الفساد والتعقيدات الإدارية يعرقلان إجراءات بيع سيارات عائلة بن علي المصادرة والتي بدأ عرضها للعموم في مزادات منذ عام 2014.
قصور وسيارات ويخوت فخمة تمت مصادرتها من عائلة الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن على، جرى التفويت في بعضها بالبيع لصالح خزينة الدولة، لكن غلاء الأسعار والفساد الإداري يعرقلان عملية بيع السيارات الفارهة واليخوت ويهددها بأن تصبح خردة غير صالحة إلا للعرض في ظرف اقتصادي خانق تحتاج فيه البلاد إلى الأموال.
تونس - تسابق شركة “كروز تور” في تونس عقارب الساعة للانتهاء من مهمّة تسويق وبيع السيارات الفارهة لعائلة الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي وأصهاره بعد سنوات من مصادرتها وتعثر عمليات التفويت فيها رغم تعدد عرضها في مزادات.
ولا ترتبط القضية بارتفاع قيمة السيارات المصادرة والتي بدأ عرضها للعموم وفي مزادات منذ عام 2014، ولكن إجراءات البيع اصطدمت بتعقيدات إدارية إلى جانب الكشف عن عمليات اختلاس وفساد مالي أثناء عملية البيع، أدت إلى تعليق عمليات التسويق لأكثر من عامين.
ويوضح مصطفى بهلول، المدير الجديد الذي استلم منصبه بشركة “كروز تور” بعد تسوية ملف الفساد المالي، أن الشركة بدأت بالفعل بتسويق وبيع السيارات على ثلاث مراحل، شملت بداية السيارات المتضررة ثم السيارات متوسطة القيمة ثم السيارات الفارهة.
وأفاد بهلول في حديثه مع صحيفة “العرب” “نحن الآن في المرحلة الأخيرة ونأمل بأن يتم طي ملف السيارات المصادرة قبل نهاية 2018”.
وفي الجملة صادرت لجنة المصادرة أكثر من 160 سيارة على ملكية عائلة بن علي والمقربين منه. وبحسب المسؤول نجحت الشركة في بيع أغلب السيارات المتضررة باستثناء اثنتين، بينما جرى بيع كل السيارات متوسطة القيمة.
وطرحت الشركة في سبتمبر 11 سيارة فارهة مازالت تحتفظ بهيئتها النظيفة في معرض خصّص للعموم وللراغبين في اقتنائها على أن يتم تنظيم مزاد علني بشأنها في موعد لاحق، بينما لا تزال على ذمة الشركة 10 سيارات أخرى سيجري تسويقها في مرحلة لاحقة.
ولم توضح الشركة الأسعار المقترحة لبيع السيارات لكن مصطفى بهلول أوضح أن قاضي المصادرة كان كلف خبراء بتحديد قيمتها في السوق قبل أن يجري عرضها في مزاد علني.
ورغم مرور عدة سنوات على مصادرة السيارات منذ 2011، إلا أن بهلول لفت في إفادته قائلا “لم نشعر بأن قيمتها قد تراجعت. قد تكون أسعارها تدنّت في السوق غير أن انزلاق العملة الوطنية (الدينار) ساعد بشكل أساسي على احتفاظها بقيمة عالية”.
وعند عرض السيارات لأول مرة عام 2014 حدّدت الحكومة آنذاك أسعارا تتراوح بين 100 ألف و170 ألف دينار، مع أن معدل الأسعار عند الاقتناء لبعض السيارات الفارهة يتراوح ما بين 300 ألف يورو و700 ألف يورو بحسب لجنة المصادرة.
وجاء في إفادة للمدير السابق لشركة “كروز تور” لسعد حميد، أن السيارة بورش 356 مثلا بيعت واحدة مثيلتها في معرض بهونغ كونغ بمليون يورو. وفي اعتقاده فإنه من الصعب أن يدفع مشتر في تونس هذا المبلغ.
وتضم قائمة السيارات الفارهة المدرجة للبيع، سيارات مرسيدس وبي أم دبليو، ورولز رويس وبورش وفيراري، إضافة إلى سيارة المايباخ الخاصة بالرئيس الأسبق بن علي.
11 سيارة فخمة مازالت تحتفظ بهيئتها النظيفة في معرض للعموم وللراغبين في اقتنائها
وظل الخلاف قائما بشأن مصير سيارة المايباخ، حتى وقت قريب، إذ كانت الفكرة أن يتم إلحاقها بسلطة وزارة الثقافة لعرضها بشكل دائم في متحف للذاكرة الوطنية، كما كان الحال مع سيارتي المرسيدس الشهيرتين للزعيم الراحل الحبيب بورقيبة.
ولكن تقرر في نهاية المطاف إلحاق المايباخ بقائمة السيارات التي سيجري التفويت فيها في مزاد علني، دون أن يتم الكشف عن السعر المبدئي لقيمتها.
وعلق بهلول على الجدل الذي رافق القيمة الحقيقية للسيارة قائلا، “جرى الحديث في وسائل الإعلام عن أسعار متضاربة للمايباخ وحدث تضخيم كبير في ذلك، لكن سيتحدد السعر بشكل شفاف في موعد المزاد العلني”.
ولكن المفاجأة، أن من بين السيارات التي صودرت من ملكية عائلة بن علي وأصهاره تواجدت السيارة العسكرية القديمة التي كانت على ملك الجنرال الألماني إرفين رومل، والتي تركت في الجنوب التونسي أين خاض القائد الألماني آخر معاركه بشمال أفريقيا ضد جيوش الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية.
وأوضح بهلول، “نظرا لقيمتها التاريخية، فقد ألحقت السيارة بمتحف مارث العسكري في مدينة قابس لتكون تحت تصرف وزارة الدفاع”.
وإلى جانب السيارات المتبقية، تحاول الشركة أيضا الانتهاء من بيع يخوت لا تزال حتى اليوم راسية في موانئ بسيدي بوسعيد في تونس وفي سوسة. وبعضها أصبح في حالة متهالكة بسبب غياب الصيانة ما أفقدها الكثير من قيمتها السوقية الأصلية.
وقد نجحت الشركة في وقت سابق في بيع اثنين من اليخوت بقيمة جملية تفوق 600 ألف يورو، وهما يعودان إلى ملكية شركتين مصادرتين لصهري الرئيس الأسبق.
ومن بين اليخوت القابعة في ميناء سيدي بوسعيد، يخت يعود إلى رجل الأعمال بلحسن الطرابلسي صهر بن علي، كان قد استخدمه للفرار مع عائلته إلى إيطاليا ليلة الإطاحة بحكم بن علي قبل أن تستعيده السلطات التونسية لاحقا من مدينة تراباني الإيطالية.
وحدّدت لجنة المصادرة قيمة اليخت بـ320 ألف دينار لكن قيمته الحقيقية تفوق هذا الرقم بكثير، إذ أن الحالة المتهالكة للمركب وافتقاده لأعمال الصيانة الدورية قلصا كثيرا من قيمته. وبحسب اللجنة لا تقل قيمة اليخوت المصادرة عن مليون يورو للواحد عند الاقتناء.
ويقول عادل الخليفي، رئيس ميناء سيدي بوسعيد، “القضاة المتعهدون بالتصرف في الأملاك المصادرة لم يعتنوا بالمقتنيات مع أنها أملاك عامة، من المؤسف أن يتم التهاون في ذلك”.
ويضيف الخليفي “بعض اليخوت لا تتعدى قيمتها الآن 200 ألف دينار.. نحن أيضا نواجه مشكلة في استخلاص رسوم الإرساء في الميناء.. يتعيّن علينا انتظار عملية البيع لضمان الاستخلاص”.
اقتصاد تونس | توانسة
سيارات عائلة بن علي الفارهة متوقفة عن الحركة في تونس
- قسم التحرير / متابعات
- الزيارات: 1225