خبراء اقتصاد يحثون على خلق ديناميكية جديدة خصوصا مع أميركا اللاتينية ودول الخليج العربي، ويحملون الصراعات السياسية مسؤولية تدهور الاقتصاد التونسي.
تونس- أحيت تصريحات أميركية وأوروبية تنتقد الوضع في تونس مطالب لدى سياسيين وخبراء ببناء علاقات اقتصادية وتجارية متنوعة بعيدا عن نفوذ الشركاء الغربيين الذي يسمح لهم بتوجيه “نصائح” أو “إملاءات” تخص قضايا محلية مثلما هو الأمر مع الانتقال السياسي الذي يقوده الرئيس قيس سعيد.
ويقول خبراء اقتصاديون إن محاولات التأثير السياسي لسفراء بعض الدول الغربية تعطي تونس فرصة للتفكير في توسيع شبكة شراكاتها الاقتصادية على قاعدة المصالح المشتركة دون أن يعني ذلك قطيعة مع الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي اللذين يظلان شريكين متميزين.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي الشريك الاقتصادي الأول لتونس، ويستأثر بأكثر من نصف المبادلات التجارية التونسية، وأغلب المستثمرين الأجانب في تونس ينتمون إلى دول الاتحاد الأوروبي.
ويقول الخبير الاقتصادي التونسي عزالدين سعيدان إن “المبادلات التجارية لتونس مع الاتحاد الأوروبي تفوق نسبة الـ60 في المئة، وهو رقم مهم، لكن هذه الحظوة لا يمكن أن تعزل البلاد عن بقية دول العالم”، معتبرا أن تجاوز “هذا الوضع يتطلب وقتا إضافيا وسياسة واضحة من السلطات”.
وأضاف سعيدان أن أوروبا تسعى للمحافظة على هذه العلاقة مع تونس، لكنه لفت إلى تقصير في الانفتاح على الصين وعلى الاقتصادات الأخرى، وأنه لا يوجد تشجيع من أجل التوجه نحو الأسواق الجديدة.
وحث على خلق ديناميكية جديدة خصوصا مع أميركا اللاتينية ودول الخليج العربي، محملا الصراعات السياسية في العشرية الأخيرة مسؤولية الوضع الذي وصل إليه الاقتصاد التونسي.
وفي ظل الشروط السياسية التي يلوّح بها بعض الشركاء الغربيين مثل عودة البرلمان وإجراء إصلاحات اقتصادية سريعة مقابل الاستمرار في تقديم المساعدات لفائدة تونس، دعا سياسيون وخبراء اقتصاديون إلى وجوب أن تتجه تونس إلى وجهات أخرى للحصول على دعم يساعدها في الخروج من أزمتها وفي نفس الوقت يجنّبها الاستجابة للضغوط.
ويقول هؤلاء إن تونس يمكن أن تجد في الدعم العربي، وخاصة الخليجي، فرصة للتحرر من تلك الضغوط، وهو دعم سبق أن حصلت عليه مصر والسودان من أجل إنجاح ثورتيهما اللتين أطاحتا بأنظمة محسوبة على الإخوان المسلمين.
وطالب البرلمان الأوروبي الخميس تونس باستئناف العمل الطبيعي لمؤسسات الدولة، بما في ذلك العودة إلى ما أسماه “الديمقراطية الكاملة والنشاط البرلماني في أقرب وقت ممكن كجزء من الحوار الوطني، والإعلان عن خارطة طريق واضحة”.
ويعتقد مراقبون محليون أن بعض المؤسسات الأوروبية والأميركية واقعة تحت تأثير تقارير مضللة لجماعات ضغط موالية للإسلاميين والدول الداعمة لهم، وأن الحل يكمن في حوارات صريحة مع الدول المعنية من أجل تقديم صورة حقيقية عن واقع البلاد. وكان الرئيس قيس سعيد شرح خلال اتصال هاتفي مع مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الأسباب التي دعته إلى اتخاذ التدابير الاستثنائية بناء على نصّ الدستور ووفق الإجراءات التي تضمنها، مشيرا إلى المغالطات التي يعمل البعض على إشاعتها حول وضع الحقوق والحريات في حين أن الباب المتعلق بالحريات في الدستور لم يقع المساس به، حسب بلاغ لرئاسة الجمهورية.
بالتوازي، حذر الخبراء من الانسياق وراء خطوات غير مدروسة وتحت تأثير الشعارات، ما قد يجلب مصاعب إضافية على البلاد.
وقال وزير المالية الأسبق حسين الديماسي إن “أوروبا شريك استراتيجي واقتصادي لتونس، وما يحول دون البحث عن أسواق جديدة هو محدودية طاقة الاستهلاك”، مشددا في تصريح لـ”العرب” على “وجوب تحسين الإنتاجية، والتحكم في كلفة الإنتاج لتحقيق نتائج ناجعة”.
خالد هدوي
صحافي تونسي