في مثل هذا اليوم، 12 سبتمبر، نحيي ذكرى وفاة أحد أعظم الشخصيات الموسيقية في تاريخ تونس، صالح المهدي، الذي رحل عن عالمنا في عام 2014 عن عمر ناهز 89 عامًا. وُلد صالح بن عبد الرحمان بن محمد المهدي الشريف، الملقب بـ"زرياب"، في 9 فبراير 1925 بنهج سيدي منصور، بمدينة تونس.
اقرأ أيضا:
وفاة ألبرتو فوجيموري: من قائد الإصلاحات الاقتصادية إلى رئيس خلف القضبان
الكينغ محمد منير يعاني من أزمة صحية: سفر عاجل إلى ألمانيا للعلاج والمتابعة
في ذكرى وفاة مجيدة بوليلة: مناضلة تونسية وشعلة نضال لا تنطفئ
نشأ المهدي في عائلة فنية حيث كان والده يستضيف الفنان خميّس الترنان في مجالسهم. تلقى تعليمه الأول في الكتاب ثم في مدرسة الجمعية الخيرية في باب سويقة، واختتمه في جامع الزيتونة حيث حصل على شهادة التحصيل.
التحق صالح المهدي بسلك القضاء سنة 1951، لكنّه بقي مخلصًا لموهبته في الموسيقى، وبدأ يظهر في الساحة الفنية بلقب "زرياب". استمر في العمل بالقضاء حتى سنة 1957، لينتقل بعد ذلك إلى وزارة التربية القومية ثم إلى وزارة الثقافة، حيث ترك بصمة واضحة في تطوير الفنون الموسيقية في تونس.
على الرغم من اعتباره "دكتورًا" بفضل دراسته للموزيكولوجيا في جامعة بواتيي الفرنسية، يظل إنجازاته الموسيقية أهم من الشهادات الأكاديمية التي حصل عليها. درس الموسيقى على يد الشيخ علي الدرويش وتعلم العزف على الناي، وشارك في الحركة الكشفية حيث قدم أناشيد أسبوعية للأطفال.
تولّى صالح المهدي قيادة عدة جمعيات موسيقية، منها جمعية "الكوكب التمثيلي" و"فرقة الرشيدية". أسس أيضًا الفرقة القومية للفنون الشعبية في 1962، والأوركسترا السنفوني التونسي في 1969، مما ساهم في تطوير الموسيقى التونسية بشكل كبير.
عرف عن المهدي تلحينه للعديد من الأغاني والموشحات والنوبات، وقد تخرج على يديه عدد كبير من المطربين والموسيقيين التونسيين. من أبرز أعماله "نشيد العروبة" و"ألا خلدي"، إلى جانب العديد من الألحان الأخرى التي زينت الساحة الموسيقية التونسية.
كما أسس "أسبوع الفن" الذي تأثر فيه بالنموذج الأمريكي، وهدف إلى نشر الفنون بين الناس من خلال فعاليات متنوعة.
برز صالح المهدي أيضًا على الساحة الدولية من خلال تأسيس المجمع العربي للموسيقى وتولى رئاسته لدورتين، بالإضافة إلى تأسيس المؤسسة الدولية للفنون الشعبية تحت إشراف اليونسكو. وُلدت أعماله وأبحاثه في مجال الموسيقى العربية كإسهامات حيوية لمجال الموزيكولوجيا، من بينها "الموسيقى العربية في نموها وتطورها" و"الموسيقى العربية ومسيرتها المتواصلة".
ترك صالح المهدي إرثًا ثقافيًا غنيًا، وذكراه ستظل خالدة في قلوب محبي الفن والموسيقى في تونس وخارجها، كرمزٍ للتفاني والإبداع في عالم الموسيقى.