منذ أكثر من عام، يواصل الممثل والمخرج المسرحي التونسي نزار الكشو تقديم احتجاجاته الفنية ضد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عبر سلسلة من العروض المسرحية التي تخطت حدود الفضاءات التقليدية. مسرحية "أشلاء المسافة صفر" ليست مجرد عرض، بل هي صرخة فنية ترتكز على المعاناة الفلسطينية وتحوّلها إلى رسالة مقاومة وأمل في النصر.
مقالات ذات صلة:
مشاركة مسرحية مشرفة للاستاذ نزار الكشو في المغرب
اختتام سنة دراسية مميزة باجواء مسرحية تأطير نزار الكشو بالمدرسة الأعدادية الطبابة بنفزة
الاستاذ نزار الكشو يحاضر في المهرجان العربي لفنون الفرجة ببوحجلة
الفن كمقاومة: "أشلاء المسافة صفر" هي أكثر من مجرد مسرحية؛ هي مشروع فكري، نضالي، احتجاجي يعبّر عن آلام الشعب الفلسطيني. يعتمد الكشو في عمله على تقنية الارتجال والمشاركة التفاعلية مع الجمهور، مما يعكس إيمانه بأن الفن قادر على تجاوز حدود الفضاء المسرحي ليصبح أداة فعّالة في المقاومة. كما يصرح الكشو: "لا يكتمل العرض إلا بالنصر، مع النصر القريب جدا يصبح هذا العرض قابلا للفرجة".
رحلة "أشلاء المسافة صفر" عبر تونس: بدأت مسرحية "أشلاء" في قلب الملتقى الثقافي الحر الذي نظمته رابطة شعراء سيكا في أكتوبر 2023، وتطوّرت بسرعة لتصبح عرضًا مسرحيًا يجوب شوارع تونس وأماكنها الثقافية غير التقليدية. من ساحات عمومية إلى مراكز فنون درامية، ومن إذاعات إلى دور شباب، كان الكشو يسعى جاهدا لنقل أوجاع الشعب الفلسطيني إلى الجمهور التونسي، ناشرًا رسالته الإنسانية في أرجاء البلاد.
إصرار على إيصال رسالة المقاومة: تحوّلت المسرحية من نص شعري قديم إلى عرض مسرحي أدائي، حيث أصبح النص "أيقونة النصر الآتي" يواجه الأوضاع الطارئة بشجاعة فنية. الكشو يصف تلك اللحظة قائلاً: "كانت أحداث 7 أكتوبر 2023 نقطة فارقة لتضامن الشعراء مع أهلنا في غزة". هذا التحول لم يكن سهلًا، بل كان نتيجة لمشاعر قوية استمدها من ألم المعركة المستمرة، ومن عزمه على أن يضع الفن في خدمة القضية الفلسطينية.
من النص الشعري إلى المسرح الأدائي: في البدء، كان الكشو قد ألّف نصًا شعريًا يُحاكي معركة الأقصى، لكن مع تسارع الأحداث، تحوّل النص إلى "نقشة لفظية" أو "ومضة شعرية"، اختار من خلالها توظيف الجناس وتفعيل الأدوات البلاغية لتحفيز الحواس. كانت الكتابة في هذه المرحلة بمثابة محاولة لتجاوز عجزه أمام قسوة الواقع، لكن في كل مرة كان النص يتجدد، يثور، وينبض بالحياة.
الاحتجاج عبر الفن: إصرار نزار الكشو على أن يكون فنه أداة للاحتجاج المستمر على المجازر اللاإنسانية التي يرتكبها الاحتلال في غزة، جعل من "أشلاء المسافة صفر" عرضًا يتجاوز كونه عملًا مسرحيًا تقليديًا ليصبح صرخة متواصلة من قلب المعركة. هي دعوة للأحرار في العالم للاصطفاف مع الشعب الفلسطيني ووقف المجازر في حق الأبرياء.
"أشلاء المسافة صفر" ليست مجرد مسرحية، بل هي دعوة جمالية تعكس ألمًا مشتركًا، وتُظهر كيف يمكن للفن أن يكون ساحة للنضال والمقاومة. يواصل نزار الكشو تقديم هذا العمل كصرخة في وجه الظلم، ويأمل أن يصل صوته إلى العالم ليكون هناك نصر قريب، حتى وإن كانت المسافة بينه وبين هذا النصر صفرًا من الأوجاع.