نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريرا عنونته، بـ"قادة العرب يتخلون عن فلسطين"، تحدثت فيه عن آخر التطورات على الساحة الفلسطينية، التي كان أبرزها سقوط 15 شهيدا على حدود قطاع غزة خلال مسيرة العودة.
وقالت الصحيفة، في التقرير الذي كتبه الصحفي "والتر ميد"، إنه "على السطح الظاهر كان العمل كالمعتاد في قطاع غزة، قامت حماس بنقل آلاف السكان إلى الحدود مع إسرائيل؛ لبدء حملة احتجاج مدتها ستة أسابيع قبل الذكرى السبعين لاستقلال إسرائيل، أو كما يسميها الفلسطينيون "ذكرى النكبة" ، هذا الاحتجاج يمثل بمثابة "بداية عودة الفلسطينيين لكل فلسطين"، بحسب ما قاله زعيم حماس إسماعيل هنية.
ولكن هذا لم يحصل، بحسب التقرير، فقد "تم إلقاء الحجارة وإشعال الإطارات وإطلاق رصاص، وعندما انجلى الدخان، كانت الحدود لا تزال موجوده، بينما استشهد 15 فلسطينيا وأصيب ثلاثة أخرون. الخلافات انحسرت ما بين شجب للوجود الإسرائيلي بالطرق التقليدية وتوجيه المدافعين عن القضية الحجج المعتادة".
وأشار التقرير إلى أن "ما يحدث الآن في غزة ليس شيئا معتادا، حيث أصبح العرب السنة يحسبون تكلفة الربيع العربي الفاشل وهزيمة العرب السنة على يد القوات المدعومة من إيران في سوريا".
ولفتت إلى أنه "في أوقات الذروة كان القوميون العرب مثل جمال عبد الناصر وشخصيات أخرى مثل صدام حسين يحلمون بتكوين دولة عربية موحدة يمكن أن تحتفظ بجمهوريتها بين القوى العظمى في العالم، ولكن بعد أن تلاشت القومية تحول العديد من العرب إلى الحركات الإسلامية السنية بدلا من ذلك، هؤلاء هم أيضا يفشلون في وقتنا الحاضر، وتسعى الدول العربية اليوم إلى طلب الحماية والدعم من إسرائيل والولايات المتحدة ضد إيران الصاعدة وتركيا العثمانية الجديدة المضطربة".
ويلفت كاتب التقرير إلى أن "الحماية الأمريكية التي يعتمد عليها العرب لا يمكن اعتبارها شيئا مضمونا، خاصة بعد ما اتضح تصميم الرئيس ترامب الواضح على سحب القوات الأمريكية من سوريا على المدى القريب، وفي ظل هذه الظروف إسرائيل هي الوحيدة التي يمكن أن تبقي الولايات المتحدة متورطة في الشأن السوري".
"وبذلك انحسر التحالف الفلسطيني القديم مع الدول العربية، حيث ينظر معظم الحكام العرب الآن إلى أن مطالب الشعب الفلسطيني هي عقبة أمام تحالفات استراتيجية ضرورية مع إسرائيل"، بحسب الصحيفة.
وقالت الصحيفة إنه "من الواضح أن دول الخليج ومصر اتفقت على هدفين، الأول هو خنق حماس في غزة لاستعادة السلطة الفلسطينية القطاع بقيادة فتح، والثاني هو الضغط على السلطة لقبول نوع السلام الذي عرضته إسرائيل مرارا وتكرارا ورفضه ياسر عرفات وخليفته حتى الآن".
أشارت إلى أن "محمود عباس والسلطة الفلسطينية يحاولون تضييع الوقت، فهم يدعمون الهدف الأول برفضهم دفع رواتب موظفي الحكومة في قطاع غزة الذي تديره حماس، ومع ذلك فهم يقاومون الضغوط لصنع السلام مع الدولة اليهودية أيضا. ولم يتضح بعد ما سيكون رد فعل السلطة النهائي على ضغط عملية السلام، حتى لو قررت في نهاية المطاف قبول الحل الوسط برعاية عربية، فإن إظهار المقاومة والرفض على السلام قد يحسن مصداقيتها لدى الجمهور الفلسطيني".
وأضافت أن "حماس الآن في محنة أكثر يأسا من قبل، الحصار العربي وإضراب المتبرعين يعطل غزة بشكل لا يستطيع الإسرائيليون القيام به أبدا، فالأغذية في شح متزايد، والكهرباء غير منتظمة، والبطالة تتجاوز 40%، ومياه الصرف الصحي غير المكررة في البحر".
والعديد من سكان غزة يريدون شيئا وحيدا لا تستطيع حماس تقديمه، ألا وهو الإغاثة.
وتحدثت الصحيفة أنه "من الناحية التاريخية ردت حماس على هذا النوع من الضغط في السابق عن طريق شن حروب ضد إسرائيل، وثقة بأصدقائها في الخارج؛ لإجبار الدولة اليهودية على وقف إطلاق النار، قبل أن تتمكن من إلحاق ضرر جسيم بهم، ولكن في حرب عام 2014، أعطى التباطؤ العربي لإسرائيل الضوء الأخضر للتعامل مع هزيمة خطيرة لحماس. حرب أخرى قد تكون مدمرة بالدرجة ذاتها وللسبب عينه، تريد الحكومات العربية سحق حماس، ولن توقف إسرائيل عند القيام بهذه المهمة".
وقالت إنه "يمكن للمظاهرات الحالية التي تأمل حماس أن تثير موجة عالمية من الغضب والاستياء ضد إسرائيل دون إثارة حرب مدمرة، قد يضعف هذا التحالف العربي ضدهم. لكن الجمهور الرئيسي هذه المدرة لحماس ليس العالم العربي، بل تركيا وإيران اللتان ستحتاجان لدعم حماس من أجل البقاء إذا ما طردت من غزة (كما كان عرفات في يوم من الأيام مسير من الأردن ولبنان)".
وأشارت إلى أن "الخلافات بين الفلسطينيين والدول العربية الأخرى ليست جديدة، لكن انهيار القومية العربية وفشل التطرف السني أضعف القوى السياسية التي حشدت الدعم العربي للقضية الفلسطينية. ومع ملايين اللاجئين العرب الجدد في سوريا والتهديدات المتزايدة لاستقلال العرب عن جيرانهم الأقوياء، فإن إعطاء الأولوية لفلسطين هي رفاهية يشعر العديد من العرب أنهم لم يعودوا قادرين على تحملها".