عودة الحياة إلى السياحة يمكن أن تحرك نشاط القطاعات الأخرى في ظل اتساع الرهانات على الأسواق الصينية والروسية والخليجية.
تونس - كشفت بيانات حديثة أعلنت عنها وزارة السياحة التونسية أمس، عن قفزة كبيرة في العوائد منذ مطلع العام مع تواصل تعافي القطاع من آثار الهجمات الإرهابية التي ضربت البلاد قبل ثلاث سنوات.
وزادت عوائد السياحة في الربع الأول من هذا العام بنحو 23 بالمئة بمقارنة سنوية، لتبلغ 457 مليون دينار (191 مليون دولار)، ما يؤكد نجاح الاستراتيجية التي اتخذتها الحكومة الحالية منذ توليها السلطة في أغسطس 2016، ولا سيما تلك المتعلقة بالجانب الأمني.
وتستهدف السلطات نمو عدد الوافدين بنحو 30 بالمئة العام الحالي، مقارنة مع العام الماضي، مدفوعا باستقرار الأوضاع الأمنية وارتفاع الحجوزات.
وتوقعت وزيرة السياحة سلمى اللومي استقبال أكثر من 8 ملايين سائح هذا العام، وقالت في تصريحات لوسائل إعلام محلية في شهر فبراير الماضي إن بلادها أصبحت تراهن على أسواق جديدة مثل روسيا والصين وكذلك الخليج، غير مكتفية بالأسواق الأوروبية التقليدية.
ويعتقد خبراء أن تونس بإمكانها استقبال أكثر منذ ذلك العدد لأن الأوضاع باتت مستقرة كثيرا، مع تواصل الملاحقات الأمنية للإرهابيين في البلاد، وبالتالي فإن العوائد يمكن أن تتجاوز ما حققته العام الماضي حينما بلغت قرابة 1.2 مليار دولار.
ووسّعت بريطانيا آفاق انتعاش القطاع السياحي التونسي بعد أن اتخذت خطوات عملية لاستئناف الرحلات إلى تونس مجددا، وهو ما يعني منح الضوء الأخضر لبقية الشركات السياحة العالمية للتسابق نحو البلاد.
واستأنفت شركة “توماس كوك” البريطانية رحلاتها منتصف شهر فبراير الماضي، بتخصيص ثلاث رحلات أسبوعيا بعد أن علقتها في أعقاب الهجوم الإرهابي الذي استهدف فندقا بمدينة سوسة منتصف 2015 وراح ضحيته 38 سائحا بريطانيا.
وانضمت شركة “توي غروب” الألمانية إلى عملاق الرحلات البريطاني في استئناف الرحلات السياحية إلى تونس، كما خففت اليابان، بالتزامن مع ذلك، حظر السفر عن مواطنيها بعد تحسّن الأوضاع الأمنية.
وأعطى رفع الدول الاسكندنافية، وهي الدنمارك والنرويج والسويد وفنلندا وآيسلندا وجزر فارو، حظر سفر مواطنيها لتونس قبل ذلك، دفعة قوية للحكومة التي يقودها يوسف الشاهد التي تعمل على إقناع حكومات الدول بأن الوضع الأمني في البلاد مستقر.
وسبق أن أعلنت كل من فرنسا وبلجيكا وهولندا وبولندا ولوكسمبورغ رفع حظر سفر مواطنيها لتونس، وهو مؤشر على عودة الثقة لشركائها التقليديين.
وعمّ التفاؤل الأوساط السياحية الشهر الماضي، بطي صفحة المتاعب التي عانى منها القطاع، والذي يعد مؤشرا لقياس الأوضاع الاقتصادية، بعد انضمام تونس لاتفاقية “السماوات المفتوحة”.
وستكون كافة المطارات مفتوحة أمام شركات الطيران الأوروبية خلال النصف الثاني من العام الجاري، ما عدا مطار تونس قرطاج الذي سيكون خارج الاتفاقية لخمس سنوات لإعطاء الخطوط التونسية الوقت الكافي لاستعادة أنفاسها.
ويقول اقتصاديون إن الاتفاقية ستمكن من جلب المزيد من السياح إلى تونس، لكن هذا التفاؤل يخفي في طياته قلقا من إمكانية انهيار الناقلة المملوكة للدولة.
وتأمل الحكومة في أن تساعد الاتفاقية على زيادة عدد المسافرين عبر مطارات البلاد ليبلغ 20 مليون سائح في العشرية المقبلة.
وتشكل السياحة نحو 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لتونس وتعد من أهم القطاعات لأنها توفر أكبر نسبة من فرص العمل بعد القطاع الزراعي، حيث تشير البيانات إلى أن 400 ألف شخص يعملون في السياحة.