عن "الأخلاء" وضمن العدد 343، صدرت مجموعة شعرية جديدة للشاعر الصادق شرف (أبو وجدان) بعنوان "سلفيّ قتل أمي ثانية"، وقد جاءت في طبعة أنيقة وتوزع محتواها على 48 صفحة من الحجم المتوسط وتصدرت غلافها صورة لامرأة رأى فيها الشاعر أنها تمثل الراحلة والدته لولا اختلاف لون العينين.
وقد جاء في الإهداء ما يلي: "إلى روح والدتي فطومة بنت الكيلاني الحباشة ذات العينين الزرقاوين التركواز، ذات القد الممشوق، ذات آثار ما في وجداني من حروق، رحمها الله ورحم معها من قتلها تعصّبا لدينه: والدي الحاج حمدان (شهر الغول)"، وهو إهداء نقرأ فيه مأساة عاشها الشاعر في صغره وما تزال مؤثرة فيه وفي قلبه وفي حياته، فوالدته ماتت مقتولة جراء التعصب وقاتلها هو والده الذي نجد له صورة في الصفحة الموالية والتي يؤكد أبو وجدان أن صديقين لأبيه أخضعاه إلى المصورة التي كان يعتقد أنها بدعة، بل وحرام، لذلك لم تكن للصادق شرف صورة لأمه على اعتبار أن أباه المتعصب يرفض "الحرام".
ونقرأ في هذه المجموعة الشعرية الهامة نصوصا حزينة جدا لم تخفِ احتفاء الشاعر بالحياة، ولم تكن بعيدة عن قصائده العاشقة، بل ولم تخرج عن طابعه المتفرد الذي لا يخلو من النفس الثوري، كما استشهد أبو وجدان ببعض التعليقات على نصوصه في جداره "الفايسبوكي".
هذا هو الشاعر الكبير الصادق شرف الذي ظل صادقا وشريفا، ونعتذر له ولضيق المساحة المخصصة للاصدارت عن تقصيرنا في الكتابة عن مجموعته "سلفيّ قتل أمي ثانية" التي استطاعت أن تعزز بامتياز المكتبتين الشعريتين التونسية والعربية، والشعر من مأتاه لا يستغرب.