تطوّرت جريمة سرقة مواشي الفلاحين، من تهديد للأملاك الى تهديد حياة الفلاحين بعد ان اصبحت العصابات المختصة في هذه السرقات تستخدم السلاح وتطلق النّار على كل من يكتشف امرها ويحاول منعها... جريمة جعلت الفلاحين يصطلحون على تسميتها بـ «الارهاب الفلاحيس.
تونس (الشروق)- ظاهر جديدة استفحلت في ولاية صفاقس تتمثّل في تفاقم ظاهرة سرقة المواشي من قبل عصابات لا تعتمد على نفس المنطق التقليدي للسرقة حيث تتم مغافلة صاحب المسروق وتكون عملية السرقة متبوعة بفرار السارق... ما يحدث في صفاقس مخالف لهذا المنطق حيث تحضر عصابات اختصّت في سرقة المواشي ليلا او نهارا وتسرق ما تريد واذا ما اعترض سبيلها صاحب المسروق تستعمل معه السلاح وتطلق عليه النار.
إطلاق الرش
تطوّر خطير كان ضحيّته عدد من الفلاحين وخاصة من اختصوا في تربية المواشي... وما حدث لعائلة بن منصور عيّنة مثلى لما يحدث في المنطقة... القصّة كما رواه نجيب بن منصور اخ سالم والهادي الاخوين اللذان اصيبا بالرش تتمثّل في ان العائلة التي تسكن في منطقة طريق قرمدة كلم 16 حُرمت من النوم منذ سنوات بسبب تهديد عصابات سرقة المواشي... هذه العائلة يتداول افرادها على حراسة مواشيهم لكن في يوم الاحد قبل الماضي وفي حدود الساعة الثانية بعد منتصف الليل دخل احد اخوته المكلّف بالحراسة الى البيت بعد ان كان يراقب الاسطبل فتفاجأ بان المصابيح التي كانت تنير المنطقة الفاصلة بين البيت والاسطبل قد انطفات... فقام باعلام اخيه وخرجا لاستطلاع الامر فوجدا ثلاثة اشخاص بصدد اخراج المواشي من الاسطبل... وعندما همّا باللصوص في محاولة لايقافهم اُطلق عليهم النيران (الرش) من شخص اخر ينتمي للعصابة وكان يختفي وراء الاشجار... نجيب بن منصور أكّد ان اخويه اصيب كل منهما في نصفه الاسفل من جسده، الاوّل ثماني اصابات والثاني خمس اصابات... وفي هذا السياق شدّد نجيب بن منصور على ان من اطلق النّار محترف واراد اصابتهما فقط ولم يرد قتلهما . نجيب بن منصور اضاف ان اخاه الاكبر سالم حاول اللحاق باللصوص حتى وهو مصاب فراهم يمتطون سيارة من نوع "د ماكس" ويفرّون... واكّد ان العصابة تتكون من خمسة اشخاص... ثلاثة يقومون بعملية السرقة وواحد يراقب المنزل واخر يقوم باطلاق النار في حال افتضاح امرهم... .كما اشار الى ان هذه المرة الرابعة التي يتعرضوا فيها للسرقة وفي احد المرات عمدت العصابة، بعد ان اكتشفت ان كل الاخوة خارج المنزل الى حبس والديه وهما متقدمان في السن في بيت واغلقوا عليهم الباب ثم سرقوا اغناما... وكانت عملية السرقة في وضح النهار.
حالة عائلة بن منصور هي الاخطر تقريبا... لكن ما الفلاح توفيق الخطوي (يسكن في كلم 30 طريق منزل شاكر) فيمكن تصنيفه بانه الاكثر تضرّرا... وما حدث له حسب روايته ان عصابة دخلت الى اسطبله قبل خمسة عشر يوما وفي حدود الساعة الثانية بعد منتصف الليل واخرجوا كل الخرفان الموجودة فيه (200 خروف)... اقتادوهم الى الطريق حيث توجد شاحنات فانتظارهم واخذوا منهم 113 خروفا وتركوا البقية لانهم لم يجدوا لهم مكانا . الخطوي قال انه لم يتفطّن الى عملية السرقة لكنه يشك في ان من قام بالسرقة ابن المنطقة ويعرفها جيدا خاصة وان منزله محاط بأسوار عالية... كما اكّد ان هذه المرة هي الثالثة التي يتعرض فيها للسرقة... مشيرا الى انه سمع باطلاق الرصاص والرش على عدد من الفلاحين في الفترة الماضية.
النقابة التونسية للفلاحين فرع صفاقس اصدرت مؤخرا بيانا تفاعلا ما يحدث جاء فيه انه على اثر الاعتداءات الوحشية التي تعرض لها مربو الماشية اخيرا في ولاية صفاقس تندد النقابة التونسية للفلاحين بصفاقس بهذه الاعمال الاجرامية وتعبر عن تضامنها مع المربين الذين تعرضوا لهذه الاعتداءات ومن اشنع ما تعرض له المربون الاعتداء على اثنين بالرش بعد تفطنهما لوجود عصابة تحاول سرقة اغنامهم مما استوجب نقلهما الى المستشفى وتلقيهما العلاج..وتعتبر النقابة التونسية للفلاحين بصفاقس ان هذه الاعتداءات الاخيرة هي بمثابة الارهاب الفلاحي الذي يهدد القطاع وتطالب الحكومة او ووزارات الفلاحة والعدل والداخلية ثانيا باتخاذ كل التدابير اللازمة بحماية المربين وممتلكاتهم في ولاية صفاقس وفي كل ولايات الجمهورية... كما تطالب بتشديد العقوبات على كل من يعتدي على الفلاحين وممتلكاتهم.
قانون جديد لحماية الفلاحين
ما يحدث في صفاقس اعاد الحديث في كواليس البرلمان عن مقترح القانون الذي قدّمه عدد من نواب حركة النهضة ويتعلّق بحماية الفلاحين من السرقات... وتحدّث عدد من النواب على ضرورة الاسراع في تمريره... هذا النص الذي يتضمّن اربعة فصول اهمها الفصل الاول الذي ينص على ان هذا القانون "يتعلق بزجر كل أنواع السرقة المسلطة على الآلات والمعدات الفلاحية والمواشي.تعد آلات ومعدات فلاحية على معنى هذا القانون الجرارات والمجرورات والمحاريث والشاحنات المخصصة لنقل المنتوج وآلات الري ومحركات ومضخات المياه وكل ماله علاقة بالنشاط الفلاحي.تعد مواشي على معنى هذا القانون: الخيل والإبل والأبقار والأغنام والماعز".
اضافة الى الفصل الثاني الذي ينص على ان "يعاقب بالسجن مدة خمس سنوات دون إمكانية تطبيق الأحكام الواردة بالفصل 53 من المجلة الجزائية كل من يتولى سرقة الآلات والمعدات الفلاحية المذكورة بالفصل أعلاه سواء انفردت أو تعددت.ويعاقب بنفس العقوبة المذكورة كل من يتولى سرقة المواشي المذكورة بالفصل المتقدم سواء انفردت أو تعددت".
سرحان الشيخاوي