بقلم: [عبد الحفيظ حساينية]
ترتبط سيرة الفنان صالح عبد الحي بسلسلة من الإنجازات واللحظات التي جعلته من أبرز وجوه الطرب الأصيل في مصر والوطن العربي. وُلد في 16 أغسطس 1896 في حارة درب الحلواني بالسيدة زينب، وكان يتمتع بصوت مميز وأداء فني رائع، حيث ترك بصمة قوية في عالم الفن.
عاش صالح عبد الحي في عهد الزمن الجميل، حيث كانت الموسيقى والغناء تحتل مكانة كبيرة في حياة الناس. عرف بلقب "فارس الطرب الأصيل"، وتميز بأدائه للأغاني التقليدية والشعبية بشغف وروح فنية عالية.
بدأت شغفه بالغناء منذ طفولته، وقد تعلم العزف والغناء من خاله الذي كان مطرباً مشهوراً. وعمل بجد واجتهاد ليحقق حلمه في مجال الفن، وتلقى تعليمه الموسيقي من الشيخ سلامة حجازي.
انضم صالح عبد الحي لمجموعة غنائية تسمى "الصهبجية"، وكانت هذه المجموعة تقدم حفلات فنية تستهوي الجماهير في مختلف المناطق. وبفضل موهبته وأدائه المتميز، اشتهر بسرعة وأصبح واحداً من أبرز المطربين في ذلك الوقت.
تألق صالح عبد الحي في الغناء التقليدي، وكانت له أغاني مميزة أثرت في الجمهور، منها أغنيته الشهيرة "ليه يا بنفسج بتبكي وأنت زهر حزين" التي غناها لأكثر من خمسين عاماً. أصبح مع مرور الزمن واحداً من أعلى المطربين أجراً في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، حيث كان يحصل على مبالغ مالية كبيرة مقابل حفلاته.
صالح عبد الحي قدم أيضاً تجارب في التمثيل، وشارك في أعمال مسرحية مثل "عاصفة في الريف" و "البؤساء"، حيث استطاع أن يثبت نفسه كممثل موهوب إلى جانب مهاراته الغنائية.
رغم شهرته ونجاحه، إلا أن صالح عبد الحي عاش حياة تحمل الكثير من الصعوبات. اعتزل الساحة الفنية بعد الخمسينيات، وشهدت الفترة اللاحقة تدهور المسرح الغنائي وتغيّر الذوق العام.
توفي صالح عبد الحي في عزلة وسط ضروف صعبة، لكن إرثه الفني لا يزال حاضراً حتى اليوم. استمر صوته وأغانيه في إثراء المشهد الفني والثقافي، ولا تزال أغانيه تستمع إليها وتُحبَّ وتُذكِّر بعبق الفن القديم والزمن الجميل.