هزمت مجموعة من الأمراض المزمنة المطرب التونسي محمد العربي القلمامي، بعد معاناة طالت، ورحل تاركاً إرثاً غنياً من الموروثات الشعبية في منطقة الكاف.
لم تثنه أوجاعه المختلفة طوال سنوات تعدت الربع قرن، عن متابعة اهتمامه بالتراث الموسيقي والغنائي الشعبي في منطقة الكاف، وكان المغني محمد العربي القلمامي يدرك أن العمل سيطيل مواجهته للأمراض العديدة التي دهمته مجتمعة لكنه وجد في الموسيقى السلوى وباباً لبلوغ الشفاء أو على الأقل يُبعد ساعة الهزيمة.
الكثير من اللقاءات والحفلات أحياها القلمامي راغباً في تجذير الموروث الشعبي موسيقى وغناء منعاً من اندثار ما تركه الآباء والأجداد من درر خالدة.
غنى (الأوّلة بلدي والثّانية بلدي ...) قصيد لبيرم التّونسي في مسرحيّة عطشان يا صبايا .. كانت رحلته طويلة بين مصر والعراق والكويت واسبانيا واقام مطوّلا بالمغرب بين الرّباط والدار البيضاء ومرّاكش، وجالس أسماء كبيرة وغنّى معها.
كانت رحلته طويلة ومليئة بالمغامرات لفنّان حمله صوته الى كلّ الأماكن ..رحلة حياة لم يكنز خلالها أموالا بقدر ما أسرف وبذّر في حاجياته الصّغيرة، حياة فنّان بوهيمي عيّاش كما كان دائما جميلا وأنيقا ولطيف المعشر يتسابق الجميع الى جلساته الممتعة.
ذلك هو الفنّان محمّد العربي القْلمامي .الذي قال عنه الموسيقار السّوري إيلي شويري (هذا آخر ديناصور في الطّرب العربي) قول كلّ أهل الموسيقى بأنّه مطرب فريد وغريب في هذا الزّمن الجاحد ولكنّه فوّت كلّ محطّات الشّهرة رغم موهبته الكبيرة في الغناء الى جانب قدرته على صياغة كلّ الحكايات الصّغيرة والعاديّة الى نوادر تضحك لها وكأنّك في حضرة أقدر نجوم الكوميديا.
أحبّه أهل المسرح من منصف السويسي الى لمين النّهدي الى وحيدة الدريدي وقد كان ضمن فرقة الكاف للموسيقى والمسرح.
عرفت له أعمال مثل: في غرفتنا بالحج، يا نشوة الهلال، ريم الفيالة (مع مجموعة قناديل الطرب)، تلفت صغرك (من تراث الكاف)، كان الزمان ينسي، عيون بهية، يا عم دنا غريب، ما نسيتك، مرض الهوى، وسامحيني.