تتالت ردود الأفعال على تصريح راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية بعد حديثه عن عزمه التقدم بتشريعات من شأنها إعادة العمل بنظام الأوقاف في تونس. وانتقد كثيرون الغنوشي على هذه التصريحات باعتبار أنها لا تخدم الاقتصاد التونسي كما لا تكرس مبدأ المساواة بين الجنسين.
تونس - أكدت كتلة حركة نداء تونس بالبرلمان، الأربعاء، أن اتفاق التنسيق بينها وبين كتلة حركة النهضة لا يفرض عليها القبول بكل المبادرات التي تقدمها شريكتها في الحكم، في إشارة إلى تصريح رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الذي أعلن فيه نية حزبه تقديم مشروع قانون للأوقاف لمجلس نواب الشعب.
وقال منجي الحرباوي البرلماني عن حزب نداء تونس الحاكم، في تصريح لـ“العرب”، إن “الاتفاق يمثل تعايشا حكوميا من أجل المصلحة الوطنية”. وأضاف أن “الاتفاق لا يلزم حركة نداء تونس بالقبول بكل مقترحات ومبادرات حركة النهضة التي تتقدم بها للبرلمان”.
وأوضح الحرباوي أن لنواب النهضة الحق في تقديم مبادرات تشريعية وأن أي مقترح يستوجب النقاش حوله وطرح نصوص وقوانين تتوافق مع الواقع.
وبداية يونيو الماضي، أعلنت حركتا نداء تونس والنهضة عن تشكيل هيئة عليا دائمة بين الحزبين والكتلتين تعقد جلساتها مرة كل شهر من أجل دعم التنسيق بين كل الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج والمشاركة في حكومة الوحدة الوطنية وتجديد التزام الحزبين بدعم الجهود المبذولة في الحرب على الفساد.
وبين الحرباوي أن “إرساء الهيئة كان للتنسيق من أجل النظر والتسريع في القوانين التي اقترحتها الحكومة لتجنب التعطيل في الجلسات العامة بالبرلمان”.
وأشعل تصريح الغنوشي بخصوص نية حزبه تقديم مشروع للأوقاف في تونس جدلا كبيرا في الأوساط السياسية والثقافية في تونس، امتدت تداعياته لتفتح نقاشا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي. ورفض البعض إثارة مسألة الأوقاف في تونس معتبرين أنه أمر من الماضي.
ودعا الغنوشي، الاثنين، كتلة الحركة البرلمانية إلى سن مشروع قانون للأوقاف.
ويمتلك حزب النهضة الإسلامي أكبر كتلة برلمانية بـ69 نائبا، يليه حزب نداء تونس العلماني بـ58 نائبا. والنهضة هي أحد أحزاب الائتلاف الحاكم بقيادة حزب نداء تونس.
وتابع أن “قانون الأوقاف سيجعل من التعليم تعليما اجتماعيا تضامنيا لا ينتمي إلى القطاع الخاص ولا إلى القطاع الحكومي”.
وقال الغنوشي إن “جامع الزيتونة لم يكن جامعة خاصة ولا جامعة عمومية، بل كان قطاعا ثالثا وهو قطاع الوقف أو ما يسمى بالاقتصاد الاجتماعي التضامني”.
وتابع “أملي أن تعطينا الكتلة النيابية للحركة قانونا للأوقاف ولهذا القطاع الثالث للاقتصاد التضامني”.
وقال المتحدث باسم حركة النهضة عماد الخميري، في تصريح لإذاعة محلية خاصة الثلاثاء، إن دعوة الغنوشي إلى تقديم مشروع قانون جديد “ليست حديثا عن الأوقاف بالمعنى التقليدي للكلمة”.
وأوضح أن المقصود من الدعوة هو البحث عن تشريعات تعطي الإمكانيات المادية اللازمة للتعليم العمومي التونسي مثل الجامعات الأجنبية، بالإضافة إلى قوانين مفيدة للعمل الأكاديمي. وأكد الخميري أن الدعوة مازالت مجرد فكرة ومن الممكن أن تشتغل عليها كتلة حركة النهضة في الأيام القادمة.
واستشهد الغنوشي في حديثه عن الأوقاف بنظام المؤسسة (foundation) في التعليم بالولايات المتحدة الأميركية، قائلا إن “80 بالمئة هو نظام وقفي”.
ورفض الحرباوي الحديث عن الأوقاف معتبرا أنها مسائل تعود إلى حقبات زمنية ماضية.
وقال “الأوقاف تجاوزها الزمن”، مضيفا “لن نعود إلى نظام الأوقاف الذي تخلينا عنه منذ 50 سنة، فهذه مسائل حسمت منذ الاستقلال”. وتسمى الأوقاف في تونس “أحباسا”. وصدر في يوليو العام 1957 قانون يتعلق “بإلغاء نظام الأحباس الخاصة والمشتركة”. وجاء في نص القانون الصادر في 18 يوليو 1957 “يمنع التحبيس (الوقف) الخاص والتحبيس المشترك ويعتبر لاغيا كل تحبيس من هذا القبيل”.
ورأى مراقبون أن دعوة الغنوشي في هذا التوقيت هدفها الرد على دعوة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إلى إصدار تشريعات تكرس مبدأ المساواة التامة بين المرأة والرجل خاصة في ما يتعلق بالتوريث.
وقال عادل اللطيفي الباحث في التاريخ، على صفحته على فيسبوك، “الحبس الخاص لا يعد تضامنيا في شيء لأن غاية المحبس هي إقصاء الإناث من الميراث نظرا لتحبيس الملك على الذرية من الذكور فقط وهو من الحيل الفقهية لتجاوز فقه الميراث”.
وأضاف “إن تسيير المؤسسة أي الفونداسيون يخضع للقانون المدني في كل الجوانب والحال أن الحبس يضبط بقواعد فقهية. ففي حالة الفونداسيون يمكن لأي مواطن إدارتها في حين لا يشرف على الوقف إلا مسلم ومطلع على فقه الحبس. وفي ذلك تعارض تام مع الدستور في المساواة بين المواطنين”.