في مثل هذا اليوم، 29 سبتمبر 1994، غادر الشاب حسني، مغني الراي الجزائري، عالمنا تاركًا فراغًا موسيقيًا لم يملأه أحد. لم يكن ابن وهران يتوقع أن الرصاص، الذي غالبًا ما يستهدف السياسيين والمعارضين، سيتوجه نحوه ليخترق حنجرته ويترك الملايين من الشباب الجزائريين في حزن عميق.
حسني شقرون، المعروف باسم الشاب حسني، رحل عن الدنيا في عمر 26 سنة بعد سبع سنوات فقط من الغناء، لكنها كانت كافية ليصبح صوتًا يعكس مشاعر الجيل ويقف أمام ظلامية التسعينات الجزائرية. أغانيه العاطفية، مثل "طال غيابك يا غزالي" و"مزال كاين ليسبوار" و"متبكيش دا مكتوبي"، رسخت في ذاكرة الشباب كمصدر أمل في زمن القتل والخوف والفقر.
في صباح يوم الرحيل، كان الشاب حسني ينوي ببساطة إنزال كرسي متحرك من سيارته للتبرع به لأحد جيرانه المقعدين. تحية من ثلاثة رجال كانت كافية لتحويل اللحظة إلى مأساة، إذ أطلقوا النار على حسني بطريقة غادرة، ظانين أنهم يخرسونه إلى الأبد. لكن روحه وفنه بقيا حيين في قلوب محبيه.
مئات الأغاني التي تركها حسني، أكثر من 300 أغنية، لم تكن مجرد موسيقى، بل مرآة لتجارب الحب والفقد والأمل واليأس التي عاشها الشباب الجزائري. كان يغني كأنه يشعر بكل ألم ومشاعر محبيه، مستلهمًا من حياته الشخصية وقصصه العاطفية ليجعل من كل أغنية رحلة صادقة في أحاسيس المستمعين.
اليوم، بعد 31 سنة على رحيله، يظل الشاب حسني "أمير الراي" حيًا بين عشاقه، وصوته يشهد على أن الفن يمكن أن يتحدى الظلام، وأن الموسيقى ليست مجرد كلمات وأنغام، بل وسيلة لإحياء الأمل في أصعب الأوقات.