أعلن رئيس الحكومة يوسف الشاهد أمس 6 سبتمبر 2017 تحويرا وزاريّا شمل عددا من الوزراء وكتّاب الدولة، بعد فترة طويلة من الفراغ في صلب عدد من الوزارات وكذلك بعد تنازع طويل داخل الائتلاف الحاكم حول "حصّة" كل طرف من أطرافه من الحقائب الوزارية في التحوير الجديد، وهو الرّابع من نوعه في ظرف عامين ونصف، في غياب تام للحديث عن معالجة الأزمة الشاملة التي تردّت فيها البلاد منذ انتخابات 2014 وإنقاذها من إفلاس محقق.
إنّ الجبهة الشعبية، تمسّكا منها بثوابتها في الدّفاع عن مصالح تونس وشعبها، يهمّها التوجّه إلى الرأي العام بما يلي:
1-إنّ هذا التحوير لا يعدو أن يكون إعادة توزيع للحقائب داخل الائتلاف الحاكم في تمسّك بمنطق المحاصصة الحزبية الضيّقة وعقلية الغنيمة اللّذيْن حَكَما طريقة تشكيل الحكومات المتعاقبة منذ انتخابات 2014. فقد غاب تقويم أداء الحكومة والوزراء فتمّ إبقاء الفاشلين مع تغيير خطط بعضهم وإرجاع فاشلين في حكومات سابقة في خطط جديدة. كما استمرّ البعض ممّن تطاله شبهات الفساد في موقعه وجيء بآخرين جدد تطالهم شبهات فساد أيضا. وإلى ذلك فقد تعزّز حضور رموز النظام السابق الذين ساهموا في إيصال البلاد إلى حافة الانهيار سنة 2010 بسياساتهم المعادية للشعب والوطن، وثار ضدّهم الشعب وأسقطهم.
2- إن هذا التحوير القائم على منطق "المحاصصة" و"الغنيمة" يتنزّل في سياق التّسريع بتنفيذ "الإجراءات المؤلمة" المفروضة من صندوق النقد الدولي والدوائر المالية والاستعمارية التي تهدف إلى تقويض ما بقي من القطاع العمومي وتصفية المكاسب الاجتماعية للتّونسيات والتونسيين وسدّ أبواب الرّزق أمامهم وإثقال كاهلهم بالضرائب والأداءات والرفع في الأسعار وهتك سيادة وطنهم، عبر عقد اتّفاقات جديدة (الأليكا مع الاتّحاد الأوروبي مثلا) تهدّد قطاعي الفلاحة والخدمات بشكل خاص، ورهن الأجيال القادمة لدى تلك الدوائر المالية والاستعمارية عبر سياسة التّداين العشوائي التي لا تُراعَى فيها سوى المصالح المباشرة للحكومات القائمة والأقلّيات النهّابة التي تدعمها، وهو ما ستعكسه ميزانية 2018 التي بدأت ملامحها الخطيرة تظهر من الآن.
3- إنّ تونس تحتاج إلى خيارات سياسية واقتصادية واجتماعية جديدة وحلولا استثنائية لمعالجة أزمتها المتفاقمة، وهو أمر يحتاج إلى منظومة حكم جديدة تمتلك مشروعا وطنيّا ورؤية واضحة للإنقاذ وإرادة سياسيّة قويّة للإنجاز ومشروعية شعبيّة في ضوء برامجها وخياراتها ولا تحتاج إلى مجرّد تحوير وزاري ينتقل بمقتضاه وزير فاشل من وزارة إلى أخرى أو يحافظ فيه على وزير فاسد لأنّه من أنصار هذا الطّرف أو ذاك، وهو ما من شأنه أن يعمّق أزمة البلاد ويدفع بها إلى المجهول.
4ـ وعليه فإنّ الجبهة الشعبية التي لا ترى في حكومة الائتلاف الحاكم الجديدة، "حكومة حرب على الفساد والبطالة والإرهاب" كما جاء على لسان رئيسها، بل حكومة حرب على قوت غالبية الشّعب التونسي ومصالحه فإنّها تجدّد موقفها من أنّ فتح أفق سياسي حقيقي للشّعب يسمح له بتصحيح الأوضاع وتغييرها إنّما يقتضي العودة إلى النّاخبين والنّاخبات وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعيّة مبكّرة. كما تجدّد دعوتها إلى كل القوى الحيّة، الديمقراطية والتقدّمية، لرصّ الصفوف لمواجهة أيّ اعتداء جديد على حرّية التونسيّات والتونسيّين وحقوقهم وأيّ محاولة للعودة بهم إلى مربّع الاستبداد الأول.
عن المجلس المركزي
الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية
حمّه الهمامي