اختر لغتك

آليات تحفيز بعث شركات أهلية في المجال الثقافي

آليات تحفيز بعث شركات أهلية في المجال الثقافي

آليات تحفيز بعث شركات أهلية في المجال الثقافي

بقلم: منصف كريمي-كاهية مدير المؤسسات والتظاهرات الثقافية بالمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بجندوبة

بهدف القضاء على كافة أشكال الإقصاء والتميبز الاجتماعي والاقتصادي وتحقيق التنمية وخلق الثروة صدر مرسوم رئاسي يقضي ببعث شركات اهلية وهو المرسوم عدد 15 لسنة 2022 الصادر في مارس 2022 والذي يتضمّن 97 فصلا تتوزّع على ثمانية أبواب، ويحتوي على مادة دسمة من الإجراءات والشروط التأسيسية والجوانب القانونية ليتم التفاعل مع هذا المرسوم من خلال بعث عدد هام منها على المستوى الوطني في قطاعات الصناعة والسياحة والصناعات التقليدية والنقل والطاقات المتجددة وانتاج الأعلاف وتربية الماشية استكملت كافة اجراءات التأسيس وتلقت قروضا من البنك التونسي للتضامن فيما تواصل البقية مراحل التأسيس وقد وجد عدد منها اشكاليات تشريعية وقانونية تعرقل نشاطه الاقتصادي ومردّ هذه العقبات أحيانا السرعة في التأسيس والإرتباك في التأصيل المتعثّر لاسباب اجرائية ومالية. 

مقالات ذات صلة:

ندوة وطنية سلطت الضوء على دور الشركات الأهلية في تونس وتدشن حاضنة رقمية لدعمها

يوم تحسيسي ناجح حول الشركات الأهلية بحي الخضراء 

المجلس البنكي والمالي يلتزم بتفعيل المشاريع المعطلة وتمويل مشاريع الشركات الأهلية وتعزيز النمو الاقتصادي

واذ يقوم بعث الشركات الاهلية وفق المرسوم المنظّم لها "على المبادرة الجماعية والنفع الاجتماعي"وعلى"تحقيق التنمية الجهوية وأساسا بالمعتمديات وفقا للإرادة الجماعية للأهالي وتماشيا مع حاجيات مناطقهم وخصوصياتهم"وهو ما يتناغم مع مفهوم وخصوصيات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني فان مجال اختصاص الشركات التي تأسست الى حد الان يعدّ ضعيفا جدا على المستوى الثقافي والفني مقارنة بالمجالات الفلاحية والغذائية أساسا رغم الامتيازات التي وضعت على ذمّة بعث هذه الشركات ذلك ان قانون المالية لسنة 2023 نصّ على وضع خط تمويل مفتوح لدى البنك التونسي للتضامن بقيمة 20 مليون دينار للشركات الأهلية وتخصيص نسبة من مداخيل الصلح الجزائي لتمويلها.

ورغم ان المرسوم الخاص ببعث الشركات الاهلية يعطي الأولوية للتنمية في المناطق المحلية كأنموذج يجمع بين اشخاص تغلب فيه المصلحة الجماعية على المصلحة الفردية في الشركة وبما  يتعارض مع منطق الربح فان مبادرات بعث شركات اهلية في المجال الثقافي تعدّ محتشمة جدا مما يبعث عن التساؤل عن أسباب ذلك رغم اننا ندرك ان المعادلة ما بين الاقتصاد والثقافة صعبة، ولا تزال الفجوة ما بين المستثمر والمثقف عميقة كما ندرك في المقابل ان الاستثمار الثقافي قاطرة لدفع نسق الصناعات الثقافية ورافدا من روافد التنمية وتجسيما واضحا لمبدأ التشارك بين القطاعين العام والخاص وهو ما يؤكّد ان الاستثمار في القطاع الثقافي عبر الشركات الاهلية على في حاجة إلى مزيد الدفع والتشجيع عبر مختلف الوسائل التشريعية والصيغ الجبائية وهو ما يتطلّب ضرورة مرافقة الباعثين الشّبّان والإحاطة بهم من خلال  برنامج لتكوين المستثمرين الشباب في القطاع الثّقافي باعتبار تخوّف هؤلاء من المبادرة والانطلاق والتجنيح نحو آفاق عمل أخرى خاصة بعيدا عن منطق الوظيفة العمومية كمورد جراية قارّة ومحدّدة كما يزداد إحجام المستثمرين الراغبين في بعث مشاريع ثقافية خاصة من تخوفهم من محدودية نجاعة وضعف مردودية الاستثمار في المجال الفني والابداعي رغم ان قانون 2014 المتعلق بالرعاية الثقافية تضمن عدة تشجيعات جبائية هامّة وحوافز مالية غير مسبوقة الى جانب ما أتاحه مرسوم بعث الشركات الاهلية من امتيازات مماثلة ليظلّ السبب الرئيسي وراء إحجام الشبان على الاستثمار في المجال الثقافي تقصير الجهات المعنية في التسويق والتعريف بامتيازات الشركات الاهلية وهو ما يتطلب إستراتيجية اتصالية ناجعة لاستقطابهم للاستثمار في القطاع الثقافي وكل ذلك يقتضي من وزارة الشؤون الثقافية وهياكلها المعنية مركزيا وجهويا تسهيل روح المبادرة من خلال مزيد التعريف بالقوانين والتشريعات والتحفيز على الاستثمار في مختلف الفنون عبر الشركات الاهلية بدعم التكوين في صناعة الثقافة الافتراضية والخاصة بكل ما هي وسائل اتصالية جديدة ممّا تعطي صيغة جديدة في مبدأ الإبداع والابتكار والاستثمار ووفقا لإستراتيجية مدروسة تستقطب الخواص للمساهمة في الثقافة مع صياغة إجراءات عملية وتحفيزات ملموسة وخاصة بالانفتاح على التعدّد والاختلاف كما على الهياكل الثقافية المعنية تنظيم أيام دراسية بخصوص موضوع الاستثمار في القطاع الثقافي عبر آليات بعث شركات اهلية في المجال.

واذ يندرج بعث شركات أهلية ضمن برنامج لوطني ومنوال تنموي اقتصادي جديد، يتطلب تظافر جهود كل الشركاء في التنفيذ بالسرعة والنجاعة المرجوتين خاصة في القطاعات ذات القدرة التشغيلية والقيمة المضافة بما ينصهر ضمن نموذج تنموي جديد وهي من الحلول المبتكرة لدعم التنمية المحلية والجهوية والاستجابة لحاجيات المواطنين وفق خصوصيات الجهة بالإضافة إلى التأسيس لمنوال اقتصادي يرتكز على مبادئ العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة وأولوية الإنسان وقيمة العمل الجماعي والممارسة الجماعية للنشاط الاقتصادي والحوكمة الرشيدة بات من الضروري والأكيد اليوم ان تحرص السلط وهياكل الدولة على مساندة الإحداثات الجديدة للشركات الأهلية إعتبارا للجدوى الاجتماعية والاقتصادية والتنموية المحلية والجهوية كما تبذل جهودا كبيرة للمحافظة  على الحد الأقصى من التوافق والتفاهم بين الشركاء بما يضمن نجاح هذه الشركة وديمومتها وبات من الضروري على وزارة الشؤون الثقافية وهياكلها توجيه أصحاب الشركات الأهلية وتكوينهم وتأطيرهم والإحاطة بهم وكذلك تيسير عمليات تمويلهم ومتابعة ملفاتهم وتأطيرهم ومساعدتهم على إعداد مخططات أعمالهم للحصول على التمويلات الضرورية و تمكينهم من التعرف على الآليات والامتيازات المتوفرة دعم قدراتهم في مجال مرافقة وتمويل الشركات الأهلية وتقديم الإحاطة الفنية و المادية مع هياكل المساندة و مؤسسات التمويل وخاصة البنك التونسي للتضامن الذي وضع هدفا طموحا في هذا المجال لتمويل 100 شركة أهلية في موفى سنة 2024.

كما بات من الضروري على وزارة الشؤون الثقافية وهياكلها تحفيز خرّيجي معاهد التنشيط الثقافي ومعاهد التكوين الفني ومساعدتهم على  تأسيس شركات أهلية في المجال الثقافي بمرافقتهم في كافة مراحلها من  القيام بدراسة الجدوى و الدراسات الفنية و المالية اللازمة وبالتنسيق مع كافة الهياكل و المتدخلين على المستوى المركزي والجهوي و إتمام إجراءات التأسيس القانوني لهذه الشركات  حتى ترى النور في أحسن الآجال.

وعلى وزارة الشؤون الثقافية وهياكلها اليوم التعريف ببعض النماذج الناجحة في ما يخص الشركات الاهلية في المجال الثقافي على غرار تجربة الشركة الأهلية في مجال السينما والصورة بالجريصة وتشجيع المبادرات المماثلة التي من أن شأنها تساهم في النهوض بالشأن الثقافي بالجهات الداخلية بهدف تثمين موروثها ومخزونها الثقافي الى جانب دعوة هذه الوزارة الى التحفيز على بعث شركات أهلية والإستثمار في المجال الثقافي على غرار  تثمين محمية جبل السرج وتوظيفها عبر شركة أهلية في تركيز مراكز ثقافية بها وكذلك تشجيع بعث شركات اهلية توكل لها مهمة تنظيم المهرجانات عامة وخاصة المهرجانات الصيفية بالجهات الداخلية والضرورة تقتضي كذلك ان تخصص وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية لفائدة وزارة الشؤون الثقافية جملة من العقارات ووضعها على ذمة هذه الاخيرة تكون موردا لها لتشجيع بعث شركات أهلية في المجال الثقافي على غرار تخصيص قاعات السينما الموجودة بالجهات الداخلية والمغلقة لسنوات دون اي استغلال حتى توجه نحو فتح الآفاق وخلق العرض للإستثمار الثقافي.

ولان الشركات الأهلية هي بديل للمنوال التنموي الفاشل الذي راكم الثروة لدى أقلية عميلة، ويكون فيها أبناء الشعب شركاء في الوطن والثروة واعتبارا لأهميتها هذه لابدّ من تأطير باعثيها ومرافقتهم ودعم نجاح التجارب النموذجية وذلك بالتعريف مثلا بأحدث التطورات والاتجاهات في عالم السينما والتفكير حول كيفية تطوير نوادي السينما وعصرنتها عبر شركات أهلية تثمّن دور التكنولوجيات الحديثة في عرض الأفلام وأنماط التسويق والترويج الجديدة والتفاعل مع الجمهور والابتكارات في تجربة المشاهدة لتلبية انتظارات الجمهور في العصر الحديث ومتطلباته على ان يكون ذلك عبر التكوين المختص عبر جلسات حوارية وورشات عمل تفاعلية تتيح للمشاركين فرصة التفاعل وتبادل الأفكار مع الخبراء في مجال السينما والمهتمين ببعث شركات أهلية تنصهر ضمن مشروع وطني ونموذج تنموي جديد يتطلب معالجة خصوصية ينخرط فيه ممثلو البنوك لدعم عملية إحداثها وإنتصابها عبر رصد التمويلات اللازمة للغرض ضمن خطوط التمويل التابعة لها. 

ومن الضروري كذلك تخصيص شباك بجميع الفروع البنكية المتواجدة بالجهات يعنى بتوجيه وإرشاد باعثي الشركات الأهلية وإحداث خلية متابعة جهوية على مستوى المندوبيات الجهوية للشؤون الثقافية خاصة بملف الشركات الأهلية تعهد لها مهمة مرافقة ومساندة هذه الشركات بالجهة للإنتصاب والإنطلاق في العمل في أيسر الظروف وأفضلها استئناسا بفحوى دليل احداث الشركات الأهلية عبر مراحله الخاصة بالتأسيس فالتمويل فالأنشطة الخاضعة للتراخيص ولكراسات الشروط فدراسة الجدوى ثم  أهم الامتيازات حسب طبيعة النشاط ثم  أوجه التصرف في الممتلكات العمومية فهياكل المساندة والمرافقة.

وعموما ولأن إحداث الشركات الأهلية هو خيار الدّولة الاقتصادي بما يهدف إلى التأسيس لمقاربة جديدة في التنمية والتشغيل تقوم أساسا على الإدماج الاقتصادي والاجتماعي والمبادرة الجماعية ذات القيمة المضافة والقدرة التشغيلية  لا بد من تخصيص مخاطب مختص في التوجيه والمرافقة لفائدة باعثي الشركات الأهلية في المجال الثقافي على ان تكون هناك مبادرات نموذجية بكل جهة تكون بديلا تنمويا يستجيب لحاجيات شرائح واسعة من المجتمع التونسي ولاسيما الشباب والمرأة باعتبار هشاشة هذه الفئات التي تعد أبرز متضرر من الأزمة الاقتصادية الوطنية الراهنة وبما من شأنه احترام القيم والمبادئ الكونية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني علي غرار أولوية الانسان وقيمة العمل الجماعي علي الربح الفردي، والانخراط الحر والانسحاب الارادي والحوكمة الرشيدة القائمة على الشفافية والنجاعة والمسؤولية لغاية تحقيق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات من خلال ممارسة جماعية لنشاط ثقافي ابداعي فني انطلاقا من المنطقة الترابية المستقرين بها  تكريسا لمفهوم الاقتصاد الاجتماعي باعتباره اقتصاد قرب économie de proximité وهي المهمة الرئيسية للشركات الأهلية من حيث بعث المشاريع الثقافية والتصرف فيها وإدارتها وإنتاج الاقتصاد الثقافي والخدمات وتحويله وتوزيعه وتسويقه واستهلاكه استجابة للحاجيات المشتركة لأعضائها ولاحتياجات المتساكنين بالجهة وبما يحقق التنمية الجهوية أساسا بالمعتمديات ووفقا للإرادة الجماعية للأهالي وتماشيا مع حاجيات مناطقهم وخصوصياتها وانطلاقا من آليات مختلفة للتمويل اذ نص على أن يتكوّن رأس مال الشركات الأهلية من حصص اجتماعية اسمية وجوبية وغير قابلة للقسمة ويمكن للشركات الأهلية ان تستفيد من الآليات المضمنة في مرسوم الصلح الجزائي الذي نص علي فتح بقرار من الوزير المكلف بالمالية حساب أموال مشاركة بخزينة الدولة تحت مسمى “حساب عائدات الصلح الجزائي لتمويل المشاريع التنموية”على ان توظف هذه الأموال في تمويل إنجاز مشاريع تنموية اعتمادا على خصوصية المناطق واحتياجات الأهالي والأولويات الوطنية والمحلية والأهداف المرسومة بمخططات التنمية.

آخر الأخبار

أيام تحسيسية مشتركة لدعم انتقال المجامع التنموية النسائية إلى شركات أهلية

أيام تحسيسية مشتركة لدعم انتقال المجامع التنموية النسائية إلى شركات أهلية

حين يلتقي النقيضان: أطول امرأة في العالم وأقصرهن يتقاسمان لحظة لا تُنسى!

حين يلتقي النقيضان: أطول امرأة في العالم وأقصرهن يتقاسمان لحظة لا تُنسى!

السينما التونسية تتألق في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 2024

السينما التونسية تتألق في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 2024

المنتدى السادس والعشرين لحقائق: السياحة في  المتوسط محور جدل أهل المهنة في الحمامات 

المنتدى السادس والعشرين لحقائق: السياحة في  المتوسط محور جدل أهل المهنة في الحمامات 

نابولي: الأطفال بين السلاح والعنف.. أزمة تهدد جيلًا كاملًا

نابولي: الأطفال بين السلاح والعنف.. أزمة تهدد جيلًا كاملًا

Please publish modules in offcanvas position.