي الأبوة.. هل يلتزم الآباء المطلقون بواجباتهم تجاه أبنائهم؟
النفقة وجراية الطلاق.. من "معركة قانونية" إلى "حق مضمون"؟
لأكثر من ثلاثة عقود، كانت النفقة وجراية الطلاق معضلة تؤرق المطلقات وأطفالهن، وسط تعقيدات تنفيذ الأحكام وصعوبة تحصيل الحقوق المالية. واليوم، تسعى الوزارة إلى قلب الطاولة عبر مراجعة القانون المتعلق بصندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق (الصادر سنة 1993) ليصبح أكثر شمولية، حيث لن يقتصر على صرف المبالغ المستحقة، بل سيمتد ليشمل رعاية اجتماعية وصحية ومرافقة مهنية للمرأة المطلّقة وأبنائها.
لكن التحدي الأكبر يكمن في تنفيذ الأحكام القضائية، فهل ستتمكّن هذه الإصلاحات من تقصير المسافة بين النصوص القانونية والواقع الميداني؟
"الموفّق الأسري".. حل جذري أم مجرد تهدئة للصراعات؟
الأكثر إثارة في هذا المشروع هو استحداث خطّة "الموفّق الأسري"، وهو منصب جديد يعهد إليه بـتفكيك القنابل الموقوتة داخل الأسر، عبر محاولة تقريب وجهات النظر بين الأزواج قبل الطلاق، وتقليل الآثار المدمرة للنزاعات العائلية، خصوصًا على الأطفال.
وفيما يعتبر البعض هذه المبادرة خطوة ثورية قد تقلّل نسب الطلاق، يرى آخرون أنها قد تكون مجرد محاولة بيروقراطية غير كافية، ما لم تترافق مع حوافز فعلية تدفع الأزواج إلى التوصل لحلول سلمية.
هل تنجح تونس في وقف نزيف الأسر؟
تشير الإحصائيات إلى أن تونس تسجل معدلات طلاق مرتفعة، حيث يقع طلاق واحد كل عشر دقائق، ما يطرح أسئلة جوهرية حول فعالية القوانين الحالية في حماية الأسر. ومع إعلان هذه الإصلاحات، يبقى التحدي الحقيقي في تطبيقها بفعالية، بعيدًا عن التعقيدات الإدارية والعراقيل القانونية.
هل تكون هذه المبادرة المنقذ المنتظر للأسر التونسية، أم أنها مجرد مهدّئ مؤقت لنزيف مستمر؟