تسابق تونس الزمن من أجل تنفيذ استراتيجيتها المتعلقة بإنتاج الطاقة البديلة من خلال خطط طموحة لتشجيع القطاعين العام والخاص للاستثمار في هذا القطاع المستدام لتغطية الطلب المتزايد على الطاقة.
تونس- كشفت تونس عن معالم خطة لإنتاج الطاقة المتجددة من أجل تلبية احتياجات البلاد المستقبلية من الطاقة بعد توقعات ببدء تراجع إنتاج النفط والغاز في البلاد والذي يعدّ المحرك الأساسي لإنتاج الكهرباء.
وقال المنصف الهرابي مدير عام للشركة التونسية للكهرباء والغاز (ستاغ)، خلال ندوة حول الطاقة الشمسية عقدت في تونس إن بلاده “تتجه إلى إنتاج 12 بالمئة من حاجتها الطاقية عبر المصادر المتجددة بحلول 2020”.
وأوضح أن بلاده تعتزم رفع الإنتاج إلى حدود 30 بالمئة من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 وذلك بإحداث مشاريع ضخمة في مجال الطاقة الشمسية. ووفق البيانات الرسمية، فإن حجم الإنتاج من الطاقة البديلة لا يزيد حاليا عن نحو 4 بالمئة من حاجيات البلاد، أي ما يعادل 148 ميغاواط فقط.
وتعي السلطات أهمية هذا القطاع، ليس لتوفير فرص العمل وحفز الاستثمارات في القطاعين العام والخاص، بل أيضا لمواجهة المصاريف التي تثقل كاهل الدولة.
وأكد مدير شركة الكهرباء المملوكة للدولة إن “القطاع العام سينتج 300 ميغاواط من الطاقة الشمسية و80 ميغاواط من طاقة الرياح في الجنوب التونسي، بينما سيتكفل القطاع الخاص بإنتاج 1.5 غيغاواط بحلول 2020”.
وبدأت تونس في الفترة الأخيرة في بناء ستة مشاريع طاقة شمسية ومشروعين لطاقة الرياح لتأمين حاجتها.
وتقترب شركة الكهرباء من عملية إنجاز محطة لإنتاج الطاقة في محافظة توزر جنوب البلاد بطاقة إنتاج تقدّر بنحو 10 ميغاواط من الطاقة الشمسية.
ووضعت الحكومة في نطاق خطة بعيدة المدى تحت اسم “أطلس الرياح” تهدف إلى تعزيز دور القطاع وذلك من خلال تحديد أماكن تركيز محطات الرياح في أنحاء البلاد.
وأتاح هذا الإجراء اعتماد قائمة مفصلة للمشروعات المتوقع إنجازها على مراحل في إطار المخطط الخماسي للدولة الذي ينتهي في 2020.
وتنتج تونس يوميا 45 ألف برميل نفط يوميا لا تغطي سوى 40 بالمئة من احتياجاتها وتمثل نسبة مساهمة الطاقة المتجددة 3 بالمئة من مجموع الإنتاج، وفق بيانات إحصائية رسمية.
وقال وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة خالد قدور في تصريحات إعلامية إن “الطاقة المتجددة مجال استراتيجي لأن إمكانيات تونس من الوقود قليلة جدا والإنتاج يمثل 50 بالمئة على الأكثر من الاستهلاك”.
ويقول خبراء إن توجه تونس نحو الطاقة البديلة يأتي في ظل اتساع العجز في توفير الطاقة إذ ارتفعت واردات الطاقة خلال السنوات السبع الأخيرة بنحو 45 بالمئة، مع انخفاض في معدل إنتاجها، الذي من التوقع أن يصل إلى ما دون 15 بالمئة في العقد المقبل.
ومن الواضح أن الحكومة بدت مجبرة على تحفيز الاستثمار في الطاقة البديلة للضغط على كلفة إنتاج الكهرباء وذلك انسجاما مع ما جاء في موازنة العام الحالي بهدف الحد من الإخلال الذي يسببه ذلك على التوازنات المالية للبلاد، والتي تشكو عجزا متفاقما منذ سنوات.
وستكون تلك المشاريع مجرد انطلاقة فقط من أجل بلوغ مستوى إنتاج بمقدار ثلث احتياجات البلاد من الكهرباء بواسطة الطاقات المتجددة بحلول العام 2030.
وتستهدف تونس إنتاج نحو 16 غيغاواط من الطاقة المتجددة لمواجهة النقص الحاصل في الطاقة الكهربائية بكلفة استثمار تقدر بنحو سبعة مليارات دولار مما سيمكّن الدولة من توفير قرابة 13 مليار دولار من قيمة الفاتورة الاستهلاكية الإجمالية للبلاد.
ويراهن المسؤولون كثيرا على تلك المشاريع لجذب المزيد من الاستثمارات بعد أن وضعت الحكومة نصب عينيها النهوض بهذا القطاع الواعد، فضلا عن كونه سيحقق قفزة نوعية في التنمية بعدد من مناطق البلاد.
وكانت تونس قد أطلقت في مارس الماضي، مشروعا ذكيّا لتطوير الشبكة الكهربائية، في خطوة تهدف إلى التحوّل إلى الطاقات النظيفة وإنقاذ شركة الكهرباء في ظل تفاقم خسائرها التي بلغت 450 مليون دولار.