تجدّدت مساء الأحد 12 أكتوبر 2025 الاحتجاجات السلمية لأهالي شاطئ السلام بولاية قابس، رفضًا لتردّي الوضع البيئي وتفاقم حالات الاختناق في صفوف التلاميذ، بسبب الانبعاثات الغازية المنبعثة من وحدات الإنتاج التابعة لـ المجمع الكيميائي التونسي.
وتأتي هذه التحرّكات في سياق غضب شعبي متصاعد تجاه ما يعتبره الأهالي “تجاهلًا رسميًا” لمعاناتهم المستمرة، حيث يعيش سكان شاطئ السلام وغنوش وبوشمة على وقع تلوّث مزمن تسبّب في أضرار صحية وبيئية خطيرة، وسط اتهامات للمجمع الكيميائي بتشغيل مصانع متقادمة تجاوزت عمرها الافتراضي.
وأكد عدد من المحتجين أن الوضع لم يعد يُحتمل، مشيرين إلى أن "رائحة الغازات تخنق الصغار والكبار على حدّ سواء، والمدارس تحوّلت إلى فضاءات ملوّثة تهدّد صحة التلاميذ".
من جهتها، دعت الجامعة العامة للنفط والمواد الكيميائية التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل إلى تبنّي مقاربة وطنية شاملة تُوازن بين البعد البيئي والاجتماعي والاقتصادي، مؤكدة في بيان لها أنّ المجمع الكيميائي يُعدّ مكسبًا وطنيًا يساهم في الأمن الغذائي ويؤمّن آلاف مواطن الشغل المباشرة وغير المباشرة.
وشدّدت الجامعة على ضرورة تحديث التجهيزات الصناعية، وتعزيز مستويات الحماية البيئية عبر اعتماد تقنيات نظيفة ومراقبة دقيقة للانبعاثات، داعية إلى وضع خطة وطنية لمعالجة مادة الفوسفوجيبس بطرق تكنولوجية مبتكرة ومستدامة تضمن استمرارية النشاط الصناعي دون الإضرار بالمحيط.
في المقابل، كان رئيس الجمهورية قيس سعيّد قد قرّر خلال لقائه الأخير بوزيري الصناعة والبيئة توجيه فريق مشترك إلى معمل الحامض الفسفوري بقابس لـ"إصلاح ما يجب إصلاحه في أسرع وقت ممكن"، في محاولة لاحتواء الأزمة المتصاعدة.
وبين احتجاجات الشارع ووعود الإصلاح، تبقى قابس تختنق بين فكيّ التنمية الموعودة والتلوّث المتوارث، فيما ينتظر الأهالي حلولًا جذرية تنقذ ما تبقّى من المدينة الساحلية الجميلة التي تحوّلت إلى رمز للمعاناة البيئية في تونس.