تستعدّ مدينة تستور من ولاية باجة، لاحتضان الدورة التاسعة من مهرجان الرمان، الذي يُقام من 29 أكتوبر إلى 2 نوفمبر 2025، في تظاهرة تجمع بين الفلاحة والثقافة والتراث الأندلسي العريق، لتؤكد مرّة أخرى أن الرمان ليس مجرّد ثمرة، بل هو رمز لهويةٍ لا تذبل.
يمتدّ برنامج المهرجان على خمسة أيّام تتضمّن أنشطة ثقافية وعلمية وترفيهية متنوّعة. وتنطلق الفعاليات يوم 29 أكتوبر بالافتتاح الرسمي، يليه معرض لمنتوجات الرمان ومشتقاته، وندوات علمية ومحاضرات حول أهمية هذه الثمرة ودورها في السياحة والتراث الأندلسي، على أن يُختتم اليوم الأول بسهرة فنية يشارك فيها عدد من الفنانين التونسيين من بينهم محمد الجبالي ودرة الفورتي.
ويُخصَّص يوم 30 أكتوبر لمحاضرة علمية بعنوان "الممارسات الفلاحية المتّبعة عند الأندلسيين"، تليها في 31 أكتوبر مداخلة للدكتور علي الطيب حول "التراث المائي الأندلسي"، في تأكيد على العلاقة الوثيقة بين تستور وتراثها الموريسكي الذي ما يزال نابضًا في وجدان أهلها.
أما يوم 1 نوفمبر، فسيُخصَّص لفعالية "الطبخ الفرجوي" التي تستعرض أكلات أندلسية وتتيح للحضور فرصة التذوّق، بإشراف مجموعة من الطهاة التونسيين، في إطار تثمين الرمان كمكوّن أساسي في المطبخ المحلي. ويُختتم المهرجان يوم 2 نوفمبر بعروض فنية تراثية تنطلق بعرض "الزرّية"، تليها سهرة "الختمية" التي تجمع بين الإيقاع الشعبي والنكهة الأندلسية الأصيلة.
وتُعرف مدينة تستور، منذ مطلع فصل الخريف، باحتفائها بثمرة الرمان التي تلقى إقبالًا واسعًا من التونسيين، إذ تمتد زراعتها على مساحة تناهز 1450 هكتارًا، وتُنتج قرابة 12 ألف طن سنويًا، ما يجعل موسم الجني من أبرز المواسم الفلاحية التي توفّر آلاف مواطن الشغل الموسمية في الجهة.
مهرجان يتجاوز الفلاحة إلى الهوية
لا يُختزل مهرجان الرمان في كونه مناسبة فلاحية أو تجارية فحسب، بل هو احتفال بالهوية الأندلسية التي ما زالت تنبض في تفاصيل الحياة اليومية بتستور.
فالرمان، كما يقول الأهالي، ليس مجرّد ثمرة... بل ذاكرة تُقطف كل خريف، تحمل حلاوة التاريخ ومرارة الرحيل، وتُعيد رواية حكاية الأندلسيين الذين جاؤوا حاملين معهم زادهم من العلم والفنّ والزراعة.
إنه مهرجان يمزج بين التراث والحداثة، بين الأرض والوجدان، ويعيد إلى الواجهة صورة تستور كمدينة لا تزال تُقاوم النسيان، بالرمان وبالموسيقى وبالإنسان.