نشرت مجلة "إيكونوميست" البريطانية تقريرا، تتحدث فيه عن الجهاديين العائدين إلى تونس، حيث يعتقد أن عدد من انضم إلى الجماعات الجهادية في الخارج يصل إلى ستة آلاف تونسي، مشيرة إلى أن عددا منهم بدأوا بالعودة إلى بلادهم.
وتقول المجلة: "نقل عن زعيم تنظيم القاعدة في العراق أبي مصعب الزرقاوي، قوله ذات مرة: (لو كانت بنقردان قريبة من الفلوجة لحررنا العراق كله)، وكان الزرقاوي، الذي قتلته غارة أمريكية عام 2006، يتحدث عن البلدة التونسية التي تقع في جنوب شرق البلاد، والقريبة من الحدود مع ليبيا، وينظر إليها على أنها أكبر مورد للجهاديين في العالم".
وتعلق المجلة قائلة: "لا يوجد مكان يجسد التحديات التي تواجه الحكومة التونسية مثل هذه البلدة، في وقت تحاول فيه تقوية الديمقراطية المترنحة، التي بدأت منذ الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي قبل ستة أعوام".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "المئات احتفلوا بذكرى الثورة في 14 كانون الثاني/ يناير، بالتظاهر في الشوارع، مطالبين بالوظائف، وبدأت التظاهرات في بنقردان، قبل أن تنتشر في الأماكن الفقيرة الأخرى، مثل سيدي بوزيد والمكناسي وقفصة، ومنع المتظاهرون موكبا للرئيس التونسي القايد الباجي السبسي، الذي كان في البلدة لإحياء ذكرى الثورة، وهتف المتظاهرون (العمل حقنا)، وهو الشعار ذاته الذي رفعوه في ثورة عام 2011".
وتؤكد المجلة أن "العمل حق يصونه الدستور الذي تمت المصادقة عليه في عام 2014، إلا أن مستوى البطالة المقدرة نسبتها بـ15%، أعلى مما كان عليه قبل الثورة، ويظل مستوى البطالة بين الشباب وأبناء الريف مرتفعا، وهذا يعود في جزء منه إلى سلسلة من الهجمات التي أبعدت السياح والمستثمرين الأجانب عن البلاد، وفي الوقت ذاته أغلق المتظاهرون العاطلون عن العمل الطرق المؤدية إلى مناجم الفوسفات، بشكل أضر بعملية تصديره، وكانت الحكومات ترد في الماضي على الاحتجاجات بإصدار الوعود، بأنها ستخلق فرص عمل جديدة، ما كان يخلق بيروقراطية متضخمة، وفي الوقت الحالي هناك تجميد في التوظيف".
ويجد التقرير أنه "في ظل غياب فرص العمل، فإن الشباب المحرومين، الذين يشعرون بالإحباط، خاصة في المناطق الريفية، يصبحون الهدف الرئيسي للناشطين في تجنيد أتباع للحركات الجهادية، ويعتقد أن عدد من انضم إلى هذه الجماعات في الخارج يصل إلى ستة آلاف تونسي، ومعظمهم يقاتل في العراق وسوريا وليبيا وفي مناطق أبعد من ذلك، ومن هؤلاء أنيس العامري (24 عاما)، الذي قاد شاحنة في سوق لعيد الميلاد في برلين، وقتل 12 شخصا، وقتلته الشرطة الإيطالية لاحقا".
وتلفت المجلة إلى أن "الحكومة تحاول الحد من تدفق الجهاديين إلى الخارج، حيث أغلقت المساجد التي يقودها الراديكاليون، وتراقب آلافا من المشتبه بهم، ولا يسمح للتونسيين تحت سن الخامسة والثلاثين بالسفر إلى ليبيا وتركيا وصربيا، وهي دول تعد من المعابر الرئيسة إلى العراق وسوريا وأوروبا، وقامت الحكومة بتشديد الرقابة على الحدود مع تونس وليبيا، وأقر البرلمان قانونا لمكافحة الإرهاب، رغم النقد الذي وجهته منظمات حقوق الإنسان، حيث يعطي هذا القانون الحكومة السلطات لاعتقال المشتبه بهم، والتنصت على الهواتف، بالإضافة إلى أمور أخرى".
ويفيد التقرير بأن "التدفق توقف في معظم الحالات، فيما بدأ عدد منهم بالعودة إلى بلادهم، بعد خسارة تنظيم الدولة مناطقه، وتقول وزارة الداخلية إن هناك 800 شخص عادوا، ويخشى البعض من قيامهم بتنفيذ هجمات، وبالتأكيد فإن التنظيم أخبرهم بالقيام بعمليات كهذه، وأعلن مسؤوليته عن هجمات نفذت في البلاد، ففي آذار/ مارس العام الماضي، دخلت مجموعة كبيرة من المقاتلين التونسيين بنقردان؛ أملا في إنشاء موطئ قدم لهم، وقتل في المواجهات بين الجهاديين والأمن التونسي العشرات، ويخشى بعض قادة الأمن التونسي من (صوملة) البلاد".
وتنوه المجلة إلى أن "السبسي قلل الشهر الماضي من حجم الخطر، لكن بعد نقد كبير، ودعوات إلى تجريد المتطرفين من الجنسية التونسية، قررت الحكومة تهيئة نفسها لمواجهة الخطر، وقال رئيس الوزراء التونسي، الذي ينتمي إلى حزب (نداء تونس)، إن حكومته ستلقي القبض على المتشددين العائدين إلى البلاد، وتدعم حركة النهضة موقف الشاهد، الذي قال: (لدينا التفاصيل كلها) عن العائدين، و(نعرفهم واحدا تلو الآخر)".
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالإشارة إلى أن "هناك الكثيرين من الذين غادروا البلاد وعادوا دون المرور بنقاط الهجرة، وفي الوقت ذاته لم تتم معالجة المظالم التي دفعت الكثيرين إلى اللجوء إلى الخط الجهادي، وفي أماكن مثل بنقردان يشعر السكان أن الحكومة لا تهتم بهم كثيرا".