قالت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، إن الدستور الأمريكي ينص على أنه يتم إقالة أي مسئول من منصبه عندما يقوم بإجراء يتضمن الخيانة أو الرشوة أو أيًا من الجرائم الكبرى، التي تمثل إضرارا بالمصالح العليا للولايات المتحدة.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 22 جانفي، أن الرئيس الأمريكي الأسبق أندرو جونسون، تجنب إجراءات إقالته بصعوبة، بعدما عزل وزير الدفاع من منصبه عام 1868 بصورة تخالف القانون الذي ينظم فترة ولايته بعد أداء القسم.
وتابعت " هناك طريقة يمكن من خلالها إقالة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب من منصبه، عبر التركيز على التضارب بين رئاسته للولايات المتحدة، وبين مصالحه الاقتصادية، رغم إعلانه التخلي عن إدارة شركاته بعد توليه منصبه".
واستطردت الصحيفة " اتخاذ خطوات الإقالة ضد ترامب، ليست بالمهمة الصعبة، لأنه يمكن القول إن عائدات استثماراته في الخارج تؤثر على سياسته الخارجية، إضافة إلى أمور أخرى تتعلق بأعماله التجارية".
وخلصت "الإندبندنت" إلى القول :" إجراءات الإقالة تبدأ بقرار من مجلس النواب الأمريكي، الذي يقوم بتشكيل لجنة للتحقيق في التهم الموجهة للمسئول، وفي حال ثبوتها يكون من حق مجلس النواب أن يصوت على قرار الإقالة، ويحق له تنفيذه بعد موافقة ثلثي المجلس، ويتولى رئيس المحكمة العليا رئاسة اللجنة التي تكون مسئولة عن صدور قرار الإقالة".
وكان موقع "ناشيونال إنترست" الأمريكي، قال أيضا إن فوز دونالد ترامب بمنصب رئيس الولايات المتحدة، ضرب المباديء الأساسية للديمقراطية الأمريكية، والتي كانت تقوم على المساواة بين الأمريكيين من جهة، والتعاون بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري من جهة أخرى.
وأضاف الموقع في مقال له بمناسبة تنصيب ترامب في 20 جانفي، أن انتخابات الرئاسة الأمريكية الأخيرة شهدت أيضا أحداثا غير مسبوقة هزت الديمقراطية الأمريكية في الصميم، مثل التدخل الخارجي المباشر في هذه الانتخابات من قبل قوة منافسة خارجية رئيسة "روسيا"، التي ساندت ترامب، والانحياز العلني لرئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي آي) لصالح أحد المتنافسين ضد الآخر.
وتابع "رغم أن الانتخابات كان الخطاب الرئيس فيها ضد الفوارق الاقتصادية، إلا أنها انتهت بفوز رئيس ملياردير سارع إلى تشكيل فريقه الرئاسي من مليارديرات مثله ليمنح أمريكا جهازا تنفيذيا تسيره زمرة من أثرياء كبار لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة، وتلك كانت مفارقة أخرى صادمة للغاية"، حسب تعبيره.
واستطرد الموقع " الود الذي يكنه ترامب للرئيس الروسي (المستبد) فلاديمير بوتين بالإضافة إلى سخريته من حلف الناتو والاتحاد الأوروبي يهددان أيضا بوقف التوافق التاريخي بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري في السياسات الداخلية والخارجية والذي ترسخ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية".
وكان الكاتب الأمريكي جيمس كلوبينبرغ، أستاذ التاريخ في "جامعة هارفرد"، انتقد أيضا بشدة خطاب التنصيب الذي ألقاه، الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، وقال إنه يعكس الكراهية في أبشع صورها.
وقال كلوبينبرغ في مقال له بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في 21 جانفي، إن حملة ترامب الانتخابية سبق أن ركزت على الغل والحقد لمرشح ليس لديه خبرة سياسية أو عسكرية.
وتابع " من هذا المنطلق، فإن الخطاب الذي ألقاه ترامب بمناسبة التنصيب، كان امتدادا للكراهية التي سبق أن عبر عنها أثناء حملته الانتخابية، والتي تهدد استقرار الولايات المتحدة والعالم أجمع".
وأشار كلوبينبرغ إلى أن ترامب ينادي بشكل من أشكال الحلم الأمريكي المتصف بالأنانية والعزلة عن العالم، بالإضافة إلى عدائه الصارخ للمسلمين والأقليات، محذرا من أن فترة رئاسته ستكون كارثية للجميع.
وكان دونالد ترامب أدى اليمين الدستورية رئيسا جديدا للولايات المتحدة الجمعة 20 جانفي، في حفل أقيم بالساحة المقابلة للكونجرس الأمريكي، وتعهد في خطاب التنصيب باتباع سياسة "أمريكا أولا"، واقتلاع ما وصفه بـ" التطرف الإسلامي".
وقال ترامب :"سنعزز التحالفات القديمة ونشكل تحالفات جديدة ونوحد العالم المتحضر ضد الإرهاب الإسلامي المتطرف ونستأصله تماما من على وجه الأرض"، ملمحا إلى نيته العمل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
كما وعد بتغيير الأوضاع في أمريكا، وقال إن "ما يهم ليس الحزب الذي يحكم بل من يخضع لإرادة الشعب"، مشيرا إلى أن واشنطن ازدهرت ولكن الشعب لم يستفد من هذا الازدهار.
وأكد ترامب أن رؤية جديدة ستحكم أميركا في ولايته، وهي سياسة "أمريكا أول"، وجعل أمريكا عظيمة من جديد، منتقدا إنفاق الإدارة السابقة تريليونات الدولارات في الخارج وترك البنى التحتية للبلاد تتردى.
وقال الرئيس الأمريكي الجديد إن "هذه اللحظة هي ملك للشعب الأمريكي، وما يهم ليس الحزب الذي يحكم بل من يخضع لإرادة الشعب".
وأضاف "سوف يكون صوت الشعب الأمريكي في واشنطن، سواء كانوا يعيشون في مدينة داخلية أو في منطقة ريفية، لن يتم تجاهلكم مجددا، سوف تحدد أصواتكم وآمالكم وأحلامكم مصيرنا الأمريكي".
وشدد على ضرورة أن تحمي أمريكا حدودها من الدول الأخرى التي تقوم بسرقة ثرواتها، مشيرا إلى أنه "عندما تكون أمريكا موحدة لا يمكن إيقافها على الإطلاق".
واختتم ترامب خطاب تنصيبه المقتضب بتكرار الوعد الذي قطعه على نفسه أثناء حملته الانتخابية "معا سنجعل أمريكا عظيمة مجددا".
وقبل تنصيب ترامب، أدى مايك بينس اليمين القانونية نائبا له.
وقد احتشد في ساحة ناشيونال مول التي تجمع بين نصب واشنطن والبيت الأبيض والكونجرس مئات آلاف الأمريكيين للمشاركة في الاحتفال، وكان لافتا مقاطعة خمسين نائبا ديمقراطيا في الكونجرس حفل التنصيب.
بدأت مراسم التنصيب بتوجه ترامب وزوجته إلى كنيسة سان جون قرب البيت الأبيض لأداء الصلوات ثم توجه إلى البيت الأبيض لاحتساء الشاي مع أوباما وعائلته وفق التقاليد الرسمية لرؤساء أمريكا، ثم انتقل الجميع إلى الكابيتول "مبنى الكونجرس" لأداء اليمين القانونية رئيسا للبلاد.
وتأخر حفل التنصيب عشرين دقيقة عن موعده المقرر، وذلك لطول الاجتماع الذي جمع بين أوباما وترامب في البيت الأبيض.
كان الحضور الشعبي للاحتفال في تنصيب ترامب أقل من حفل تنصيب أوباما، وهو ما يؤشر على رسالة عدم رضا الكثير من الأمريكيين، الذين لم يقبلوا به رئيسا لهم، وهو نوع من الرفض الصامت في الشارع الأمريكي.
وجرى تنصيب ترامب وسط طوق أمني يمتد لمساحة ثمانية كيلومترات مربعة من وسط واشنطن بمشاركة نحو 28 ألفا من قوات الأمن.
وكان آلاف المناهضين خرجوا قبيل مراسم التنصيب في مدينة نيويورك وتجمعوا قرب برج ترامب، وشارك في التحرك الاحتجاجي عدد من النشطاء والسياسيين والمشاهير، كما شهدت واشنطن تحركا مماثلا رفع المشاركون فيه لافتات منددة بمواقف الرئيس الجديد، ورددوا هتافات رافضة لوصوله إلى البيت الأبيض.
وبعد تنصيبه بساعات، خرجت احتجاجات جديدة ضده، ليس في أمريكا وحدها، وإنما عبر العالم أيضا.
شارك بين ثلاثة وخمسة ملايين في الولايات المتحدة وعبر العالم في احتجاجات ضخمة ضد ترامب بعد يوم فقط من تنصيبه.
وأكد منظمو "مسيرة النساء" أن أكثر من مليون شاركوا في مظاهرات بواشنطن في 21 جانفي.
ووصفت تقارير صحفية مظاهرات العاصمة الأمريكية بأنها من بين أكبر الاحتجاجات في تاريخها، بينما رفض المتحدث الإعلامي باسم البيت الأبيض شين سبايسر التعليق على أعداد المتظاهرين، مشيرا إلى أن السلطات في واشنطن لا تقدم في العادة أرقاما.
وفي نيويورك، احتشد أربعمائة ألف وفق رئيس بلدية المدينة، في حين قدر المنظمون العدد بستمئة ألف.
وسجلت مظاهرة أخرى ضخمة في لوس أنجلوس مشاركة نصف مليون شخص، وفق الشرطة.
كما تظاهر ما يصل إلى 250 ألفا في شيكاغو بحسب المنظمين، بينما أحصت الشرطة 125 ألفا تقريبا.
وبسبب الحشد الكبير تقرر أن لا تسير المظاهرات في الشوارع.
وأحصى المنظمون مائتي ألف متظاهر في كل من بوسطن ودنفر، بينما خرج عشرات الآلاف في مسيرات مماثلة في كل من دالاس وسان فرانسيسكو وسانت لويس ودنفر وسياتل وبورتلاند وأوريغون وماديسون وويسكنسن وبسمارك.
وفي كل هذه المظاهرات -التي كانت سلمية ولم تسجل فيها أعمال عنف أو اعتقالات- ردد المحتجون هتافات غاضبة من مواقف ترمب تجاه النساء والأقليات، وترددت في بعض المسيرات دعوات لرحيل الرئيس الأمريكي.
وتحدث المنظمون عن نحو 670 مظاهرة خرجت أمس عبر العالم، كان من أضخمها المظاهرة التي ضمت عشرات الآلاف في لندن.
ونظمت مسيرات متفاوتة الحجم في باريس وبرلين وسيدني وطوكيو وغيرها.
وتفادى الرئيس الأمريكي التعليق على خروج أعداد كبيرة من المتظاهرين أمس في واشنطن وفي معظم الولايات الأميركية، بيد أنه هاجم وسائل الإعلام بشأن تغطيتها حفل تنصيبه يوم الجمعة.
وقال ترامب في تصريح له خلال زيارته الكاتدرائية الوطنية ومقر وكالة المخابرات المركزية (سي آي ايه) في واشنطن، إن وسائل الإعلام سعت إلى إظهار أعداد أقل من المشاركين في حفل التنصيب.
وأضاف "ألقيت كلمة ونظرت أمامي، كان هناك عدد بدا كما لو كان مليونا وربما مليونا ونصفا.. عرضوا ساحة كأن أحدا لم يكن يقف بها".
وكان ترامب اشتبك مرارا مع ممثلي وسائل الإعلام، سواء خلال مؤتمرات صحفية أو في تغريدات على موقع تويتر، واتهم أحد مساعديه بعض وسائل الإعلام بأنها تحاول "نزع شرعيته".
ومن جانبها، أعلنت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون دعمها للاحتجاجات، واعتبرت أن المشاركين فيها يدافعون عن القيم الديمقراطية، كما أن وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري شارك في المظاهرات التي ضمت أيضا فنانين أمريكيين.