في مفارقة صادمة، تواجه النرويج التي تُعد من أغنى دول العالم تحديات غير متوقعة ناجمة عن ثروتها النفطية الهائلة التي كانت سبب نهضتها الاقتصادية، لكنها اليوم تحولت إلى عبء يهدد حيوية اقتصادها ومجتمعها.
بعد اكتشاف نفط عملاق عام 1969، انطلقت النرويج بثروة تُقدر بتريليونات الدولارات عبر صندوقها السيادي الضخم، إلا أن هذه الثروة بدأت تخلق اقتصاداً “كسولاً” ومجتمعاً “مستهلكاً” وفق خبراء محليين، مما يطرح تساؤلات خطيرة: هل تصبح الثروة لعنة على البلاد؟
كتاب حديث أثار ضجة واسعة بعنوان “الدولة التي أصبحت غنية أكثر من اللازم” يفضح خللاً صارخاً في إدارة أموال النفط، من مشاريع بنية تحتية ضخمة مُكلفة بلا جدوى، إلى نظام ضريبي يخنق الابتكار ويدفع الكفاءات للهرب.
وفي الوقت الذي تتراجع فيه نتائج التعليم وتزداد معدلات الدين الأسري، يُخشى أن تُفقد النرويج موقعها كأحد أبرز مراكز الابتكار العالمي، وسط مؤشرات واضحة على تراجع الحافز الوطني والإبداع.
ومع تصاعد تهديدات التحول العالمي للطاقة النظيفة، يواجه قطاع النفط النرويجي مستقبلاً مظلماً، في حين يستمر الصندوق السيادي في تمويل الإنفاق الحكومي المرتفع الذي قد يهدد رأس المال الوطني.
هل تنجح النرويج في إعادة تشكيل مستقبلها قبل فوات الأوان؟ أم أنها ستصبح المثال الحي على كيف يمكن للثراء أن يقتل طموح الأمة؟
الساعة تدق، والقرار بيد صناع السياسة والاقتصاد.