من عام 1921 حتى عام 1923، طاردت الشرطة الروسية في مدينة موسكو قاتلًا اعتاد قتل الرجال ووضع جثثهم في أكياس وإلقائها في أحد الأحياء الفقيرة في المدينة، هذا القاتل لقبوه بـ«ذئب موسكو».
الغريب أن الجثث تبدو دائمًا وكأنها تظهر في اليوم التالي لسوق الخيول في نفس الحي، وهذا ما قاد الشرطة إلى المجرم تاجر الخيول فاسيلي كوماروف، الرجل الذي بدا أنه مشتبه به بعيد الاحتمال يُعرف بأنه رجل جيد.
اعترف كوماروف بأنه «ذئب موسكو»، وبأنه قتل 33 رجلاً استدرجهم بعيدًا عن سوق الخيول وأنهى حياتهم ليسرق أموالهم، وقاد الشرطة أثناء التحقيق معه إلى 5 جثث كانت لا تزال في الأكياس وغير مكتشفة بعد، كما أنه كان يلقي بعض الضحايا الذين قتلهم في نهر قريب من الحي الفقير مسرح جرائمه، ولم يتم العثور عليهم مطلقًا.
أما عن الآلية التي كان يقتل بها ضحاياه، ادعى «ذئب موسكو» أنه ببساطة كان ينتظر حتى يدير ضحاياه ظهورهم له ثم يضربهم بمطرقة أو يخنقهم حتى الموت، بحسب موسوعة «murderpedia» التي تُعتبر أكبر قاعدة بيانات للقتلة المتسلسلين والسفاحين في جميع أنحاء العالم.
كان فاسيلي كوماروف معروفًا بين جيرانه كرجل ودود ومبتسم، ويتاجر في الخيول ويمتلك إسطبلا في منزله في حي «شابولوفكي» بموسكو، ولم يشك أحد ممن كان يعرفه جيدًا أنه «ذئب موسكو» القاتل المراوغ الذي أرهب الحي وأحبط محققي الشرطة في مطاردة استمرت عامين.
بداية من أواخر سنة 1921 وحتى أوائل 1923، لاحقت الشرطة هذا الجلاد الوحشي، الذي قتل 33 رجلا، اعتاد على تنفيذ عمليات القتل الخاصة به يومي الخميس أو السبت، وهما اليومان اللذان يعقبان إقامة سوق الخيول.
بعد إثارة شبهات كثيرة حول فاسيلي، داهمت مجموعة من الشرطة الروسية إسطبله، بحجة البحث عن خمور مهربة، ووجدوا ضحيته الأخيرة محزومة ومعبأة في كيس تحت كومة من القش.
أثناء التحقيق، اعترف «ذئب موسكو» بجرائمه، وإجمالاً، من المعتقد أنه قتل 33 رجلا، إذ كان يجذبهم بدوره بوعود بإعطائهم أسعاراً منافسة للخيول، ويستدرجهم إلى حيث يقتلهم ويحصل ويسرق أموالهم، ثم يرميهم إما في كومة الزبالة أو في النهر، تم الاستشهاد بالسرقة على أنها الدافع، على الرغم من أنه لم يربح إلا 26.40 دولارًا من سلسلة الجرائم بأكملها.
عُقدت محاكمة قتله في 7 يونيو 1923، وحكمت المحكمة بإعدامه رميا بالرصاص في غضون 3 أيام من إصدار الحكم، وفي الساعات الأولى من فجر يوم 8 يونيو 1923، جرى تنفيذ الحكم فيه.
نشأة كوماروف البائسة:
ولد بيتروف فاسيلي في مقاطعة فيتيبسك بروسيا في عام 1878م، عاش حياة بائسة مع والده الذي كان مدنًا للخمر مما يجعله يقوم بضرب وسباب فاسيلي على الدوام، الأمر الذي جعل حياة فاسيلي بائسة خالية من المتع ونتيجة هذه النشأة غير السوية أصبح فاسيلي في سن السابعة عشرة مدمنًا على الخمر مثل والده، وكان هذا هو السبب الرئيسي لارتكابه جميع جرائمه في المستقبل المال والخمر.
مجرم منذ نعومة أظافره:
كانت أول جرائم فاسيلي وهو في سن السابعة عشرة حين قام بقتل شخص مما تسبب في حصوله على حكم بالنفي لمدة ثلاث سنوات في أحد المعسكرات لتأدية الخدمة الشاقة بتهمة القتل غير العمد وذلك لإثبات فاسيلي أنه كان في حالة سكر أثناء ارتكاب الجريمة، وبعد أن تم الإفراج عنه تزوج فاسيلي وبعدة فترة اندلعت الحرب بين روسيا واليابان فقام فاسيلي بالالتحاق بالجيش ولكن ليس لتأدية واجبه الوطني تجاه بلده روسيا ولكن من أجل سرقة مستودعات الجيش، وبعد القبض عليه تم الحكم عليه لمدة عام لمحاولته ارتكاب جريمة سرقة أحد مستودعات الجيش، وأثناء قضائه فترة العقوبة توفيت زوجته بداء الكوليرا.
زوجة وشريكة في الجريمة:
تزوج بعدها فاسيلي من امرأة تدعى صوفيا كانت أرملة وأم لولدين، وكانت تعاني من قسوة فاسيلي وضربه لها ولأولادها، الذي كان وقتها أحد جنود الجيش الأحمر وبعد فترة قصيرة تم أسره من قبل الجيش الأبيض وبعد إطلاق سراحه لجأ إلى تغيير اسمه الذي أصبح فاسيلي كوماروف، انتقل بعدها للإقامة في العاصمة موسكو التي بدأ فيه سلسلة متتالية من الجرائم بصورة وحشية وكان المساعد الأول والأخير له فيه هو زوجته صوفيا على الرغم من كرهها الشديد له بسبب ضربه وإهانتها المتواصلة، حتى أنها صارت أحد ضحاياه وذاقت من نفس الكأس الذي تجرعه الضحايا.
وحش في صورة إنسان:
عند انتقال كوماروف إلى موسكو أدعى أنه تاجر أحصنة وبالفعل كان يقوم بسرقة الأحصنة وبيعها بأسعار مرتفعة إلا انه بعد فترة مل من هذه التجارة والتي كان يراها غير مربحة فقرر قتل الأشخاص من أجل الحصول على أموالهم وكان أول ضحاياه جار له يدعى ديمتري الذي توجه في احد ليالي عام 1921 ليشتري حصانا من كوماروف وما إن دق بابه حتى استقبله كوماروف بترحيب شديد ودعاه إلى شرب الخمر وبعد ان تأكد من سكر العجوز قام بتهشيم رأسه بمطرقة من حديد، ثم قام بتقطيع أوصاله بمنشار وأخيرًا قام بتقسيمه إلى أجزاء ثم وضعه داخل حقيبة مصنوعة من الجلد ورماه في نهر موسكو.