كان عرضا متميزا لمسرحية "تلاشي" لعمار اللطيفي في قاعة عياد السويسي بمركز الفنون الدارمية والركحية بصفاقس في اطار المهرجان الوطني للمسرح التونسي الذي ينتظم بمدينة صفاقس من 19 الى 27 أكتوبر 2019 كنا تحدثنا عن تفاصيله في مقال سابق.
هذه الدورة التأسيسية للمهرجان الوطني للمسرح التونسي يمكن اعتبارها دورة الارقام القياسية للفنان حاتم الحشيشة على عديد المستويات:
- - حنكة في التنظيم اللوجستي خاصة في استقبال ضيوف المهرجان والاحتفاء بهم في حفل افتتاح حضره عدد كبير من اعلاميين ومسرحيين منهم هواة ونجوم محترفين وجمهور كثيف العدد فاق كل التوقعات، حتى ان الكثير تحدث عن انها سابقة أولى لمركز الفنون الدرامية والركحية بصفاقس في احتضان مثل هذا العدد من الوافدين.
- - الحرفية التي يتمتع بها حاتم الحشيشة في انتقاء الاعمال مسرحية ذات القيمة الفنية المتميزة وتوزيعها على مختلف القاعات التي احتضنت هذه التظاهرة في اطار اللامركزية الثقافية.
- - كلنا نعرف ان مثل هذه التظاهرات التي تنتظم في الجهات، تكاد تكون دون حضور جمهور وفي اقصى الحالات العدد القليل جدا وربما فقط في الافتتاح، لكن حاتم الحشيشة تمكن من استقطاب الجمهور لكل العروض التي قدمت دون كراسي شاغرة، والاهم من كل هذا قدرته على استقطاب شباب الحي الشعبي الربط "الربض".
ما ادهشنا حقا المغامرة التي اقدم عليها حاتم الحشيشة مساء الثلاثاء 22 اكتوبر 2019 اثر عرض "تلاشي" للفنان عمار اللطيفي بخلط الاوراق جميعا ومحافظة الجمهور على اماكنهم لتتحول القاعة الى بلاتو نقاش تفاصيل العمل بين الفنان وفريقه من جهة وجمهور صفاقس من جهة اخرى الذي تحول عدد منهم الى نقاد خلافا لكل الاعراف والتقاليد.
موقف لا يغامر به الفنانون والمنظمون خوفا على السلامة الجسدية للاشخاص وحتى تفاديا لاشكاليات التلاسن الصبانية التي كثرت مشاهدتها في مجتمعنا المعاصر، لكن حاتم الحشيشة اقترف هذه المغامرة متحديا كل التقاليد والاعراف.. وببرودة دمه المعتادة، اكد لنا في هذه الدردشة:
كان لقاء حميميّا حيث أبدى الجمهور إعجابه بالعمل الذي شدّ انتباههم لما اظهره من حرفيّة و تلقائيّة في الاداء وصدق في الإحساس كما اثنى بعض الحضور على قوّة الاداء الجسدي والطّريف في الأمر أنّ هناك من أطلق عليه لقب طه حسين المسرح ..
هذا دون أن ننسى التأثّر الكبير الذي انتاب الحضور أمام ممثّل أصيب بمرض تعايش معه بل تحدّاه وبدا متحكّما بكلّ شي فوق الرّكح فأنت أمام ممثّل لا تحسّ بلحظة أنّه يعاني من مشكل فبرافو لعمّار اللّطيفي و لشركة شرق التي تبنّت هذا العمل.