في المجتمعات العربية والإسلامية، يُعتبر السحر من القضايا الحساسة التي تثير القلق والخوف. رغم تقدم العلم والمعرفة، لا تزال هذه الظاهرة موجودة، وتؤثر في حياة الكثيرين. السحر في الشريعة الإسلامية ليس فقط محرماً، بل يُعد من الكبائر التي تهدد إيمان الشخص. يتجسد هذا الخطر في استغلال القوى الخفية للتأثير على الناس، مما يستدعي التوعية بأساليب التوقي والعلاج وفق الشريعة الإسلامية.
اقرأ أيضا:
القبض على رجل يتلاعب بالنساء بواسطة الشعوذة ويخدعهن بممارسة السحر والعلاقات الجنسية
السحر في القرآن الكريم
السحر ورد في القرآن الكريم في سياق التحذير من مخاطره وتأثيره المدمر على النفوس والعلاقات. ففي سورة البقرة، نجد أبرز إشارة إلى السحر، حيث قال الله تعالى:
"وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ" (البقرة: 102).
ويبين هذا أن السحر هو عمل الشياطين، وأن من يمارس السحر يتورط في الكفر بالله، حيث يسعى السحرة للتفرقة بين الناس وإلحاق الضرر بهم.
أشكال السحر في المجتمعات العربية الإسلامية
في المجتمعات العربية والإسلامية، تتنوع أشكال السحر، وتختلف من مجتمع لآخر، لكن الهدف منها غالباً يكون واحداً: إلحاق الأذى بالغير أو التحكم بمصائرهم. بعض الأنواع الشائعة تشمل:
سحر التفريق: الذي يستهدف العلاقات الزوجية والأسرية.
سحر المرض: الذي يُستخدم لجعل الشخص يصاب بأمراض غير مفهومة طبياً.
سحر التهييج والحب: وهو سحر يُستخدم لجعل شخص يقع في حب آخر.
سحر التعطيل: يُستخدم لمنع الشخص من تحقيق النجاح أو الزواج.
التأثيرات النفسية والاجتماعية للسحر
السحر يترك أثاراً نفسية واجتماعية كارثية. المسحور قد يعاني من اضطرابات نفسية، كالاكتئاب والقلق المستمر، بالإضافة إلى مشكلات جسدية يصعب تشخيصها طبياً. كما قد يؤدي السحر إلى تفكك الأسرة أو الأصدقاء، ويخلق حالة من العداء بين الأفراد بسبب الأعمال الشيطانية التي تحدث في الخفاء.
التوقي من السحر وعلاجه في الإسلام
الوقاية من السحر والعلاج منه تأتي من خلال الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي واللجوء إلى الله. فيما يلي أبرز الطرق للتوقي والعلاج:
التوكل على الله والالتزام بالعبادات: الالتزام بالصلاة وقراءة القرآن والتقرب إلى الله يعزز الحماية من السحر. قال الله تعالى:
"وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا" (الطلاق: 2).
قراءة القرآن الكريم والتحصين بالأذكار: تلاوة بعض الآيات والسور المحددة تقي من السحر وتحمي المؤمنين، مثل:
سورة الفاتحة.
آية الكرسي: "اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ" (البقرة: 255).
المعوذتان: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ" و "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ".
الرُقية الشرعية: وهي من الوسائل المشروعة لعلاج المسحور، حيث يقوم الراقي بقراءة آيات من القرآن وأدعية نبوية على المسحور. يُستحب استخدام ماء زمزم أو زيت الزيتون أثناء الرقية.
الالتزام بالأدعية: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في الصباح والمساء للحماية من الشرور، مثل دعاء:
"بِاسْمِ اللهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ".
إبطال السحر بالتوكّل على الله: هناك طرق مشروعة لإبطال السحر وفق السنة النبوية، وهي تعتمد على الدعاء وقراءة القرآن والصدقة، إلى جانب استشارة علماء الدين الموثوقين في حال تعرض أحدهم للسحر.
السحر في المجتمعات العربية والإسلامية يمثل تحدياً يجب مواجهته بالالتزام بتعاليم الدين الإسلامي واللجوء إلى الله في كل وقت وحين. من خلال التوكل على الله، واتباع السبل الشرعية للتوقي والعلاج، يمكن للمسلمين حماية أنفسهم من هذا الشر الخفي الذي يسعى لتدمير النفوس والعلاقات.