تواجه الكاتبات العربيات الكثير من المصاعب في إبلاغ أصواتهن أو حتى في تحسين تجاربهن الأدبية، إذ غالبا ما يكون النقد الذي يمثل شرطا ضروريا لتطور أي تجربة أدبية، منحازا إما بشكل سلبي حيث يعامل كتابات المرأة بدونية جنسية، وإما بشكل آخر حيث يمجد كتابة أي امرأة وللاعتبار الجنسي السطحي نفسه.
القاهرة- أزمة ثقافية جديدة في مصر، خرجت من إطار الأوساط الثقافية الضيّق إلى أطر أوسع بين من هم من خارج الوسط الثقافي كذلك، قراء وغير قراء، بطلتها إعلامية وكاتبة شابة تتمتع بقدرٍ من الجرأة في عرض أفكارها، وترى أن الهجوم عليها جاء انطلاقًا من كونها “أنثى” وليس هجومًا ثقافيًا كما يدّعي البعض، وهي ياسمين الخطيب. بينما على النقيض من ذلك يرى منتقدوها أنها خالفت “الآداب العامة”، كل ذلك والكتاب محل الجدل لم ير النور بعد، وقد انطلقت الأزمة من الغلاف الذي حمل عنوانا مثيرا “ولاد المرة”.
الإعلامية والكاتبة المصرية ياسمين الخطيب أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الثقافية المصرية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي عقب طرحها غلاف كتابها الجديد الذي يحمل عنوانًا مُثيرًا اعتبره الكثيرون مخالفًا للآداب العامة ويحمل دلالات مُسيئة، ليصبح الكتاب –الذي لم يتم إصداره بعد- حديث الشارع المصري، فيما لم يخل المشهد من متضامنين مع الكاتبة التي تعرضت لهجومٍ واسع من قبل البعض من المثقفين خلال الأيام القليلة الماضية.
“ولاد المرة” هو العنوان المثير والذي أثار لغطًا في مصر مؤخرًا لكاتبته الإعلامية ياسمين الخطيب، ويحتوي على مقالات متعلقة بقضايا وهموم المرأة العربية بصفة عامة. غير أن الكثيرين رفضوا العنوان على اعتبار أن العنوان لفظ سوقي يُعدّه المصريون سبابًا، لكن المدافعين عن المؤلفة رأوا أنه ملائم للمحتوى الذي تقدمه الكاتبة ياسمين الخطيب في عملها.
وبررت الكاتبة ذاتها اختيار عنوان الكتاب بقولها “لماذا يعتبر المصريون خصوصًا والعرب عموما أن النداء باسم الأم تحقير؟ بل إنهم يعتبرون إعلان اسم المرأة، سواء أكانت أما أم زوجة، شيئاً شبه مُحرم، والأعجب من كل ما سبق أن التحقير عند المصريين يكون أعظم، وربما اعتُبر سبا يعاقب عليه القانون، إذا قال أحدهم لآخر “يا ابن المرة”، وكأن الأنوثة سبة لوالدته.. كلمة “مرة” أصلها اللغوي “مرأة”، ويشار بها إلى السيدة الناضجة الكاملة”.
“من أين يأتي الخلاف والمتن لم يطبع بعد؟”، سؤال طرحه الناشر المصري فتحي المزين في تصريحات لـ”العرب” انتقد فيها الجدل الدائر حول الكتاب من مُجرد عنوانه الذي تم الإعلان عنه فقط، مشددًا على أن ذلك الخلاف ليس خلافا بين مثقفين، إنما هو خلاف لأسباب أخرى ربما جزء منها يعود إلى أن صاحبة الكتاب “أنثى” لا سيما أن هنالك عناوين أخرى مثيرة للجدل ولم تصاحبها تلك الضجة. وحرصت الكاتبة من جانبها على الرد عل الهجوم الدائر عليها وحول كتابها، مؤكدة أن المهاجمين من داخل الوسط الثقافي غضوا الطرف عن أعمال وعناوين تحمل دلالات مشابهة، غير أنهم سارعوا بالهجوم عليها نظرًا لكونها أنثى.
وقالت “إن المهاجمين من داخل الوسط الثقافي، أولئك الذين غضوا الطرف عن كتاب لبلال فضل، عنوانه “ما فعله العيان بالميت”، وفيلم لتامر حبيب باسم “واحد صحيح”، ودافعوا باستماتة عن رواية أحمد ناجي التي احتوت عبارات جنسية صريحة -وبالعامية المصرية- لنصرة حرية التعبير، التي لا يعرفون منها إلا نطقها، بينما استحلوا عرضي، واتهموني بضعف الموهبة، لا لشيء سوى لأنّي امرأة”.
وأضاف المزين في معرض تصريحاته لـ“العرب”، مبررًا انضمام العديد من المثقفين إلى الهجوم على كتاب لم يُصدر بعدُ، قائلًا “انجراف البعض من داخل الوسط الثقافي للهجوم على الكتاب بينما لم يقرأوه بعد جاء بسبب عدم حرصهم على تبين محتواه. عندما يصدر الكتاب من حق الجميع أن ينتقدوه”. بينما على الجانب الآخر شكك منتقدو الكتاب في موهبة كاتبته من الأساس، وقال الناقد الثقافي المصري محمود الغيطاني “حينما تتحول الكتابة إلى وجاهة اجتماعية، يحق لأي كان أن يكتب أي لغو مثل هذا (في إشارة إلى الكتاب)”.