في أجواء ذكرى الجلاء المجيد تتألق هذه الشابة البالغة 15 عاما وابنة ماطر ليس فقط كعازفة كمان ماهرة بل كرمز للوعي والإبداع والمسؤولية فكل نغمة تعزفها تنبض بالشغف وبفهم عميق لدور الفن في التعبير عن الذات والقيم الوطنية ما يجعلها تتخطى سنها الزمني في إدراك المسؤولية تجاه مجتمعها ووطنها.
نشأت رحمة في حضن ثقافي وعلمي خصب تحت إشراف والدها الدكتور عبد الرحمان المرساني الباحث المتميز في علم الاستماع والنموذج الحي للالتزام الوطني والمهنية، فقد نقل إليها خبراته العملية والفكرية وغرس فيها قيم الاجتهاد والانضباط وحب المعرفة والانفتاح على القضايا الوطنية والإنسانية حتى صارت شخصيتها مرآة للتوازن بين الطموح الفني والانتماء الواعي.
لقد تجلت روح رحمة الوطنية والفكرية في مشاركاتها المتميزة في المناسبات الوطنية والفكرية أبرزها ندوة "من بنزرت إلى غزة: معارك التحرير في المنظور الأممي"حيث رفعت العلمين التونسي والفلسطيني مجسدة تضافر الفن بالانتماء وفهمها العميق لمعنى الحرية والكرامة الإنسانية، هذه اللحظات لم تكن مجرد رمزية بل ترجمة صادقة لشخصية شابة مدركة لفلسفة الانتماء حاضرة بأثرها في كل من حولها ومؤثرة في الجيل الصاعد من خلال تمازج الفن والفكر والإرث التاريخي.
وعلى الصعيد الفني، فإن عزف رحمة على آلة الكمان يحقق توازنا ساحرًا بين التقنية والإحساس إذ تتحرك أصابعها بدقة وإتقان لتصوغ لوحة موسيقية نابضة بالحياة وتعكس شعورها العميق بالموسيقى وفهمها لدورها في تحريك المشاعر وإيصال الرسائل الإنسانية. أداؤها ليس مجرد تقديم موسيقي بل تجربة متكاملة تنبض بالانضباط والإبداع والشغف وتفتح أمامها آفاقا واسعة على المستوى الوطني والدولي.
رحمة المرساني تمثل اليوم نموذج الشابة التونسية الواعية والمتوازنة القادرة على مزج الموهبة بالفكر والانتماء ونقل القيم الثقافية والاجتماعية لمن حولها، فشخصيتها المتكاملة تعكس قدرة تونس على إنتاج شباب مبدع ومثقف قادر على رفع اسم البلاد عاليا بين الأمم وإلهام مجتمعها بالموسيقى والفكر والانتماء لتصبح رحمة رمزا حيا لمستقبل تونس المشرق كما يليق بتاريخها وكرامة شعبها.