لم تعد وفرة الأخبار حدثاً إيجابياً عند الجميع، بل صارت للبعض نقمة تثير القلق وتدفع إلى العزوف عن المتابعة. فقد أصبحت ظاهرة "تجنّب الأخبار" أو ما يسميه خبراء الصحة النفسية بـ"فوبيا متابعة الأخبار"، حقيقة عالمية آخذة في الاتساع.
📊 أرقام صادمة
بحسب استطلاع حديث لـ«معهد رويترز لدراسة الصحافة»، ارتفعت نسبة تجنّب الأخبار إلى مستوى قياسي بلغ 40% من المستجوبين في نحو 50 دولة، مقارنة بـ29% فقط سنة 2017. وفي الولايات المتحدة وصلت النسبة إلى 42%، بينما بلغت 46% في بريطانيا. السبب الأبرز: الأخبار تؤثر سلباً في المزاج.
⚠️ الإنهاك العاطفي والإعلامي
المنتديات الإلكترونية المعنية بالصحة النفسية امتلأت بنقاشات حول "التخفف الإخباري". البعض يكتفي بالاطلاع مرة واحدة أسبوعياً، وآخرون يقاطعون الأخبار كلياً لتفادي الإحباط، فيما يكتفي جزء ثالث بقراءة العناوين فقط.
📺 الأثر النفسي.. من 11 سبتمبر إلى كوفيد
دراسات أكاديمية، أبرزها ما قادته البروفيسورة روكسان كوهين سيلفر (جامعة كاليفورنيا-إيرفاين)، أثبتت أن التعرض المكثف للأخبار، خاصة المأساوية منها، يرفع مستويات القلق والاكتئاب، ويرتبط بأعراض اضطراب ما بعد الصدمة. ومع الهواتف الذكية وإشعارات الأخبار الفورية، تحوّل "الإغراق الإعلامي" إلى ضغط نفسي مستمر.
🧠 نصائح لمواجهة الظاهرة
- تحديد أوقات ثابتة لمتابعة الأخبار.
- الاعتماد على نشرات مختصرة وموثوقة.
- إغلاق إشعارات الأخبار.
- تقليل الاعتماد على شبكات التواصل كمصدر إخباري.
📚 فجوة اجتماعية مقلقة
الباحث بنيامين توف في كتابه تجنّب الأخبار يميّز بين "الانسحاب الواعي" (الذي قد يكون صحياً) و"المقاطعة التامة" التي تهدد المشاركة السياسية. ويؤكد أن استمرار هذه الظاهرة قد يعمّق الانقسامات الاجتماعية، خاصة أن التجنّب أكثر شيوعاً بين الشباب والنساء وذوي الدخل المحدود.
بين ثقل الأخبار وضغط صورها الصادمة، وبين الحاجة إلى البقاء على اطلاع، يقف الناس أمام معادلة صعبة. لكن المؤكد أن ظاهرة "فوبيا الأخبار" لم تعد حالة فردية بل أزمة عالمية تضع الإعلام والمجتمع أمام تحديات جديدة.