عندما نتحدث عن أبرز الشعراء والفنانين الذين ساندوا القضية الفلسطينية وسخّروا موهبتهم وصوتهم لتشجيع الشعب الفلسطيني على الاستمرار في نضاله ضد الاحتلال الإسرائيلي، يأتي إبراهيم محمد صالح، المعروف بلقب "أبو عرب"، على رأس القائمة.
أبو عرب وُلد في عام 1913 بين مدينتي طبرية والناصرة في قرية الشجرة بشمال فلسطين، وكانت عائلته تشجع موهبته الفنية منذ الصغر. إذ جده كان شاعرًا معروفًا وواحدًا من وجهاء قريته، بينما كان عمه شاعرًا شعبيًا.
شهد أبو عرب الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 وانطلاقها ضد الاحتلال البريطاني والاستيطان اليهودي في فلسطين. جده قام بكتابة أشعار حول هذه الثورة واستخدمت هذه الأشعار للتشجيع على النضال ضد الاحتلال البريطاني.
حينما سقطت قرية الشجرة في يد اليهود بعد مقاومة دامت أشهرًا، اضطر أبو عرب وأسرته إلى النزوح والبقاء في مخيمات اللاجئين خارج فلسطين. وهناك، بدأ أبو عرب بالغناء والكتابة في دعم القضية الفلسطينية وزرع الأمل في قلوب اللاجئين الساعين للعودة إلى أرضهم.
في عام 1959، اتسعت شهرته بشكل كبير بعدما تمت دعوته لأداء الأغاني الفلسطينية على إذاعة "صوت العرب" في القاهرة. وأصبح أبو عرب شاعرًا للثورة الفلسطينية في عام 1965 وقاد العديد من الأغاني الثورية التي كانت تهتف بها الثورة. أصدر العديد من الأغاني المسجلة وقام بتغيير كلمات بعض الأغاني التراثية لتكون مناسبة للثورة.
بعد النكبة والنزوح، انتقل أبو عرب بين لبنان وسوريا والأردن لأداء حفلاته في مخيمات اللاجئين ودعم قضية اللاجئين الفلسطينيين. في لبنان، تولى ركن الغناء الشعبي في إذاعة فلسطين وأسس فرقته الغنائية "فرقة فلسطين للتراث الشعبي" في عام 1980.
بعد حصار فرقته في لبنان بسبب العدوان الإسرائيلي في 1982، اضطر أبو عرب للتوجه إلى تونس وبعد ذلك عاد إلى سوريا. خلال مسيرته الفنية التي استمرت لمدة 70 عامًا، قدم أبو عرب أكثر من 300 أغنية و28 شريطًا كاسيت. من بين أشهر أغانيه تجد "من سجن عكا" و"يا موج البحر" و"هدي يا بحر هدي" و"أغاني العتابا والمواويل" و"يا شايلين النعش".
عاش أبو عرب لأكثر من 64 عامًا بعيدًا عن أرضه وبلده قبل أن يتحقق حلمه بزيارة قرية الشجرة مجددًا في عام 2012. بعد سنتين، توفي في سوريا ودفن في مخيم العائدين بحمص. على الرغم من وفاته، بقيت أغانيه قوية وتستخدم في المناسبات التي تستحق الانتفاضة والثورة ضد الاحتلال.