اختر لغتك

 المعركة ستنتهي والحرب ستستمر

قدر الجنرالات الأمريكيون الذين يديرون اليوم القتال ضد داعش في الموصل منذ قبل شهرين بأن إحتلال المدينة نفسها هو الجزء الأقل تعقيدا في الحملة. فالصواريخ الدقيقة لقوان المارينز التي توجد بجوار المدينة، والى جانبها القصف الجوي بالصواريخ الجوالة وغيرها من وسائل المساعدة، ستقوم بالعمل.

ولكن ما يقلق الجنرالات الأمريكيين فهو اليوم التالي بالذات. فقد استخلص الجيش الدروس من الاعلان المتسرع للرئيس السابق بوش عن النصر في العراق، والذي جاءت بعده سنوات من الدمار، الحرب الاهلية ونشوء حركات متطرفة جديدة مثل داعش. وعليه، فقد وظف الأمريكيون عشية الحملة لاحتلال الموصل جهودا لا بأس بها في إقامة حكم عسكري يمكنه أن يتصدى لعشرات التيارات الدينية، العرقية والفئوية على أصنافها المتواجدة في المدينة والمستعدة لان تذبح بعضها بعضا.

واذا لم يكن هذا كافيا، ففي اوساط القوات التي ستدخل إلى الموصل ستكون قوات شيعية وكردية، لها هي ايضا حسابات مع هذه الجماعات أو تلك في المدينة. وكل هذه الخلطة هي وعاء ضغط سبق أن تفجر في الماضي للولايات المتحدة في الوجه. ومن شأن احتلال الموصل، الذي يفترض أن يبشر بتقليص دراماتيكي لنفوذ داعش أن يوقظ عشرة دبابير جديد في العراق.

حملة الاحتلال، حسب الاستراتيجية الأمريكية، هي ذروة «مرحلة الانهيار» لداعش في العراق. وهي تأتي بعد اشهر طويلة من تآكل داعش من الجو ومن خلال القوات الخاصة. سبقتها «مرحلة التآكل» التي نفذت فيها حملة التصفية بالجملة للزعماء، المقاتلين والبنى التحتية لداعش؛ و «مرحلة الانهيار» التي حررت فيها من أيدي التنظيم مدنا مركزي كالرمادي، تكريت، الفلوجة، حيت ورطبة.

سيطرت قوات عراقية بمساعدة قوات أمريكية، وميليشيات مؤيدة لإيران وكردية على بلدات تحيط بالموصل، عاصمة داعش في العراق، وقطعت المحور إلى سوريا. وفقد التنظيم 40 في المئة من الارض التي كانت تحت سيطرته في العراق. ويفترض باحتلال الموصل ان يكون الكرزة التي في القشطة، والذي سيجلب لاوباما ـ غير المرتاح من سياسته الخارجية ـ هدية قبيل نهاية ولايته في شكل انجاز سياسي وعسكري في العراق.

ومع ذلك، فليس لتوقيت الهجوم صلة بنهاية ولاية اوباما. فقد خطط للمعركة في الخريف، الموسم الذي لا تكون فيه عواصف رملية. وتمهيدا لها أنهى الأمريكيون تدريب «ثلاث فرق الذهب» العراقية: قوات دربها الجيش الأمريكي على مكافحة الإرهاب. وبالتوازي تم انهاء حشد 4 الاف جندي أمريكي يعملون في الجبهة في مهام مختلفة.

في الاشهر الاخيرة خاض الأمريكيون مفاوضات مع دول محاذية للعراق أو تقع على الشاطيء الشرقي من البحر المتوسط من أجل السماح للصواريخ الجوالة والطائرات القتالية الطيران من فوقها. وهم لن يخاطروا بالطيران من فوق سوريا من جهة البحر المتوسط، خشية الصدام مع الروس.

هل سيبشر احتلال الموصل برحيل داعش؟ الجواب سلبي. فقصة داعش في سوريا هي قضية مختلفة تماما، تتأثر بالحرب الاهلية التي تصطدم فيها قوتان عظميان تعطلان الواحدة الاخرى وتسمحان لداعش بالنجاة. وفضلا عن ذلك، فداعش هو تنظيم إرهابي وهو يعيش مثل الأميبيا. عندما يضغط عليها، تنتقل إلى مكان آخر.

يركز رجال الاستخبارات في دول غرب اوروبا، وعلى أي حال في إسرائيل ايضا كل العيون والآذان على الجهاز الذي داخل داعش ويسمى «ايماني».

هذا هو الجهاز المسؤول عن تلك الذئاب المنفردة، خلايا الإرهاب الصغيرة التي زرعت على مدى السنين الاخيرة في الولايات المتحدة، في اوروبا، في السعودية، في الاردن، في الصومال، في تركيا وفي أماكن أخرى. ويهيىء هذا الجهاز الاشخاص، يعد الخطط ويصدر الأوامر. وطالما لم تتضرر شبكة اتصالات داعش، فان هذا الجسم سيواصل تفعيل الإرهابيين الذين زرعهم في ارجاء العالم. والآن، مع الهجوم في الموصل، سيفعل هذا بقوة أكبر.

 

اليكس فيشمان
يديعوت 18/10/2016

صحف عبرية

 

آخر الأخبار

الحكم بالسجن 9 سنوات لصهر بن علي في قضية فساد مالي

الحكم بالسجن 9 سنوات لصهر بن علي في قضية فساد مالي

الإصلاح التربوي في تونس: أزمة بنيوية تتطلب إعادة التفكير الجذري في المنظومة التعليمية

الإصلاح التربوي في تونس: أزمة بنيوية تتطلب إعادة التفكير الجذري في المنظومة التعليمية

السجن لرجل أعمال ورئيس جمعية رياضية بتهم فساد مالي

السجن لرجل أعمال ورئيس جمعية رياضية بتهم فساد مالي

ريادة الأعمال النسائية في تونس: نحو اقتصاد أخضر وشامل لتحقيق التنمية المستدامة

ريادة الأعمال النسائية في تونس: نحو اقتصاد أخضر وشامل لتحقيق التنمية المستدامة

تونس في المرتبة الثانية في هجرة الكفاءات: أزمة تهدد المستقبل وضرورة استراتيجية وطنية للحد منها

تونس في المرتبة الثانية في هجرة الكفاءات: أزمة تهدد المستقبل وضرورة استراتيجية وطنية للحد منها

Please publish modules in offcanvas position.