إقرار مشروع ميزانية 2019 بعجز يقدر بنحو 30 بالمئة، واستمرار النزاع مع الحوثيين يوسع جبهات الفقر والبطالة.
بثت الحكومة اليمنية الشرعية بعض التفاؤل بإمكانية تخفيف الأزمات الاقتصادية بالإعلان وللمرة الأولى منذ 4 سنوات عن مشروع ميزانية للعام الحالي، في ظل تحديات كبيرة يختزلها اتساع جبهات الفقر والبطالة نتيجة استمرار النزاع مع الحوثيين.
سيئون (اليمن) - تكافح الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا لإعادة عجلة الاقتصاد المشلول للدوران مرة أخرى استنادا على مشروع ميزانية العام الحالي، والتي عرضته أمام البرلمان مؤخرا، وذلك رغم الأزمات المتراكمة.
ووفق وثيقة لوزارة المالية، فإنه تم اعتماد مشروع ميزانية 2019 بناء على الميزانية السابقة بعجز يقدر بنحو 30 بالمئة، ما يعني أنها تقشفية نظرا للظروف التي تعيشها البلاد.
ويقدر إجمالي الإيرادات المتوقعة بنحو 980 مليار ريال (نحو 2.2 مليار دولار)، بينما يتوقع أن يبلغ مستوى الإنفاق 1.45 تريليون ريال (نحو 3.3 مليار دولار).
واعتمدت الوزارة في وضع الميزانية، التي من المرجح أن يصادق عليها البرلمان خلال الفترة القليلة المقبلة، على أساس سعر برميل نفط يبلغ 50 دولارا وسعر صرف الدولار عند 400 ريال مع تحريك سعر الدولار الجمركي تدريجيا إلى 300 ريال للدولار بدلا عن 250 ريالا للدولار حاليا.
وتسعى الحكومة الشرعية إلى جانب معركتها في استعادة أجهزة الدولة من الحوثيين للحفاظ على اقتصاد البلاد من خطر الانهيار الشامل، الذي ينذر بتداعيات كارثية أكبر على حياة المواطنين.
ونسبت وكالة الأنباء اليمينة الرسمية (سبأ نت) لرئيس الحكومة معين عبدالملك قوله أمام البرلمان المنعقد الأحد في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت إن “معدلات الفقر قفزت إلى 80 بالمئة من إجمالي سكان البلاد”.
وأرجع ذلك إلى تدهور النشاط الاقتصادي وتوقف الرواتب وانعدام فرص العمل والنزوح الإجباري للمواطنين “بفعل الانقلاب والحرب والإجراءات التعسفية للميليشيات الحوثية”.
واستولى الحوثيون على 85 بالمئة تقريبا من الإيرادات العامة للدولة من ضرائب وجمارك وحصص الدولة في المؤسسات والشركات العامة، إضافة إلى الجبايات غير القانونية تحت مسميات مختلفة مما فاقم العجز في مالية الدولة.
وأكد عبدالملك أن ذلك الوضع أفضى إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 48 بالمئة خلال أربع سنوات من الحرب، كما تم استنزاف احتياطيات البلد الخارجية البالغة 5 مليارات دولار خلال عام واحد.
وتسببت الاضطرابات الأمنية في اضطراب الأسواق المحلية بكافة المحافظات وسحب العملة الصعبة منها، وبالتالي ارتفاع قيمتها مقابل الريال، مما انعكس بشكل مباشر على أسعار السلع المختلفة.
وتظهر تقارير دولية أن النمو الاقتصادي تراجع بشكل بالغ منذ سيطرة ميليشيات الحوثي على العاصمة صنعاء أواخر 2015 بسبب الأزمات الحادة في الوقود والكهرباء والغذاء والمياه والنقل والتعليم والرعاية الصحية.
ووفق رئيس الحكومة تم تدمير 45 بالمئة من المنشآت الصحية بسبب الحرب، وتوقف نحو 50 بالمئة من المنشآت الأخرى عن العمل بسبب تعرضها لنهب معداتها.
وفي ظل الأزمة، تسعى الحكومة لاتخاذ حزمة من التدابير لتتمكن من الوصول لتحقيق أهدافها في مجالات السياسات المالية والنقدية والحماية الاجتماعية، لبلوغ التعافي الاقتصادي والتنموي وإعادة الإعمار بمساندة كل من السعودية والإمارات.
وواصل الحوثيون تدمير مؤسسات الدولة ونفذوا اعتداء جديدا مطلع هذا الشهر على خطوط أنابيب نقل النفط الخام التابعة لشركة صافر لعمليات استكشاف وإنتاج النفط من أجل تمويل حروبها.
وقالت الشركة في بيان حينها إن “ميليشيا الحوثي الانقلابية اقتحمت محطة تخفيض ضخ النفط الخام بمحافظة ريمة وسحبت الخام منها ومن الأنبوب الرئيسي للتصدير الممتد من حقول الإنتاج بمحافظة مأرب إلى الخزان العائم برأس عيسى في الحديدة”.
ويواجه اليمن نقصا حادا في الوقود وارتفاع أسعار الأغذية، حيث يعاني أكثر من 20 مليون يمني من بين 28 مليون نسمة، من مجاعة بسبب الأزمة، وفق الأمم المتحدة.
ويزيد الشعور بالإحباط في العاصمة صنعاء، التي يسيطر عليها الحوثيون، إذ تعمق الأزمات الاقتصادية المتراكمة حالة الإحباط واليأس بين السكان.
ويقول مفتاح محمد، سائق سيارة أجرة، لوكالة شينخوا الصينية إنه وقف في طابور لمدة أربع ساعات للوصول إلى مضخة الغازولين حتى يملأ خزان سيارته، لكنه عاد دون أن يحصل على مبتغاه.
ونفس الأمر واجهه سائق الأجرة أبوقايد حاتم الذي ظل ينتظر في طابور طويل ليملأ خزان سيارته حتى يستطيع العمل والحصول على أموال لأطفاله.
وقال “نريد أن نعيش حياة طبيعية… أتمنى أن تنتهي أزمة الوقود والحرب في أقرب وقت ممكن”.
ولجأ الآلاف من الموظفين للعمل كسائقين على سيارات أجرة لكسب الرزق وإطعام أسرهم بسبب عدم حصولهم على أجورهم لمدة تناهز ثلاثة أعوام.
ويؤكد سكان العاصمة أنّ هناك محطتي وقود فقط تعملان في صنعاء، حيث نفذ الوقود في 200 محطة أخرى. ووصلت صفوف السيارات المنتظرة لأكثر من 3 أميال أمام محطتي الوقود.
ويعود العديد من السائقين إلى منازلهم بخزان الوقود فارغا ويكون عليهم إما الانتظار لمدة يومين أو ثلاثة أيام أمام محطات الوقود وإما شراء وقود من السوق السوداء بضعف الثمن.