يعتبر الشاعر الغنائي الجليدي العويني واحدا من الشعراء المهمّين الذين صنعوا ربيع الأغنية التونسية، بل وتجاوز الكتابة الشعرية إلى الفرجة من خلال عروضه المتنوّعة التي جاب بها ربوع البلاد، ممّا يؤكّد أن هذا الرجل صاحب مشروع شعري كبير ظلّت معالمه تتضح من يوم إلى آخر.
وقد شارك ذات الشاعر في الدورة الأولى لأيام قرطاج الشعرية كمقدّم للأمسيتين الشعريتين الخاصتين بالشعر الشعبي والشعر الغنائي، كما ألقى بعض قصائده في هذا العرس الشعري الدولي... وقد استضفناه وتحدّثنا معه عن مشاركته في هذه الأيام وعن جديده في دردشة نقرأ تفاصيلها في هذه المساحة:
٭ كيف كانت ردة فعلك عندما سمعت ببعث أيام قرطاج الشعرية؟
ـ أيام قرطاج الشعرية مقترح قديم طالبت به أجيال من الشعراء منذ ثمانينات القرن الماضي وأصبح المقترح مطلبا بعد بعث أيام قرطاج الموسيقية في 2010 لتتمة مربع هذا التظاهرات الدولية التي تجعل تونس قبلة أنظار المبدعين في إفريقيا والعالم العربي والفضاء المتوسطي.. إلى ان جاء قرار تجسيم المطلب في احتفالية الموسم الثقافي ببيت الشعر في أكتوبر الماضي عندما أعلن وزير الشؤون الثقافية الدكتور محمد زين العابدين عن تأسيس الدورة الأولى لهذه التظاهرة التي تسعد كل أهل الشعر آملين أن تتواصل بدورية سنوية شأنها شأن أيام قرطاج في السينما والمسرح والموسيقى.
٭ كيف تقيم الدورة الأولى لأيام قرطاج الشعرية؟
ـ برغم اللغط الكثير المنطلق من رغبة الجميع في المساهمة والواقع تحت قاعدة رضاء كل الناس غاية لا تدرك وخاصة في تونس، فإن الأيام حققت منجزا هاما بضيوفها من الوافدين على تونس و بشعراء البلد، بأمسياتها وندواتها وخاصّة بالإقبال الجماهيري اللافت على سماع الشعر.. والجميل أن الدورة الأولى تزامنت مع افتتاح مدينة الثقافة وهي أول تظاهرة دولية تتم في الصرح الجديد فكانت أجواء الدورة ذات بعد إبداعي واحتفالي في نفس الوقت.
٭ ماذا عن مساهمتك في هذه الدورة؟
ـ كنت من المبادرين باقتراح تخصيص حيز لمن يكتبون الشعر باللهجة التونسية فمثلما سيستمع المتابعون لشعر بالفصحى وبلغات أخرى أجنبية جدير بهم أن يستمعوا إلى نبرتنا الخاصة ولقي المقترح استجابة من مديرة الدورة الشاعرة جميلة الماجري ودعما من السيد وزير الشؤون الثقافة و خصصت لهذا الضرب من القول أمسيتان بمشاركة اثني عشرة شاعرا من تونس والشاعر مطر البريكي من عمان وهي إشارة إلى مشاركة عربية قادمة وأوسع لشعراء اللهجة.. من جانبي قمت بتقديم الأمسيتين وآمل أن أكون قد وفقت.
٭ هل ترى أن هذا النوع من الشعر اخذ المكانة التي يستحق في هذه الدورة؟
ـ تخصيص أمسيتين في الدورة التأسيسية وكبداية يعتبر مكسبا نأمل أن يتعزز في الدورات القادمة بحضور شعراء لهجة من خارج تونس وان يحضر جيل جديد من شعراء اللهجة التونسيين كما آمل ان تكون هناك ورشة خاصة بالشعر الغنائي يحضرها شعراء وموسيقيين تنبثق منها أعمال جديدة مغناة.
٭ هل أنت مع حضور أيام قرطاج الشعرية في الجهات؟
ـ أريد أن انوّه بأن عددا من شعراء اللهجة الذين لم يحضروا الى أمسيتي مدينة الثقافة شاركوا في أمسيات بجهاتهم وهو ما يبين أهمية حضور أيام قرطاج الشعرية في الجهات مع الأمل مستقبلا ان ينتقل الضيوف القادمون من خارج تونس إلى داخل البلاد ليلقوا قصائدهم في منابر أخرى ولا نكتفي بحضورهم في العاصمة.
٭ كشاعر غنائي ما استفادة الأغنية من أيام قرطاج الشعرية؟
ـ أيام قرطاج الشعريّة بساط لتجارب مختلفة بما يعنيه الشعر من تحليق وتجريد واعتماد تقنيات كتابه وتصوير مبتكرة وهو ما قد لا تحتمله الأغنية التي يظل مطلبها التبسيط والمباشرتيه والايام فرصة لشعراء الاغنية للاطلاع على عوالم اخرى قد تفيدهم في اكتشاف تقطيعات وبنى واجراسا جديدة، ولكن يمكن ان تفسح الايام كما اشرت سابقا بعض مجال لورشات تعامل وتعامل بين الشعراء والموسيقيين الواجب اغراؤهم بالحضور لان الشعر حبيب الموسيقى منذ تعارفا.
٭ انت تحضر الأيام كشاعر بنصوصك المعروفة في الأغاني وبأخرى ذات أشكال ومضامين قد لا تجد طريقها الى التلحين فلماذا لا تنشر تجاربك الاخرى فعلى حد علمي لك ديوان وحيد وهو "الأغاني المنسيّة" الصادر في 2003؟
ـ أنا بالأساس اصنع قصائد للغناء غير أني أريد التجريب في مواطن أخرى مما أثمر نصوصا لم تجد طريقها الى اوتار الملحنين وهو ما جعلني افكر مجددا في النشر وسيكون بحول الله اصدار جديد في الفترة القادمة بالاشتراك مع دار الإتحاد للنشر في شكل ديوان مقروء ومسموع.
٭ أين اتحاد الشعراء الشعبيين ومؤلفي الأغاني وأين مجلته المحفل؟
ـ الاتحاد جمعية قديمة تبلغ العام القادم الأربعين من عمرها (تأسست سنة 1979) ولكن هذه الجمعية مرت بفترات نشاط وفترات ركود ولابد للشعراء الغنائيين والشعبيين من إعادة حيويتها بعقد مؤتمر واختيار هيئة شابة وفاعلة تعيد الحياة ايضا الى مجلة المحفل التي كانت مختصة في نشر شعر اللهجة والدراسات ذات العلاقة بمضامينه وايقاعاته وبه كعنصر هام في منظومة التراث اللامادي.
٭ وختاما ماذا تقول؟
ـ لست ادري كيف يمكن للشاعر الغنائي ان يكون معترفا به قانونيا فنحن نعيش بجانب الموسيقيين والمسرحيين الحاملين لبطاقات احتراف وهي الوثيقة التي صارت مطلبا ملحا للإدارة فلابد لإدارة الموسيقى ومؤسسة حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة واتحاد الكتاب التونسيين وغيرها من الهياكل المعنية من اقتراح حل لهذا الاشكال .
حاوره: عادل الهمامي